رأى

الدبلوماسية الرمضانية.. فرصة من أجل وحدة العالم الإسلامي والدفاع عن الهدف المقدس “القدس الشريف”

استمع
images 

بقلم: السفير الدکتور/ محمد محمودیان

رئيس مكتب رعاية مصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية بالقاهرة
إن شهر رمضان الكريم هو أحد النعم الإلهية العظيمة التي اختص بها الله سبحانه وتعالى المسلمين، فشهر رمضان هو تجلٍّ لربيع القرآن، وفرصة لمساعدة المحتاجين والإحساس بهم، والدفاع عن حقوق المظلومين، وهو أحد العناصر المشتركة بين المسلمين على مستوى شعوب العالم ودوله، وهو أيضاً أحد الأوجه التي تميز الدين الإسلامي عن غيره من الأديان. ومع حلول شهر رمضان الكريم تتغير أجواء الدول الإسلامية، وتهب بين الأمة الإسلامية نسائم معنوية لطيفة، حيث يقوم الصيام كفريضة إلهية بتهذيب روح البشر، فالصيام هو أحد الأركان التي يبنى عليها الدين الإسلامي كدين للمودة والمحبة والسلام. في هذا الشهر الحبيب، تُبسط موائد الرحمن لإفطار الصائمين، وتزداد مساعدة المحتاجين من قبل جميع أفراد الأمة الإسلامية.كذلك فإن شهر رمضان الكريم له تأثير على الأجواء السياسية في العالم الإسلامي وخاصة منطقة الشرق الأوسط والخليج الفارسي.يُعد حلول شهر رمضان الكريم فرصة عظيمة لتعزيز علاقات الصداقة والمودة والمحبة بين زعماء الدول والشعوب الإسلامية، وخاصة الاتصالات الهاتفية والرسائل التي لا حصر لها، والتي يتم تبادلها بين رؤساء الدول في إطار تعزيز العلاقات الودية بين هذه الدول والتي هي أيضاً بدورها نوع من الدبلوماسية العامة والشعبية.

تشمل النسائم الرمضانية اللطيفة أيضاً الحكومات الإسلامية، حيث يجدد رؤساء الدول المودة والمحبة مع شعوبهم، من خلال ما يتبادلونه من رسائل ومكالمات هاتفية للتهنئة بحلول شهر رمضان الكريم والذي ينتهي بعيد الفطر المبارك.

إن أحد أهم مظاهر الاستفادة من الفرصة التي يتيحها شهر رمضان الكريم لتعزيز الدبلوماسية العامة والوحدة بين الدول والشعوب الإسلامية هي المبادرة التاريخية التي قام بها الإمام الخميني والتي أعلن من خلالها الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الكريم يوماً عالمياً للقدس.

فإن منطقة الشرق الأوسط تشتعل هذه الأيام بنار الفتنة الصهيونية والتكفيرية أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي تسبب في معاناة الكثير من إخواننا المسلمين المظلومين، وجعلهم يشعرون بالمرارة والأسى. إن السبب الرئيسي في هذه الفتنة هي التدخلات الأجنبية في شئون المنطقة وانطلاق تيارات إرهابية وتكفيرية متطرفة تشوه صورة الإسلام والمسلمين بارتكابها أبشع الأعمال غير الإنسانية من قتل وذبح وتشريد للشعوب العُزَل، كما أنها تعد تهديدًا خطيرًا لاستقرار المنطقة وأمنها و سلامها وسيادتها وسلامة أراضيها، وهي تقع كذلك في نطاق أهداف الجبهة الاستكبارية والصهيونية التي تهدف إلى تقسيم وإسقاط الدول الكبرى في المنطقة.

للأسف فإن هذه الفتنة والمؤامرة الخطيرة أدت إلى فتور وبَهَـتان القضية الأصلية للعالم الإسلامي والعربي «القضية الفلسطينية والقدس الشريف» والحقيقة أن النظام الصهيوني هو من يحقق الربح الأكبر في ظل الظروف الحالية للمنطقة وما ترتكبه هذه الجماعات الإرهابية من جرائم.

في ظل هذه الفتنة والمؤامرة الحالية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وفي ظل انشغال الدول والشعوب الإسلامية في المنطقة بظاهرة الإرهاب التكفيري المشئومة فإننا -مع الأسف- نشهد تلاشيًا واختفاءًا للقضية الفلسطينية كقضية أساسية تخص العالم الإسلامي؛ في الوقت الذي نشهد تكثيفًا للنهج المتطرف في تعامله مع الفلسطينيين وتدميرًا لهويتهم الدينية والثقافية، وازديادًا للتهديدات ضد القدس الشريف بعد تشكيل حكومة يمين متطرف في «إسرائيل».

يقوم النظام الصهيوني مستغلاً الظروف الحالية التي تمر بها المنطقة، وفي ظل دعم من الدوائر الغربية بتعزيز وتنمية المستوطنات من أجل مصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية وخاصة في القدس والضفة الغربية.

إن استمرار هتك حرمات مقدسات المسلمين وخاصة المسجد الأقصى، وزيادة المستوطنات والقضاء على حقوق الشعب الفلسطيني، وازدياد التهديدات الإسرائيلية والجماعات اليهودية ضد المسجد الأقصى، والسعي من أجل التقسيم الزماني والمكاني لهذا المسجد بين المسلمين واليهود، وبشكل عام تهويد القدس؛ هي أخطار تهدد القبلة الأولى للمسلمين والهدف المنشود “فلسطين”.

لقد تزايدت الأخطار الناتجة عن المؤامرة الأمريكية لتقسيم دول المنطقة، الأمر الذي يعد تهديداً للسلام والاستقرار في دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

يجب أن تقوم دول المنطقة بتعزيز الوحدة ومحور المقاومة في مواجهة المحور الأمريكي والصهيوني.

تتميز إقامة احتفالات كبيرة بيوم القدس العالمي لهذا العام، والإعلان عن دعم الهدف المقدس وهو “تحرير القدس الشريف وفلسطين” والدفاع عنه؛ بأهمية خاصة، وذلك بالنظر إلى حساسية وأهمية التحولات التي تمر بها المنطقة وخاصة الحركة المتزايدة للتهديد الناتج عن ظاهرة الإرهاب المشئومة التي تجد دعماً وتغذية من مصدر الإرهاب الحكومي في “إسرائيل”، والتي تكونت بتخطيط ودعم شامل من أجهزة الاستخبارات الغربية والصهيونية وفق وثائق وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية التي انتشرت حديثاً، وفي ظل الحسابات الخاطئة لبعض دول المنطقة في دعمهم لهذا التيار التكفيري الخطير والإرهاب الذي ينمو ويتزايد يوماً بعد يوم.

تستطيع دول المنطقة أن تعزز من جبهتها الشعبية لمواجهة مؤامرات الأعداء، وأن تسد الطريق أمام تدخلات الأعداء الأجانب وخاصة المؤامرة التكفيرية والصهيونية من أجل تقسيم واضعاف الدول الإسلامية، وذلك من خلال الاستفادة من القدرة العظيمة للدعم الشعبي للقضية الفلسطينية.

إن شهر رمضان الكريم هو فرصة عظيمة لتقارب القلوب وتشكيل الأفكار الطيبة بين رؤساء الدول والشعوب الإسلامية في إطار المصالح المشتركة للأمة الإسلامية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى