رأى

إفسحوا المجال للمرأة المصرية … للقضاء على الفساد

استمع

سهير يونسسهير حسين يونس

المستشار الإعلامى بالهيئة العامة للإستعلامات سابقا

لا يكف صديقنا المصرى المقيم فى ألمانيا عن الإلحاح على فكرة تولى المرأة المصرية لعدد أكبر من الحقائب الوزارية، ومنها وزارة الداخلية بصفه خاصة ، وله فى ذلك وجهة نظر أحترمها وأتفق معه فيها بغض النظر عن كونى إمرأة متحيزة لبنات جنسها، فالمنصب يحتاج إلى جانب الحزم والشدة والإنضباط إلى الإنسانية والرحمة، والصبر، والقدرة على التفاوض والمناورة.

لقد اُثبتت المرأةالمصرية بعد ثورتى 25 يناير 2011 ، 30 يونية 2013 أنها القاعدة الثابته التى يمكن الإرتكاز علية لصمود هذا الوطن، فقد أعطت المثل، والنموذج للوطنية، وبعد النظر والإصرار على إنجاز خارطة الطريق من خلال مشاركتها الفاعلة فى الإنتخابات الرئاسية والإستفتاء على الدستور  لدعم الإستقرار. والآن ونحن على أبواب مرحلة خطيرة للنهوض  بالإقتصاد وترسيخ إستراتيجية فاعلة لمحاربة الفساد فى مؤسساتنا الوطنية ، يجب ان نفسح مجال أرحب للمرأة المصرية التى تشهد كافة التقارير الإدارية بأنها الاقل فسادا  فى المناصب القيادية، بل الأكثر حزما ورغبة فى التفوق وإثبات الذات، لماذا لا نمنحها مزيدا من الفرص الغير تقليدية فى وزارات المجموعة الإقتصادية؟  ووزارات أخرى مثل الداخلية ، والخارجية، والثقافة،والتموين،والصحة، والتعليم،والشباب والرياضة وغيرها، ونكتفى بهذا القدر من إستخدامها لتكون مجرد ديكور مكمل لعدد محدود من الوزارات فى المجموعة الوزارية، والأمر ينطبق بالطبع على المحافطين، ورؤساء المؤسسات الخدمية والأكاديمية، والعلمية وغيرها.
تناولت  الصحف المصرية مؤخرا قصة نجاح  رائعة للسيدة نعمت شفيق واحدة من الذين رفعوا اسم مصر عاليًا بعد اختيارها ضمن قائمة «فوربس» للنساء الأكثر نفوذًا في العالم لعام 2015، في قائمة احتلت المركز الأول فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، «نعمت شفيق » المرشحة حاليا لمنصب رئيس هيئة مراقبة السلوكيات المالية  فى بريطانيا  ، بتوليها هذا المنصب تكون واحدة من نائبين لمحافظ البنك والمرأة الوحيدة العضو في لجنة السياسة النقدية، المؤلفة من 9 أعضاء والتي تحدد أسعار الصرف والسياسة النقديةهناك. وقد منحتها الملكة أليزابيث الثانية وسام السيدة القائد (DBE) ، وهى رتبة فائقة الامتياز تمنحها الإمبراطورية البريطانية للشخصيات المتفردة التى قدمت خدمات جليلة للبشرية.
وتقول عنها الصحف البريطانية أنها مؤهلة لأن تكون أقوى امرأة في لندن، وإنها تسير بخطى ثابتة نحو رئاسة بنك إنجلترا، ثاني أقدم بنك في العالم. نعمت شفيق او “مينوش” كما يطلق عليها الإنجليز تحمل الجنسيتين الأمريكية والبريطانية إلى جانب المصرية ولدت فى الإسكندرية 1962وتعلمت فى مدرسة “شدس” التى اعتبرتها أكثر تسامحًا من مدرستها في الولايات المتحدة الأمريكية، ورأت أنها كانت بمثابة تجربة للحرية، وأنها ما زالت تتذكر أيام الدراسة ومعالم مدينة الإسكندرية الجميلة ، ومباريات الكرة الطائرة ، والعروض الموسيقية، وكشك الحلوى الموجود في فناء المدرسة.  تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة «ماساتشوستس أمهرست»، وحاصلة على الماجستير في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد، ودكتوراة في الاقتصاد من كلية سانت أنتوني في جامعة أكسفورد.التحقت بالعمل في البنك الدولي، وظلت تعمل هناك لمدة 15 عامًا حتى وصلت إلى منصب نائب الرئيس، في عام 2004 كانت أصغر نائبة في البنك الدولي، وكانت مسؤولة عن تحسين أداء القطاع الخاص المصرفي والإستثمارات. ذكرت مجلة «فوربس» الاقتصادية أنها أشرفت على إعداد برنامجي إنقاذ اليونان والبرتغال، كما ساهمت أثناء عملها في البنك الدولي على ترسيخ فكرة  مشاركة رأس المال الخاص في مشروعات البنية التحتية.
قصة نجاح أخرى لمروة ممدوح السلحدار 21 سنة فتاة مصرية استطاعت وسط 1200 طالب أن تتفوق وتتخرج في أكاديمية النقل البحري قسم ملاحة بحرية لتحقق حلمها لتكون أول فتاة مصرية في مهنة قبطان بحري، وأول فتاة تعمل كضابط بحري على متن العبارة عايدة 4 التي شاركت في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة ، وتروى مروة الصعاب والمعارضة التى واجهتها عندما قررت خوض هذه التجربة والإلتحاق  بقسم الملاحة البحرية بكلية النقل البحري بالأكاديمية، والمغامرة بمستقبلها حال عدم وجود فرصة عمل لها فى شركات الملاحة العاملة فى مصر، وكانت الاعتراضات والمناقشات تدور حول كون هذه المهنة لا تتناسب مع الفتاة والمرأة بوجه عام لأنها صعبة وشاقة نظرا لطبيعة العمل التى قد تقتضى البقاء في البحر لمدة طويلة قد تصل الي شهور بعيدا عن الأسرة وسط الأمواج، وبعيدا عن الشواطئ والبر، إلي جانب أن أغلب من يمارس مهنة القبطان البحري هم من الرجال عموما وقد يكون من الصعب وجود فتاة أو امرأة من الطاقم.
ولكى تحصل مروة على لقب قبطان بحرى مرت بالعديد من برامج التأهيل والتدريب إستمرت لأكثر من ثلاث سنوات من العمل الشاق بدأت برتبة ضابط ثان واول ثم قبطان. إن إقتحام المرأة لهذا المجال تحدى كبير لقدرتها على التحمل والثبات لأن قائد السفينة القبطان عليه مسئوليات ضخمة وكبيرة ويحتاج في نفس الوقت إلي قوة جسدية وبدنيه قد لا تتوافر في بعض الرجال فما بالك بالنساء .. وتحتاج ايضا الي قوة نفسية في مواجهة المشاكل العديدة والاخطار بقوة أعصاب، وتفكير في اكثر من مواجهة في نفس اللحظة .. والدقيقة لها ثمنها في اتخاذ اي قرار، ومع ذلك قررت القبطان مروة السلحدار تحدى كل هذه المحاذير وأقبلت بشغف على خوض التجربة غير عابئة بمخاطر السفر التي قد تواجهها في كل رحلة من رحلات البحر التي تمتلئ بالغموض والمخاوف.
النموذج الثالث لنبوغ المرأةالمصرية المعاصرة نرويه من خلال قصة فيثاغورث العرب «أصغر عالمة رياضيات عربية في العالم»  جاسيكا مجدى جرجس – 15 عامًا – ابنة ملوى بالمنيا، والطالبة المثالية بالمحافظة،  فهى بمثابة مشروع «عالمة رياضيات مستقبلي» تعرف جيدًا من أين تحصد «الجوائز»، ولنظرياتها الرياضية فى كشف طريقة جديدة لإيجاد المساحة الكلية والجانبية للمكعب، ونظرية  جديدة أخرى لحساب اطوال أضلاع وزوايا المثلث القائم الزاوية، فضل لا ينكره أحد، فبالرغم من صغر سنها حصلت جيسكا على لقب «أصغر عالمة رياضيات عربية في العالم العربى» عام 2014 التي نظمتها «The Arabs Group» وهى مسابقة للمبدعين والمخترعين العرب، ولم تتمكن من السفر لإنجلترا لنيل جائزتها بسبب تكاليف الرحلة، كما حصلت على المركز الأول على مستوى الجمهورية في مجال الرياضيات من خلال مسابقة (إنتل) مصر الخير للعلوم والهندسة. تفتخر الفتاة الصغيرة جيسكا بوطنها مصر وتامل أن تستكمل نشاطها فى كشف المزيد من النظريات الرياضية بدعم من إحدى الجهات الدولية بشرط العودة إلى مصر وعدم تسجيل أي نظرية باسم أي دولة أجنبية سوى مصر.
المراة المصرية البسيطة فى الريف والحضر هى أفضل وزير إقتصاد ومالية وإستثمار للأسرة، فما بالكم إذا توفرت لها سبل العلم والرعاية، بالتأكيد سنجد العشرات امثال د نعمت شفيق يصلحن لتبوء منصب رئيس الوزراء فى مصر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى