سلايدر

العدالة وسيادة القانـــــــون بين الحوكمة ومكافحة الفساد

استمع

أشرف أبو عريف

توجه وزير العدل حسام عبدالرحيم بخالص الشكر والتقدير لوزير التنمية المحلية علي دعوته الكريمة بالحضور في ورشه العمل بشأن الادارة المحلية بين الحوكمة ومكافحة الفساد في اطار تطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.

وأعرب عبدالرحيم عن خالص تحياته لاصحاب المعالى الوزراء والسادة المحافظين ورؤساء الهيئات والاجهزة والحضور الكريم في تلك المعية لتحقيق مبادئ الدولة الدستورية والقانونية وسيادة القانون وتطبيق العدالة الناجزة من خلال تضافر الجهود لمكافحة الفساد بما يحقق امن الوطن والمواطنين والاستقرار والازدهار.

1-    الفساد – ومدى خطورته

تواجه دول العالم ومن بينها مصر ظاهرة الفساد تلك الظاهرة التى تقف علي قدم المساواة في خطورتها وان لم تكن تزيدها خطورة مع خطر الارهاب بل قد يكون الهدف الاجرامى بينهما واحد ومتكامل .

فالفساد من شأنه ان يقضى علي المساواة بين المواطنين ويشيع القهر والفقر وعدم الشفافية ويؤدى الى ضبابية الادارة وعشوائية التنظيم وانعدام العدالة والمساواة وتعميق الفجوة بين طبقات المجتمع ويسلب المال العام ويؤدى الي اهدار قدرات الدولة الاقتصادية والتنموية وهـــــــــــــو ما يفقد الشعوب ثقتهم في دولهم وأمالهم في مستقبلهم بل وثقة العالم الخارجى في مصداقية الدولة ذاتها – ان الفساد قد اصبح من أهم القضايا الوطنية ذات الاهتمام ببلادنا سواء من الحكومة او النخبه السياسيه أو المجتمع المدنى وحتى المواطن العادى باعتبار ان مكافحته قد اصبح واجب قومى .

2-   انواع الفساد

حضرات السادة

لقد تنوع الفساد واصبح له اشكال وانماط عديدة ومختلفة فهناك على سبيل المثال الفساد الادارى الذى من شأنه ان يخلخل اجهزة الدولة الادارية ويشوه علاقاتها وتعاملها مع المجتمع وكذلك الفساد المالى المتمثل في نهب المال العام والاستيلاء عليه وأهداره واختلاسه الذى يؤثر يشكل مباشر علي خطط الدولة للتنمية والازدهار وهناك الفساد الاخلاقي الذى يترتب عليه انهيار التعامل وعدم القدرة علي التواصل بين افراد المجتمع والتطرف والتشدد بدون وعى او ثقافة .

لقد اصبح الفساد يهدد بتلك الصور وغيرها مسيرة الدولة الاقتصادية واستقرارها السياسي والاجتماعى

ولم نعد تملك رفاهية الوقت لمحاربته بل اصبح علي عاتقنا ولصالح اجيالنا القادمة المشرقة ان نحمل علي الفور لواء مجابهته وشرف مكافحته .

حضرات السادة

لقد كانت رسالة السيد رئيس الجمهورية واضحة لكافة سلطات الدولة التشريعية والقضائية والتنفيذية وأجهزتها الرقابية والسيادية بضرورة محاربة الفساد والقضاء عليه من خلال تشريعات مستحدثة وتعديلات تشريعية وقرارات جوهرية حازمة وضبط الفاسدين وتطهير اركان الدولة منهم فقد أكد سيادته فى كافة المناسبات والاجتماعات واللقاءات علي ضرورة مواجهة الفساد والمفسدين  فى كافة فئات  المجتمع دون استثناء لاحد ما وفى اطار سيادة القانون الذى يطبق على الكافة  مع ضرورة تقديم  المفسدين الى ساحة القضاء لمحاكمتهم  كما أكد سيادته دوما  على استقلال القضاء ونزاهته واعتزازه بقضائه وقضاه مصر .

3-   طرق المكافحة :-

ان معركة الدولة مع الفساد تحتاج بلا شك الي جهود جماعية رقابية وتشريعية وقضائية ذلك هو السبيل الوحيد للوقوف وجه لوجه ضد الفساد والفاسدين .

4-    العدالة ودورها في مكافحة الفساد :-

لا شك ان العدالة والقضاء هما  الركيزة الاساسية في إستراتيجية مكافحة الفساد

فمن خلال استقلال القضاء وقوة الجهاز القضائي وعدالة سريعة ناجزة يمكن ان يؤدى القضاء دوره الفعال في مكافحة الفساد من خلال تلك الإستراتيجية

حضرات السادة

ان العدالة والقضاء بفروعه الجنائي والادارى هما الفيصل في جميع قضايا الفساد فدائما وأبدأ كان القضاء في الخطوط الامامية لمواجهة تلك الظاهرة وذلك من خلال الملاحقة الجنائية لمرتكبي جرائم الفساد وتحريك الدعوى الجنائية قبلهم  ومحاكمتهم محاكمات عادلة والمشاركة في ادخال التعديلات التشريعية اللازمة لتشديد العقوبات الجنائية وتنقية وتطوير الاجراءات والعقوبات الجنائية لتواكب التطور الاجرامى الذى طرأ علي جرائم الفساد ومواكبة الاتفاقيات الدولية في ذلك المجال

حضرات السادة

ان العدالة الجنائية باعتبارها آلية من آليات مكافحة الفساد إلي جانب الآليات الدستورية الاخرى تستوجب توافر المحاور التالية :-

1-    استقلال القضاء

2-    التخصص القضائي

3-    العدالة الناجزة

4-    المنظومة التشريعية المتطورة

وإيمانا من الدولة بضرورة تحقق تلك المحاور لتوافر العدالة وسيادة للقانون فقد قامت بالاتى :

أولا : فيما يتعلق باستقلال القضاء :-

فان الدستور المصرى أكد فى المواد 94 ، 95 ، 96 ، 97 ، 98 ، 99 علي ان سيادة القانون أساس الحكم في الدولة وعلي استقلال القضاء وحصانته وحيدته كضمان لحقوق والحريات وأنه لا جريمة ولا عقوبة الابناء علي نص قانونى وبحكم قضائي وبراءة المتهم حتى ثبوت أدانته بموجب محاكمة عادلة وحماية الدولة للمجنى عليهم والشهود والمتهمين والتزام الدولة بسرعة الفصل في القضايا وكفالة حق الدفاع للمتهم وما أكد علي عدم تقادم الدعوى الجنائية فى جرائم الاعتداء على الحرية الشخصية  او الحياة الخاصة وان جميع الاحكام  تصدر  وتنفذ باسم االشعب

كما أكد الدستور في مواد 184 ، 185 ، 186 ، 187 ، 188 علي مبداء ا ستقلال السلطة القضائية لكل هيئاتها .

ثانيا : فيما يتعلق بالتخصص القضائي

فقد قامت وزارة العدل بالتنسيق مع محاكم الاستئناف بتحديد دوائر قضائية جنائية متفرغة للنظر في قضايا الفساد الكبرى والفصل فيها فضلا عن انشاء المحاكم الاقتصادية المتخصصة .

ووجود نيابات متخصصة لمباشرة التحقيقات في الدعاوى الجنائية  الخاصة بالفساد والاموال العامة واحالة المتهمين فيها للمحاكمة مثل نيابة أمن الدولة العليا ، نيابة الاموال العامة العليا ، الشئون المالية والتجارية ، والتهرب الضريبي

ثالثا : وفيما يتعلق بالعدالة الناجزة

فقد عقدت وزارة العدل ورشة عمل لتعديل قانون الاجراءات الجنائية والذى انتهى الي اعداد مشروع اقره مجلس النواب بالقانون رقم 11 لسنة 2.17 والذى اسهم وبحق في سرعة اجراءات التقاضي وتحقيق المحاكمة العادلة والعاجلة وذلك باقرار المبادئ الاتية :-

–     اعطاء سلطة للمحاكم الجزائية بتقرير من ترى لزوم سماع شهادته واذ لم ترى ذلك تورد الاسباب التى استندت اليها في حكمها .

–      اعطاء سلطة للمحاكم الجزائية بالاكتفاء بتلاوة الشهادة التى سبق ابدائها في التحقيق الابتدائي او محضر جمع الاستدلال او امام الخبير اذا تعزر سماع اقوال الشاهد

–      تخويل المتهم الغائب توكيل محامى عنه لابداء دفاعه أمام المحكمة الجزائية وفي تلك الحالة يكون الحكم حضوريا في مواجهته .

–      اقرار مبدأ قيام محكمة النقض بالنظر موضوعا في الطعن المتداول أمامها اذا كان الطعن مبنياً علي بطلان في الحكم او بطلان في الاجراءات ويكون الحكم حضوريا .

–      الزام المحكمة الجزائية بحكم محكمة النقض اذا ما فصلت في دفع ترتب عليه منع السير في الدعوى

–      عهد الي محاكم الجنايات بالفصل في الطعن بالنقض في الجرائم التى تشكل جنح يعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز سنتين او بالغرامة التى لا يجاوز حدها الاقصي 2…. جنيه وذلك لمدة خمس سنوات وذلك تطبيقاً لما اوجبه الدستور من تقريب جهات التقاضي

–      تطوير منظومة الاعلان فى المواد الجنائية وربطه ببطاقة الرقم القومى واستحداث استخدام  الهاتف المحمول والمواقع الالكترونية فى الاعلام وانشاء مراكز متخصصة  فى ذلك الشأن فى دائرة كل نيابة كلية ومحكمه اسئنافية .

كما نظمت وزارة العدل بمقر ديوانها حوار مجتمعي شامل ضم بعض السادة القضاة واساتذة الجامعات ومؤسسات المجتمع المدنى والشخصيات العامة لمراجعة  شاملة لمواد قانون الاجراءات الجنائية بما يكفل تحقيق العدالة الناجزة وتم اعداد مشروع جديد متكامل لنصوص الاجراءات الجنائية معروض حاليا علي مجلس النواب والذى تناول التعديلات الاتية

1-  الغاء الطعن بالمعارضة  فى مواد الجنح

2- استحداث  نظام  حمايه الشهود والمبلغين والمجنى عليهم  بما يكفل الغايه منه بأقل  مشقه على الشاهد  واقل تكلفه على السلطات العامه

3-  اعادة  تنظيم اجراءات الحبس الاحتياطى  واستئناف اوامره  من النيابة العامة او المتهم

4-  تقرير حق التعويض عن الحبس الاحتياطى  والتنفيذى  فى ضوء  الالتزام  الدستورى

    وتنظيم قواعده  وحالات استحقاقه .

5-  اعادة تنظيم قواعد  واجراءات التحقيق ومحاكمة المتهمين

6-  اقرار نظام استئناف الجنايات فى نظر جرائم الجنايات على درجتين  التزاما  بالاستحقاق الدستورى ومايتبعه ذلك من تصدى محكمه النقض لموضوع الدعوى  من المرة الاولى  اذ مارأت  نقض الحكم المطعون فيه

   رابعا : وفيما يتعلق بالمنظومة  التشريعية  اللازمة  لمكافحة الفساد

 فقد حرصت الدولة المصرية  منذ سنوات عديدة  على محاربة مكافحة  الفساد  فأصدرت  لذلك التشريعات اللازمة  والملائمة  لنظمها الاقتصادية  والاجتماعية  والسياسة  ومن هذه التشريعات :-

أ –  نصوص قانون العقوبات  فيما يتعلق  بالرشوة  والاختلاس والاستيلاء والتزوير .

ب – نصوص قانون الاجراءات  الجنائية  فيما يتعلق بالجرائم  سالفة البيان .

ج – القانون رقم 62 لسنه 1975 فى شأن الكسب غير المشروع .

ء- اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2..5

هـ- الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد 2.14

و- قانون غسل الاموال

التوصيــــــات :-

1- ان جميع التشريعات والقوانين والقرارات الخاصة  بمكافحة الفساد وضبط المفسدين والتحقيق معهم ومحاكماتهم قد اضحت  حتى الان وبرغم ما تبذله الدولة من ادخال تعديلات عليها – فى حاجة الى مزيد من التعديلات التشريعية الاخرى تواكب حالات الفساد التى استشرت  فى الدولة  وذلك لسد الثغرات التشريعية التى يستطيع المفسدون استغلالها لتبرئة ساحتهم على غير حق لاسيما وان مرتكبى جرائم الفساد فى ذلك العصر اصبحوا يستخدموا التكنولوجيا الحديثة  والحسابات السرية  والتقنية الالكترونية  . مما يبعد الشبهات عن افعالهم  ويمحو  الادلة خلف جرائمهم .

2 – اجراء مراجعة شاملة  لنص قانون العقوبات المتعلقة بالتزوير والرشوة  واختلاس المال العام والعدوان عليه والضرر ونصوص قانون الاجراءات الجنائية الخاصة بهذا الصدد واجراء التعديل الشامل على قانون الكسب غير المشروع رقم 62 لسنه 1975 سواء من حيث مد مظلة تطبيق  القانون على فئات جديدة  ذات الصلة  بارتكاب جرائم الفساد  وزيادة  مدة انقضاء الدعوى الجنائية وتشديد عقوبة جريمة الكسب غير المشروع والتخلف عن تقديم اقرارات الذمة المالية .

3- سرعة اصدار التشريعات الجديدة  ذات الصلة بالعدالة الناجزة  مثل  قانون حماية المبلغين والشهود ، تضارب المصالح بين شاغلى  الوظائف العامه العليا واثراء البيئة التشريعية بالعديد من القوانين الداعمة لجهود مكافحة الفساد فضلا عن تعزيزها من خلال مجموعة حديثة من التشريعيات في مجالات ” غسل الاموال – حماية المستهلك – حماية الملكية الفكرية – منع الممارسات الاحتكارية .

4- اتخاذ الاجراءات القانونية  الفعالة  قبل مخالفات او تجاوزات موظفى الدولة  لاسيما وان كان تلك المخالفات  تتعلق بالمال العام والمستندات الحكومية  او المصالح الجماهيرية  .

5-اعادة الهيكلة التنظيمية  الادارية  لوحدات الدولة  ومصالحها وتحديد اختصاص  مسئولية  كل موظف حتى لاتشيع  المسئولية  وتتفرق المخالفات عند مباشرة التحقيقات معهم وحتى يتسنى  لسلطات التحقيق وضع يدها على المخالفين بوجه يقينى  وقاطع  .

6-تفعيل الدور الاعلامى  لتوعيه موظفى الدول بالجوانب الدينية  والاخلاقية  عن ضرورة اداء عملهم على الوجه الامثل  وخطورة ارتكابهم جرائم الفساد على الدولة  ومستقبل اولادهم باعتبارهم جزء من الاجيال القادمة  فضلا عن توعية المواطنين بضرورة الابلاغ  عن كافة  وقائع الفساد للاجهزة الرقابية ومشاركتهم الفعالة  فى ذلك المجال .

7- تعزيز التعاون المحلى في مجال مكافحة الفساد بتوفير التنسيق الفعال بين الاجهزة المعنية بمكافحة الفساد وذلك منعا للانفراد واتخاذ إجراءات المكافحة بصورة عشوائية

8- تعزيز التعاون الاقليمى والدولى في مجال مكافحة الفساد

9- تعزيز مشاركة منظمات المجتمع المدني في جميع ورش العمل ومؤتمرات وندوات مكافحة الفساد

1.-انشاء اللجان المتخصصة من كافة الوزارات بالتنسيق مع الاجهزة الرقابية ووزارة العدل لمتابعة معدل جرائم الفساد  واعداد تقارير دورية حتى يتسنى المتابعة الدقيقة لنتائج مكافحة تلك الظاهرة

      في النهاية فانى  على  يقين بان ارادة الشعب المصرى وقيادته السياسية ستنتصر حتما في معركتها ضد مكافحة الفساد ايمانا منها بأن بلادهم تسعى دائما الي الرقي والتقدم بأيديهم وسواعدهم وإصرارهم علي مستقبل افضل لابنائهم واحفاداهم من خلال تضافر كافة جهودهم تحت  قيادتهم الرشيدة .

وفى الختام اشكركم على حسن استماعكم وتمنياتى بنجاح هذا العمل والوصول الى توصيات بناءة  للمساعدة فى مكافحة الفساد وعدم توفير ملاذ امن له ولمرتكبيه ورد الاموال المنهوبة  نتيجه جرائمهم وذلك حتى يمكن للدولة تنفيذ مشروعاتها التنموية  وتهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات المحلية  والاجنبية  وتحقيق مستقبل افضل للجميع .

   وفقنا الله واياكم لكل مافيه خير لبلادنا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى