رأىسلايدر

إعدام “النمر” شأن داخلى

استمع

أشرف أبو عريفصورة أشرف ابو عريف 5X5

هكذا علق الرئيس التركى “أردوغان” على إعدام السلطات السعودية للشيخ النمر بأن ذلك شأن داخلى، ولكن على مايبدو أن رجب طيب أردوغان قد نسى أو تناسى تعليقه على أحكام القضاء المصرى ضد قيادات الإخوان المسلمين بأنها إنتهاك صارخ لحقوق الإنسان لم يُسلم بنظرية “شأن داخلى” !

هكذا نرى نظرية ” السوفسطائيين” القائمة على إقناع الآخر بالشىء ونقيضه فى نفس الوقت لكسب المال.. فهل هذا ما أراده الرئيس التركى أم إنحيازا لفزَّاعة ” السُنَّة والشيعة “؟!

الحكمة، خاصة كِياسة المسلم، هى أن يلعب الرئيس التركى دور المحايد وهمزة الوصل بين الفُرقاء، خاصة وأنه يعلم جيدا أن المنطقة بالكامل لم تعد فوق صفيح ساخن، بل صفيح ساخن بالفعل وأن الرابح الوحيد مما يجرى فى أرض العرب هم الصهاينة أشد خصوم تركيا فى العالم.

وهنا أشيد بحكمة القيادة العراقية والأخرى الباكستانية لقيامهما بمحاولات مكوكية بين البلدين، لا أقول لنزع فتيل، بل لنزع الإلغام الملتهبة فى العراق وسوريا وليبيا واليمن والشريط الحدودى.. وإلا سيدفع الجميع القاصى والدانى الثمن باهظا على أيدى الصهاينة.

وما أثار دهشتى انحياز بعض البلدان العربية للسعودية بشكل مطلق دون الاعتبار من مسلسل حرب الخليج الأولى بين إيران والعراق ومن ثم سقوط بغداد وكان ذلك بدافع “العروبة” وليس الإسلام ومسالة الصلح بين الفُرقاء المسلمين .. أليس هذا يُذكرنا بعصبية أبى جهل؟!

وليس من شك أن عملية الإعدام للشيخ النمر وآخرين ستعمِّق ضحايا حادث مشعر “مِنى” وأن الحادث عمل جنائى حسبما يرى بعض المراقبين.. سعر النفط يتراجع بشكل مدوى لما تئن منه المنطقة، فهل تشهد الأيام القادمة إنقلات بعض الدول العربية من عصابة “الحزم”؟

فرويدا رويدا للنافخين فى الكير حتى لا يطالكم لهب النار التى أوقدتموها تحت غطاء ” السنة والشيعة”، فكما علق الزميل عماد حسين أن أسوأ شىء أن ينجرف الإعلام المصرى والعربى إلى لعبة الصراع بين السُنة والشيعة. والبعض يفعل ذلك بجهل أو حسن نية، والبعض الآخر يفعله بخبث وتخطيط وسابق معرفة، والهدف تدمير ما تبقى من المنطقة العربية.

ولا أعتقد أنه من الحكمة قيام المملكة العربية السعودية صباح السبت الماضى تنفيذ حكم الإعدام ضد ٤٧ محكوما، بينهم نمر باقر النمر، الناشط السياسى الشيعى، الذى أدانته إحدى المحاكم السعودية بعدة جرائم على خلفية الأحداث التى شهدتها مدينة العوامية بالقطيف بدءا من ربيع ٢٠١١.

فانجراف بعض وسائل الإعلام المصرية فى لعبة طائفية مقيتة، وانجرفت ــ سواء بقصد أو بدون ــ إلى الحديث عن «سلمان أسد السُنة»، وهى تقصد مدح الملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز، باعتباره الرجل الذى يدافع عن أهل السُنة والجماعة ضد الشيعة. مثل هذه المعالجات ــ حتى لو تمت بحسن نية ــ فهى تقود إلى الجحيم من أقصر الأبواب!

من حقك أن تتفق أو تختلف مع حكم الإعدام، طبقا لموقفك السياسى أو الأخلاقى أو الإنسانى. إيران وكل البلدان ذات الغالبية الشيعية، نددت به واعتبرته جريمة، وكذلك بعض المنظمات الحقوقية الدولية، وترى فى الباقر ناشطا سياسيا سلميا. وفى المقابل، تقول الحكومة السعودية إنه كان مخربا ومحرضا على الفتنة والقتل، وجاء فى حيثيات حكم المحكمة إن «شره لا يتوقف إلا بقتله».

الملاحظة المبدئية أنه فى يوم إعدام النمر، جرى إعدام ٤٦ آخرين، كان أبرزهم فارس آل شويل، الذى يعتبر المنظر الرئيسى لتنظيم القاعدة، وصاحب الكتاب الشهير «حكم الباحث عن قتل رجال وضباط المباحث». السؤال هو: هل كان الأمر مصادفة أم مخططا؟، وإذا كان مخططا، فماذا كان الهدف؟ هل للإيحاء بإعدام قيادى سُنى كبير ومقابله يتم إعدام قيادى شيعى كبير أم العكس، وحتى لا يعترض شخص أو تيار أو طائفة أو دولة؟

وبغض النظر عن الإجابة، فإن المشكلة الأكبر والأخطر التى تواجه هذه الأمة المنكوبة ببعض الحكام والنخب الفاسدة، هى أننا ننجر ببلاهة منقطعة النظير خلف لعبة جهنمية هى تأجيج الصراع الطائفى. الصراع والانقسام موجود تقريبا منذ عام ٣٦ هجرية، ويخبو حينا ويشتعل حينا، سواء لرغبة بعض الحكام المستبدين أو لمخطط خارجى يريد تفكيك هذه المنطقة.

ومنذ سنوات، فإن وسائل التواصل الاجتماعى تشتعل ليل نهار بهذا الصراع، والمأساة أن الجميع لا يدرك أن مثل هذه الصراعات ليس بينها رابحون، بل الجميع خاسرون بالثلث. الصراعات العقائدية مختلفة، ولا يمكن لأى شخص أو جماعة إكراه شخص أو جماعة أخرى على تغيير عقائدها الدينية، حتى لو كانت قائمة على الدجل والخرافة.

هل نتصور أن ما فشل فيه الجميع منذ موقعة صفين عام ٣٦ هجرية، ثم موقعة الجمل عام ٣٧ هجرية، سينجح فيه بعض المتطرفين الآن؟!.

جوهر الصراع فى المنطقة سياسى اقتصادى اجتماعى، ويدور فى مرات كثيرة على أسس قومية، إيران كانت ُسنية حتى حاربت تركيا السُنية فيما عرف بالحروب الصفوية العثمانية «1532ــ1555«ثم انقلبت شيعية، وحاربت العراق ثمانى سنوات «١٩٨٠ ـ ١٩٨٨» رغم أن أكثر من نصف سكان العراق تقريبا من الشيعة، وبالتالى فالهدف الحقيقى هو صراعات قومية ترتدى مسوحا مختلفة خصوصا الطائفية، وتمارس إيران هذه اللعبة بمنتهى الذكاء حتى الآن

عندما ننجرف نحن العرب ـ المغلوبين على أمرهم ـ إلى هذه اللعبة الجهنمية، فإننا نعطى الفرصة لكل أعداء الأمة أن يحققوا كل أهدافهم، لأننا ببساطة نقوم بقتل أنفسنا نيابة عنهم. ثم إننا ننسى القضايا الرئيسية المتمثلة فى الحرية والديمقراطية والإصلاح والعدالة الاجتماعية لمصلحة قضايا نظرية جدلية لن يتم حسمها تقريبا حتى يوم القيامة.

المستفيد الأكبر من هذا العبث الطائفى بين السُنة والشيعة هو إسرائيل، لأن هذا هو السبب الوحيد الذى سيبرر رغبة الكيان الصهيونى العارمة فى حكاية «يهودية الدولة».
أيها اللاعبون بالورقة الطائفية: انتبهوا واتقوا الله.. إلى هنا ينتهى الزميل حسين، وأنا أتساءل: أيها السادة – عرب ومسلمون – أليس منكم رجل رشيد؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى