رأى

هل زيارة إيران جريمة؟ .. وهل بترولها شيعي؟

استمع

images-4

خالد منتصر

لا أعرف إن كانت زيارة وزير البترول لإيران مجرد إشاعة أم حقيقة، لكن المؤكد هو كم التصريحات الخائفة المفزوعة المذعورة من الزيارة، التى تؤكد أنه لا توجد زيارة ولا نية زيارة، وأنه لا يمكن ومستحيل ومش ممكن.. إلى آخر هذا النفى، وكأنها زيارة لبيت دعارة لا مؤاخذة، اعتذارات واستنكارات لم يذكر واحد على ألف منها حين زار وزير الخارجية سامح شكرى إسرائيل!!

السؤال: لماذا هذا الذعر وهذا الفزع وهذا الخجل من زيارة إيران؟! أنا لم يحالفنى الحظ وتواتنى الفرصة بأن أزور إيران، لكن زملائى الأطباء الذين يحضرون مؤتمرات هناك يشيدون بمستوى تنظيم المؤتمرات العلمية هناك وقيمة الأبحاث وخبرة الأطباء الإيرانيين، فضلاً عن استمتاعهم بزيارة الأماكن السياحية وشراء السجاجيد.. إلخ، حتى السينما هناك متقدمة! المهم أن هناك مصريين يزورون إيران دون مشكلات، لكن الرعب يظهر حين نتحدث عن زيارة وزير أو مسئول لإيران! وبرغم أن المبرر مشروع فقد منعت «أرامكو» تدفق البترول إلينا، ومن حق الدولة المصرية أن تبحث عنه فى مكان آخر حتى ولو فى بلاد الواق الواق وقبائل آكلى البشر، ما هى المشكلة؟ إيران دولة كبيرة ومؤثرة ديموغرافياً وسياسياً وسكانياً شئنا أم أبينا، ومهما كان من خلافات ومهما بلغ عمق هذه الخلافات فلا يمكن أن تسبب هذا الفزع والرعب لدرجة عدم التمثيل الدبلوماسى والخوف من الكلام فى عودة العلاقات الطبيعية، إيران دولة بها بنية تحتية علمية متقدمة جداً، بل لا أبالغ إذا قلت إن إيران وإسرائيل هما أكبر دولتين فى كمية الأبحاث العلمية المنشورة فى المجلات المحكمة المعترف بها، وخلافاتنا ليست تاريخية ولا جذرية، فنحن كنا فى يوم من الأيام «نسايب» عن طريق ارتباط شقيقة الملك فاروق والشاه، حدث الطلاق الملكى ولكن لم يحدث الطلاق الشعبى، وإذا كانت المشكلة فى زمن مبارك (المعلنة على الأقل) هى فى إطلاق إيران لاسم خالد الإسلامبولى على أحد شوارعها، فما رأيكم فى أن رئيس دولتنا السابق الإخوانى محمد مرسى قد ارتكب جريمة أكبر وكرّم أم خالد الإسلامبولى شخصياً على شاشة التليفزيون الرسمى؟ من الممكن غفران هذا الذنب الذى أراه بالفعل حماقة، نغفره ونتناساه خاصة بعد إعلان إيران نيتها فى تغييره إلى شارع الشهداء، لكننا حتى لم نجلس لنتفاوض لنرى إذا كانوا سيقبلون أم لا!!، فكما فعلوا هم تصرفات ضايقتنا نحن فعلنا تصرفات ضايقتهم أيضاً، وهم مستعدون لغفرانها ونسيانها، ودائماً ما تصل رسائل غزل إيرانية للمسئولين المصريين، نحن ساندنا العراق ضد إيران، وكان هذا من حقنا طبقاً لانحيازاتنا وقتها، لكن بالحسبة الإيرانية كان من حقهم الغضب، وقبلها ساند «عبدالناصر» ثورة مصدق وبالرغم من ذلك كانت هناك علاقات وطيدة ساداتية بهلوية.

يا سادة.. علاقات الدول تحكمها المصلحة، نحن لسنا فى علاقة عاطفية أو طلب ارتباط زواج، نحن دولتان لا بد أن ندرس كيف نستفيد من نقاط قوتنا كأكبر دولتين فى الشرق الأوسط، نحن دولة المفروض مدنية لا تحكمها نظرة الأزهر العدائية لإيران المبنية على العداء المذهبى المستحدث الذى لم يكن موجوداً وقت الشيخ شلتوت، ما هى علاقة المصالح السياسية للدول بالدين؟! ماذا يعنى أن أغلبية سكان إيران شيعة؟! وإيه يعنى؟! الصين البوذية نعيش على منتجاتها ونلبس ونأكل ونشرب منها ونصلى على سجاجيد من صنعها ويمسك أطفالنا فى رمضان بفوانيسها التى يصنعها عمال صينيون لا يعرفون إسلاماً أو مسيحية!!، لماذا لم نقطع العلاقات مع الصين؟ ولماذا لم ينتفض أزهرنا ضاغطاً على حكومتنا بسبب تعاملنا مع الصينيين الكفرة الملاحدة بتوع بوذا وكونفوشيوس؟!!، على الأقل نحن وإيران نعبد نفس الرب ونقرأ نفس القرآن!! عندما نمون عربياتنا بالبنزين الإيرانى سيكون بنزين 90 و92… إلخ ولن يكون بنزيناً شيعياً «اثنى عشرى»!! سنجلس على مائدة التفاوض الاقتصادى لا لكى نتحدث فى أحقية على -كرم الله وجهه- بالخلافة، ولكن لنتحدث عن صادراتنا ووارداتنا من وإلى إيران، لن نتحدث عن حرب كسرى فارس مع مسلمى يثرب، ولكن سنتحدث عن إمكانية التبادل العلمى والطبى بيننا وبينهم، هذه هى لغة الحاضر والمستقبل والسياسة، لا داعى لهذا الخوف والفزع، لأننا بذلك نتهم أنفسنا وعقيدتنا ومذهبنا بالتهافت الذى يجعله يسقط ويتهدم من مجرد وجود سياسى شيعى فى مصر أو كتاب جعفرى فى مكتبات الحسين!! فلنثق فى أنفسنا ولنتحدث بلغة العصر، وإذا كان الخلاف الأمريكى – الإيرانى المزمن قد تم حله بعد سنين وسنين من الحصار الاقتصادى والعداء السياسى، فهل سيظل خلافنا كالوشم يسكن تحت جلودنا ويفضح هشاشتنا إلى آخر الزمان حتى يظهر المهدى المنتظر أو المسيخ الدجال أو الإمام الغائب؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى