سلايدر

وزير خارجية المغرب: الواقع العربي بات أكثر تعقيدا عما جاء بجدول الأعمال وتطوير الجامعة العربية ضرورة مُلحة

استمع

 

أشرف أبو عريف

فى كلمتة أمام الدورة 148 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري اليوم، هنأ معالي السيد ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، السيد/ محمود علي يوسف، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، لجمهورية جيبوتي، على توليه رئاسة الدورة الحالية لمجلسنا، مُتمنيا له كل التوفيق. وتقدم بالشكر للسيد/ عبد القادر المسهيل، وزير الشؤون الخارجية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، على ما بذلَهُ من جهود في حسن إدارة أشغال الدورة السابقة للمجلس. وكذا شكر  بوريطة السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، وطاقمه على الإعداد الجيد للمؤتمر.

وقال وزير الشؤن الخارجية المغربى “إن إلقاء نظرة على جدول أعمالنا يُحيلُـنا على التحديات الكبيرة الماثلة أمامنا لتحقيق الأمن لبلداننا ولتسوية الأزمات التي حلَّت في بعض أقطارنا.”

وأضاف بوريطة، “ربما قد نكون أصَبْنَا في التوصيف الذي اعتمدناه لصياغة التقارير المعروضة علينا ومشاريع القرارات التي سنَتبناها بعد قليل، وربما نكون قد تجاوزنا بعض الصعوبات في التوصل إلى توافقات حول عدد من الرؤى والمقتضيات والصياغات. لكن، الواقع العربي قد يكون أكثر تعقيدا حتى مما هو وارد في جدول الأعمال ولا تعكسه مشاريع النصوص، إذ تظل مخاطر أخرى قائمة، منها ما هو ظاهر ومنها ما هو مبطن.”

وأشار بوريطة إلى: أن الواقع العربى بات نستشعر صعوبتَه ومعنا جميعُ أبناء شعوبنا، نظرا لتراكم بعض المشاكل وتعَقُّدِها وتأخُرنا في تجميع الجهود للتغلُّبِ عليها. لكن أليس مِنْ الشِّدادِ ما يُفَجِّرُ الطاقات ؟ أليس مِنْ المِحَنِ ما يَسْتَنْهِضُ الهِمَمَ ؟ نعم، بإمكاننا، فُرادا وجَماعة، أن نُزيح عنَّا شبح الفشل وأن نُوِلِّدَ الأمل وأن نُبْدِعَ في العمل.. ولعل هذا هو ما يجرني إلى الحديث عن المضي قدما في مسار من بين عشرات مسارات الإصلاح التي ينبغي نهجها ألا وهو سبيل تطوير منظومة جامعة الدول العربية، تلكم المؤسسة التي تجمعنا ونعتَزُّ بالانتماء إليها.

وأكد وزير خارجية المغرب أنه إذا كان من المُجدي الاهتمام في هذا الإصلاح بالجوانب التدبيرية، بما فيها ترشيد النفقات، فإن ذلك لا يمكن أن يكون هدفا في حد ذاته، بل ينبغي التركيز على المنظور المشترك الذي نَبْتَغيه، وعلى الآليات التي ستسمح لنا بتعزيز تعاوننا كدول وإدارات وقطاع خاص ومجتمع مدني، حتى تَعْكِسَ منظمتُنَا قُوَّةَ إرادتِــنا ومدى الفعالية التي سَنُصْبِغُها على الأداة التي اخترناها لكي تضطلع بقسط من التنسيق فيما بيننا.. ومما لا شك فيه أن الثقة وروح المبادرة ووضعأجندة ديناميكية تتناسب مع تطور الأوضاع وتجدد الاحتياجات ومستلزمات التفاعل مع الآخر، ستُحَقق لنا ما نصبو إليه من تطوير منشود لجامعتنا حتى يتعاظم دورها في الدفع بمسارات التنمية في منطقتنا والدود عن مصالحنا.

وعلق بوريطة على القضية الفلسطينية قائلا، “إن التأخر في حل القضية الفلسطينية والأزمات التي تعرفها سوريا واليمن وليبيا والعراق يسبب آلاما كثيرة لأشقائنا في هذه البلدان ويؤثر سلبا على مستقبلهم، بل إن هذه الأزمات وكل خلاف آخر يَطْرَحُ تحديات إضافية أمام النهوض بمجموعتنا. وإذا كنا نفتقد، اليوم، للقدرة على تسوية المشاكل داخل البيت العربي، فذلك ليس قدرا محتوما، بل بإمكاننا أن نسترجع التحكم في مصيرِنا عبر نَبْذِ الفرقة والانقسام وإعلاء قيم التضامن وتفعيل التعاون والعمل المشترك.”

وحول ظلهرة الإرهاب، قال بوريط “من طبيعة الحال، إننا كجزء لا يتجزأ من المجتمع الدولي، سنبقى متفاعلين معه ومنفتحين على جميع مكوناته لأن مِنَ التحديات ما هُوَ عابرٌ للقارات كظاهرة التطرف والإرهاب التي تهدد بلداننا ودول أخرى في العالم، وتستوجب تضافر مجهودات المنتظم الدولي برمته للقضاء عليها وفق مقاربة مندمجة، بعناصرها الأمنية والفكرية والتنموية. ولعل ما حققه العراق في هذا الصدد لجدير بالإشادة لأنه ماضٍ، بثبات في القضاء على الإرهاب وفي درب استرجاع مقدرات الدولة العراقية ووحدتها وأمن مواطنيها واندماجها ضمن محيطها الإقليمي والدولي. ونجدد تأييدنا لوحدة هذا البلد العربي الشقيق ضد كل محاولات التمزيق والانقسام.”

وأضاف بوريطة، “لا أحد ينكر أن القضية الفلسطينية، التي طال أمدها وتفاقمت معها معاناة الشعب الفلسطيني، حالة ظلم شديد، تُشكل مصدرَ العديد من الإحباطات والغُبْن وردود الفعل المختلفة والمتباينة، وهو ما يستوجب تدخلا قويا ومنسقا من طرف المنتظم الدولي لوقف هذا الانتهاك للحق وللمواثيق الدولية، ولكي تنهي إسرائيل احتلالها لأرض فلسطين وتسمح بإقامة الدولة الفلسطينية على حدود سنة 1967، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في أمن وأمان.. علينا نحن كعرب ومسلمين أن نواصل مساعينا الحثيثة لتمكين أشقائنا الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة ومن بينها حقٌ فلسطينيٌ عربيٌ إسلاميٌ أصيل، يتمثل في الاحتفاظ بالقدس الشريف عاصمة لدولة فلسطين ورمزا للتعايش بين الديانات وموروثا حضاريا إنسانيا، يعمل محبي السلام ومن بينهم صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، على صونه وحمايته.

وسلط بوريطة الضوء على الخطوات التي تم تحقيقها خلال الثلاث سنوات الماضية، في سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية، مِثْل ترفيع مكانة فلسطين كدولة ملاحظة غير عضو في الأمم المتحدة، وتزايد الاعترافات بدولة فلسطين، وقرار مجلس الأمن بإدانة الاستيطان الإسرائيلي، استرار التشاور والتنسيق الفعال لتحقيق النتائج المرجوة.. ومن شأن هذا الإنجاز الأخير أن يشجع على بلوغ نتائج أخرى مع الدول الإفريقية، لاستعادة مواقفها التضامنية لصالح القضية الفلسطينية والمنبثقة من النضال التاريخي المشترك لمواجهة الاستعمار والكفاح من أجل الاستقرار والتنمية، وكذلك من أجل أن نُثْبِتَ لهذه الدول مَنْ لَهُ الإرادة الصادقة في بناء المصير المشترك.

وقال لوزير “إذا كانت القضايا السياسية تحتل مكانة مهمة في جدول أعمالنا، فإن تحديات النمو الإقتصادي والتنمية الإجتماعية يجب أن لا تغيب عن اهتمامنا.. إن المجتمعات العربية تعيش تحولات مهمة تتطلب من منظومتنا أخذها بعين الإعتبار وجعلها على رأس أولوياتنا وصياغات رؤى مندمجة لمواكبتها، فبجانب الإستقرار السياسي تحتاج بلداننا إلى تنمية اقتصادية واجتماعية تستجيب لتطلعات الشباب العربي من رجال ونساء.. نحن في حاجة اليوم أن نثبت لأبناء أمتنا العربية قدرتنا كأمة عربية واحدة على مواجهة التحديات والأخطار  وتحقيق التنمية، ذلك لنفتح أمام شعوبنا أبواب الأمل والتفاؤل والثقة.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى