سلايدر

مصر: وزير العدل الجديد.. “الزند” نموذجا لهوة الدولة العميقة !

استمع

14166011112463

عادل القاضي & خولة سليمان – التقرير

* هل أطلق “الجنرال” رصاصة الرحمة على “العدالة” في مصر؟

* المستشار أحمد الزند : كل من تعين فى مؤسسات الدولة فى عهد الاخوان “إلى السجن”!

في مايو 2013، وقبل شهر واحد من انقلاب الفريق أول عبد الفتاح السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعقب تصريحه الشهير “نحن (القضاة) الأسياد وما دوننا (عبيد)“، ثم مطالبته بتعيين أبناء القضاة فقط في مناصب آبائهم؛ خرجت مظاهرة لخريجي كليات الشريعة والحقوق أمام دار القضاء العالي للمطالبة بحقهم في العمل وعدم قصر التعيين على أبناء القضاة، وهم يهتفون: ”زند بيه يا زند بيه.. كان أبوك قاضي ولا إيه؟”.

وتأكيدًا لهذا الهتاف، قال أحمد طه النقر، المتحدث الرسمي باسم “الجمعية الوطنية للتغيير”، في ندوة لإدانة رفض وزير العدل السابق تعيين أبناء الزبالين قضاة: “إن والد المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة، كان يعمل حلاقًا، وهذا أمر لا يشينه أبدًا، لكن المشين هو رفض قبول ابن عامل النظافة أو غيره في القضاء والنيابة”.

لهذا؛ فور الإعلان عن تعيين المستشار المثير للجدل وزيرًا للعدل؛ سارع النشطاء والصحف لذكر تاريخه وبث فيديوهات شهيرة له يصف فيها قضاة مصر بأنهم “الأسياد” وغيرهم “عبيد”، وصورًا لمواطنين وهم يُقبِّلون يده، وتصريحات له وهو يؤكد سعيه لتعيين أبناء القضاة الحاصلين على أدنى الدرجات الجامعية في سلك القضاء بدلًا من غيرهم الخريجين المتفوقين من أبناء العمال والفلاحين وأصحاب المهن المتواضعة.

* من هو الزند؟

رغم وجود الزند على رأس قائمة المطلوبين لتطهير مؤسسة القضاء منهم، وكونه واحدًا ممن يُطلق عليهم “فلول القضاء” عقب ثورة 25 يناير؛ إلا أنه تمكن من الفوز في انتخابات رئاسة نادي القضاة عقب الثورة، ثم فاز في مارس 2012 بدورة جديدة؛ بسبب ما قال قضاة ونشطاء إن نتيجة الدعم المباشر من وزير العدل السابق في عهد مبارك، ممدوح مرعي، والذي وصل إلى حشد غير مسبوق للقضاة في أتوبيسات وزارة العدل؛ لإبعاد تيار الاستقلال (الذي دعم الثورة على مبارك) عن النادي.

ومع أن الزند استنكر تصريحات وزير العدل السابق المستشار محفوظ صابر، مؤكدًا أن والده كان يمتلك صالون حلاقة في قريته؛ فهو اشتهر بدفاعه عن “توريث أبناء القضاة للمناصب القيادية“، وأعلن إصراره عليها في مارس 2012، واصفًا إياها بـ “الزحف المقدس”؛ ما جعل المعارضين لتعيينه وزيرًا يقولون إن السيسي أبعد وزيرًا رفض تعيين ابن الزبال قاضيًا وجاء بوزير يرفض تعيين كل أبناء الشعب في مناصب القضاء إلا أن يكونوا من أبناء القضاة.

واشتهر الزند بمعارضته لجماعة “الإخوان” وحكم الرئيس محمد مرسي، وظهر في فضائيات مهددًا مرسي والإخوان، ومحرضًا ضدهم. وعقب عزل مرسي، وإعلان تعيين النائب العام السابق في عهد مبارك (المستشار عبد المجيد محمود) سفيرًا لمصر بالفاتيكان؛ وقف الزند معارضًا القرار بقوة.

وقد اتهمه نواب في البرلمان بالتنسيق مع الإمارات ضمن ما سميت “الثورة المضادة” في مصر، وتقدم النائب السابق الدكتور أحمد أبو بركة عن حزب الحرية والعدالة، عام 2005، بطلب إحاطة لمجلس الشعب للتحقيق مع المستشار الزند بتهمة العمل في “وظيفة غير قضائية” بالإمارات أثناء إعارته.

وأدى الغضب عليه حينئذ لتعرض المستشار أحمد الزند، رئيس نادي قضاة مصر، إلى الضرب بالحذاء أثناء حضوره أحد المؤتمرات بنادي القضاة في 23 ديسمبر 2012 من قبل شاب مجهول.

كذلك اتهم سياسيون الزند بالاستيلاء على أراضي الدولة بأسعار رخيصة. وتعد قضية “أراضي الزند” إحدى القضايا التي أثارت جدلًا واسعًا بعد أن طلبت نيابة الأموال العامة العليا من النائب العام في مذكرة تفصيلية، وبعد إجراءات استدلالية، وتحقيقات الإذن، باتخاذ إجراءات التحقيق بعد عرض الأمر على مجلس القضاء الأعلى لرفع الحصانة عن المستشار أحمد الزند في بلاغات تتعلق باستيلائه على أراضٍ تجاوز مساحتها 300 فدان مملوكة لبعض الأهالي بوضع اليد بمنطقة الحمام بمرسى مطروح.

وبعد الإطاحة بـ “مرسي”، قرر المستشار أحمد إدريس، القاضي المنتدب للتحقيق في قضايا وزارة الزراعة، حفظ التحقيقات مع الزند في البلاغات المقدمة ضده.

* الأسياد والعبيد !

وعقب أدائه اليمين الدستورية أمام السيسي، ومشاركته في أول اجتماع لمجلس الوزراء، أمس (الأربعاء)؛ عاود نشطاءٌ نشر مقطع فيديو قديم للمستشار الزند أثناء مداخلة هاتفية مع برنامج “مصر اليوم”، المذاع على قناة “الفراعين” ويقدمه توفيق عكاشة، خلال عهد الرئيس محمد مرسي، يقول فيها: “كل ما يمثل عدوانًا على الثوابت القضائية (الهيبة، والوقار، والاحترام) لن ندعه يمر بسهولة“، مضيفًا: “نحن هنا على أرض هذا الوطن أسياد، وغيرنا هم العبيد“، مُهددًا: “اللي هيحرق صورة قاضي هيتحرق قلبه وذاكرته وخياله من على أرض مصر“.

وفي اللقاء الذي عقده الزند مع عدد من قضاة محافظة المنوفية بنادي القضاة، شن هجومًا على العاملين بالمحاكم؛ خاصة بعد إضرابهم الأخير وإغلاقهم عددًا من المحاكم بالجنازير، قائلًا: “من يهاجم أبناء القضاة هم الحاقدون والكارهون ممن يرفض تعيينهم، وسيخيب آمالهم، وسيظل تعيين أبناء القضاة سنة بسنة، ولن تستطيع قوة في مصر أن توقف هذا الزحف المقدس إلى قضائها”.

كما وصف “الزند” الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس الأسبق محمد مرسي بأنه: “اعتداء على سيادة القانون واستقلال القضاء“، مضيفًا، خلال مؤتمر صحفي عُقد آنذاك في مقر نادي القضاة (حي العجوزة)، أن الإعلان الدستوري انطوى على المساس بمقدسات الشعب؛ واصفًا إياه بـ “حادث أليم ألمّ بالأمة”.

وكان موقفه من الداعين لمليونيات ما تسمى “تطهير القضاء” مُعاديًا، ووصفهم بقوله: “ألا إنهم هم الفاسدون. هم من يريدون أن يتطهروا“.

كما قال الزند، في مداخلة هاتفية مع الصحفي مصطفى بكري على قناة صدى البلد: “كل من تعين في مؤسسات الدولة في عهد الإخوان (إلى السجن)“.

وسبق أن انتقد “المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة” دعوة ”الزند” إلى أعضاء النادي لعمل توكيلات للمستشار القانوني له حتى يرفع دعاوى قضائية للمطالبة بتعيين أبناء القضاة الحاصلين على تقدير مقبول، مقدمًا شكوى إلى المجلس الأعلى للقضاء، ومؤكدًا أن هذا السلوك ينبئ بعودة توريث المناصب.

* الزند والثورة !

وأثار حديث سابق للزند عن ثورة 25 يناير، في فبراير 2011، غضب بعض القضاة؛ بعد أن وصف المتواجدين في الميدان بالغوغاء، مشيرًا إلى أن القضاة الذين شاركوا في التظاهرات لا يجب أن يمثلوا إلا أنفسهم؛ ونتج عن ذلك مذكرة في منتصف فبراير من قبل القضاة لسحب الثقة من الزند، غير أن الأخير تعاطى جيدًا مع الموقف؛ بدعوته قضاة تيار الاستقلال (الذين حاربهم فيما بعد وفصلتهم وزارة العدل، وعلى رأسهم المستشار أحمد مكي والمستشار هشام البسطويسي) إلى “عهد جديد يتكاتف فيه الجميع”، موضحًا: ”فُهمت تصريحاتي بشكل خاطئ”.

وفي فبراير 2012، ظهرت دعوات تطالب بتطهير القضاء، ولم يقتصر الأمر على الثوار؛ إذ لحق بهم بعض أعضاء مجلس الشعب؛ فخرج الزند داعيًا لوقف ”المعتدين” على القضاء ”لأن القضاء مستقل ومحصن، ولا يجرؤ أحد أن يعتدي على استقلاله”.

ووصف دعوات تطهير القضاء بـ “‘الحماقة”. ولم تتغير ردود المستشار في الشهور التالية؛ ففي عام 2013، ظهرت أصوات أخرى تدعم فكرة التطهير؛ فوصم المستجيبين لها بـ ”الخونة’”.

وفي أواخر ديسمبر الماضي، طرد الزند (بصفته رئيس نادي القضاة) المستشار محمد السحيمي من مكتبه عقب انتهاء انتخابات التجديد الثلثي للنادي، بعد أن أراد الأخير رؤية ميزانية النادي، وبسبب المشادة؛ تم طرد الصحفيين والقنوات الفضائية بواسطة الأعضاء، وحدث اعتداء على مصوري صحف حاولوا تصوير الواقعة بالضرب والسباب، وأصدر محررو القضاء بأكثر من جريدة وموقع شكوى رسمية ضد نادي القضاة برئاسة الزند، لكن النادي أصدر بيانًا يؤكد حرصه على التواصل مع الإعلاميين وعمق العلاقة بين الإعلام والقضاء.

أيضًا، تقدم 13 قاضيًا، على رأسهم وزير العدل الأسبق “أحمد سليمان”، إلى النائب العام ببلاغ رقم 4185 لعام 2014 ضد ”الزند”؛ بدعوى إبداء آراء سياسية في القوى الحزبية المختلفة ومشاركته إياها مع وسائل الإعلام، للتحقيق معه كما جرى التحقيق مع غيره وفصلهم بدعاوى خروجهم في مظاهرات أو تاييد لمرسي.

وقدم مجموعة من القضاة بلاغين ضد 17 قاضيًا، بينهم ”الزند”، عام 2013؛ مبررين البلاغ الأول بتصريحات رئيس نادي القضاة أثناء تظاهرات 30 يونيو على إحدى القنوات الفضائية يؤكد فيه عمله بالسياسة و”اللي مش عاجبه يشرب من البحر”، أما البلاغ الثاني فكان بسبب ”السب والقذف”.

ولكن “الزند” لم يجر التحقيق معه، ووصف من يحاولون النيل منه أنهم ”حشرات” -كما قال- ولا يجب أن يعكروا صفو “مسيرته المهنية”، التي بدأت برئاسة محكمة الاستئناف بالقاهرة وحتى توليه منصب رئيس النادي منذ عام 2005.

وعقب الواقعة الأخيرة التي قتلت فيها “ولاية سيناء” 3 من قضاة مصر وسائقهم بسيناء، قال الزند: “لن يُفلت من خطط لها ومن أشرف عليها“، مشددًا على أن: “هذا الحادث الجبان لن يثني القضاة ولن يخيفهم أو يرهبهم عن مواصلة العمل ليل نهار لتطهير مصر من هؤلاء الخوارج القادمين من خلف التاريخ“، وأعلن تأمين القضاة وصرف معاشات ضخمة لهم مقارنة بمن يموتون من المصريين العاديين في حوادث مماثلة.

* غضب وسخرية من تعيينه !

ولذلك؛ تعيين رئيس نادي القضاة، المستشار أحمد الزند، وزيرًا للعدل، بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلفًا للمستشار محفوظ صابر، الذي أقيل بسبب تصريحاته التي رفض فيها عمل ابن عامل النظافة في القضاء؛ أثار حالة من الغضب في مصر بين معارضي النظام والمستقلين، فيما أشاد به مؤيدو السيسي، ووصفه البعض أنه محاولة انتحار من قبل النظام ورصاصة الرحمة على “العدالة” في مصر.

وقال محللون ومراقبون إن تعيين السيسي للزند هدفه تسريع قضايا محاكمة معارضي النظام من الإخوان، وتطهير القضاء من معارضي السيسي، فضلًا عن كونه رسالة تحدٍ للخارج؛ بعدما أصدرت دول ومنظمات حقوقية بيانات تنتقد القضاء المصري وتصفه بأنه “مسيس” وغير محايد وتابع للسيسي؛ ما أغضب الخارجية المصرية التي أصدرت بيانًا برفض تصريحات كل من انتقد القضاء المصري.

وعلقت شخصيات قضائية وسياسية معارضة على تعيينه بغضب وسخرية؛ حيث قال المستشار وليد شرابي، الذي فصلته الحكومة من سلك القضاء بدعوى تأييده للرئيس مرسي، وقدم استقالته قبل عزله: “ليس معنى رفض وزير العدل تعيين أبناء الزبالين في القضاء أن يتم عزله ثم يقوم السيسي بتعيين زبال وزيرًا للعدل“.

وقال المفكر محمد سيف الدولة، العضو السابق في فريق مستشاري الرئيس مرسي، والذي استقال في عهد مرسي: “الحكاية مش ثورة مضادة ولا يحزنون، الحكاية أنهم بيعملوا تجارب ودراسات ميدانية على حدود الصبر والاحتمال عند المصريين“.

كذلك، غرد الدكتور إبراهيم الحمامي: “أحمد الزند أكثر من يليق بوزارة لا عدل السيسي، نقترح عكاشة للإعلام وإبراهيم عيسى للحريات وميزو (شيخ يساري) للأوقاف“. بينما عقب الصحفي “أحمد فتحي”: “انتظروا السبكي وزيرًا للثقافة، وعكاشة وزيرًا للإعلام (بعد إعادة الوزارة) ومنصور وزيرًا للشباب والرياضة!“.

وكتب “سعد مبروك”: “العدل وزيرًا للزند، يحيا الزند“، وقالت “وفاء محمد”: “الزند، يعني أحكامًا شرسة وسرعة في تنفيذها على كل مؤيدي الشرعية. الزند، يعني الظلم والجور والقتل بالجملة والسرقة عيني عينك. وصلنا لمرحلة وتظنون بالله الظنونا، ولكن، رغم كل ذلك؛ فالله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون، قمة الظلم، فانتظروا عدل الله“.

وقابل النشطاء والمغردون المصريون خبر تعيين المستشار أحمد الزند وزيرًا للعدل بموجة من الاستياء والرفض، وصلت إلى حد السخرية من هذا القرار، خاصة في ضوء تصريحاته السابق ذكرها.

 

أحمد الزند لتوفيق عكاشة: نحن الأسياد وغيرنا هم العبيد على أرض هذا الوطن..

من ناحية أخرى، يحيل ” الدبلوماسى ” الأمر لجهات الاختصاص للرد أو التعقيب وحق الرد..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى