رأى

كورونا.. فى يوم اليتيم!

استمع

أميرة عبد الحكيم

رئيس وحدة دراسات المرأة والطفل بمركز الحوار

فى خضم الازمة الوبائية الفيروسية التى اصابت العالم اجمع منذ نهاية العام الماضى حينما بدأت وقائعها فى مدينة وهان الصينية وانتقل الفيروس إلى مختلف بقاع الارض ليصبح جائحة عالمية تتطلب التكاتف لمواجهة تداعياتها وآثارها، الامر الذى شغل الجميع بهذه الازمة فى مقابل تراجع اجندة الدول والمجتمعات بل يعاد الان ترتيب الاولويات وفقا لما كشفته الازمة من نقاط ضعف وخلل فى بنية النظام الدولى فى المجال الصحى بل والانظمة الصحية فى كثير من دول العالم. ونتيجة لذلك تغافلت المجتمعات عن بعض الاحداث المهمة التى كانت تحظى باهتمامها فيما سبق ومن بين هذه الاحداث الاحتفال بيوم اليتيم ذلك اليوم الذى يصادف الاول من ابريل من كل عام، حيث تولى مختلف المؤسسات اهتماما خاصة للاطفال اليتامى الذين فقدوا احد والديهم، فكان هذا اليوم تذكيرا للجميع بما يعانى منه هؤلاء الاطفال وما يحتاجونه من دعم ومساندة.
والحقيقة ان الاهتمام بحجم الكارثة الصحية فى حد ذاتها هو الذى شغل العالم عن ايلاء الاهتمام المطلوب لهذه الفئة المحرومة فى يومها السنوى، إلا أن ثمة ملاحظتين مهمتين واجبتا التسجيل فى هذا الخصوص: الاولى تتعلق بتداعيات هذه الازمة والتى من المنتظر أن تسفر عن مزيد من الاطفال اليتامى الذين سيفقدون احد والديهم بسبب هذا المرض، أى ان احد ابعاد الازمة الصحية هو تفاقم اعداد الايتام بما يعنى ان ثمة حاجة الى مزيد من الاهتمام بهذه الفئة. أما الملاحظة الثانية تتعلق بالاوضاع الراهنة للاطفال الايتام فى البيئات الصراعية فى المنطقة العربية، ففى ظل استمرار الصراعات والنزاعات فى بعض الدول العربية كما هو الحال فى العراق وسوريا واليمن وليبيا ومن قبلها فلسطين تزايدت اعداد هؤلاء اليتامى الذين فقدوا احد والديهم فى هذه المعارك التى لا طائل منها سوى مزيد من الدمار والخراب.
ما أود التأكيد عليه هو ان ازمة كورونا هى ازمة كاشفة ومنشئة كما يقول الحقوقيون، فهى كشفت عن واقع اليم يعيش فيه الاطفال اليتامى فى مختلف ربوع المعمورة، كما انه من شأنها ان تنشأ اوضاع تفاقميه لذات الازمة من خلال وجود اعداد اضافية من هؤلاء اليتامى، وهو ما يعنى اننا ما بعد انقشاع الازمة والخروج منها مطالبون بالبحث عن رؤي جديدة وآليات متنوعة فى كيفية التعامل مع اوضاع هؤلاء اليتامى، إذ لم يعد الاحتفال بيوم اليتيم حدثا ذو ثقل لمعالجة اوضاعهم وإنما الامر يتطلب استراتيجية شاملة الابعاد ومتكاملة الزوايا والاليات وإلا تفاقمت ازمة هؤلاء الاطفال بتداعياتها المختلفة اقتصاديا واجتماعيا وامنيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى