رأى

مصر وتجربة مكافحة التطرف فى دراسة مقارنة

استمع

اميرة عبد الحكيم

فى دراسة مهمة صدرت عن أحد مراكز الدراسات والبحوث العربية بعنوان “تدريب المدربين فى مكافحة الإرهاب.. التجارب والتحديات”، رصدت الدراسة برامج إعداد الكوادر فى دوائر مكافحة الإرهاب ونزع التطرف وتأهيل المتطرفين، مع تقييم هذه البرامج على مستوى الدول، فضلا عن الاشارة إلى خبرات بعض الدول والمنظمات في كيفية التعامل مع الموقوفين المنتمين إلى التنظيمات الإرهابية فى السجون، والجهود التدريبية فى مراقبة ووقف تمويل الإرهاب، وتأهيل الأئمة ورجال الأمن للتعامل مع المتطرفين الموقوفين.

وقد استعرضت الدراسة جهود الأمم المتحدة فى تدريب المدربين، والقاء الضوء على التجربة الأمريكية واستراتيجياتها، كما عُرِضت خبرات فرنسا وبلجيكا وألمانيا من زوايا نظر متعددة المناهج والتخصصات، كما رُصِدت مسارات تجارب التأهيل والتدريب للمدربين فى السعودية، وخصص للنموذج الإماراتى دراسة مستفيضة رصدت قوانينه واستراتيجياته الأمنية والإعلامية، كما تعمّق الكتاب فى التجربة المصريّة وآثارها فى التجارب الأخرى مثل التجربة الإندونيسية، وتطرق إلى التجربة العراقية التى عانت من ظهور تنظيم داعش الإرهابى ومؤثراته، وجرى تغطية النموذج المغربى لتأثيره فى التجارب الأوروبية.

في ضوء هذه الدراسة يتضح مدى أهمية التجربة المصرية كتجربة رائدة في مجال مكافحة التطرف ومحاربة التنظيمات الارهابية الى الحد الذى جعل لها تأثيرا مهما في بعض التجارب الدولية التى استفادت من خبراتها وتعلمت من سياساتها ونهجها، لان التجربة المصرية في خوض تلك المعركة لم تعتمد على اداة واحدة او مسار واحد وإنما تعددت ادواتها وتنوعت مساراتها ما بين مسار القوة الخشنة ممثلا في استخدام قواتها العسكرية والامنية ضد هذه التنظيمات، ومسار القوة الناعمة ممثلا في تجديد الخطاب الدينى الذى كشف عن كثير من المغالطات التى انتهجتها هذه التنظيمات في سبيل كسب اتباع جدد، فضلا عن توظيف أدواتها الاعلامية والثقافية والتعليمية وغيرها في سبيل تجفيف المنابع التى تعتمد عليها هذه التنظيمات سواء في كسب مؤيدين او تابعين جدد او في الحصول على مصادر لتمويل انشطتهم الارهابية.

نهاية القول إن صدور مثل هذه الدراسة تؤكد على أن التجربة المصرية في حربها ضد الارهاب والتطرف تظل تجربة رائدة تقارن بتجارب الدول الاكثر تقدما، بل مما يميز التجربة المصرية تنوعها وتعدد مساراتها من ناحية. وقراءتها للواقع وتحدياته والتعامل في ضوء امكاناته من ناحية أخرى، وهو ما كلل جهودها بالنجاح وأدى الى تراجع التهديدات الارهابية بسبب ضعف امكانات هذه التنظيمات وجهودها في حين لا تزال دول متقدمة تواجه أزمات وتحديات كبرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى