رأىسلايدر

العيد الوطني لـ “باكستان” في القاهرة.. تهنئة وتذكير بالوضع العالمي الراهن

استمع

بقلم: أحمد مصطفى

بداية كل عام وانتم بخير بمناسبة حلول شهر رمضان – أعاده الله على العالم بالخير والبركات وان يحقق الله دعاءنا بتحرير الأراضي الفلسطينية من الكيان الصهيوني العنصري الغاصب، وان تنتهي العملية الروسية الخاصة في (أوكرانيا) في حال ما تيقنت واشنطن وأدركت خسارة الناتو على أرض المعركة، وبشهادة العديد من الجنرالات الأمريكان أنفسهم.

وكفى ما توصل إليه الصحفي الأمريكي الكبير (سيمور هيرش) بخصوص العمل الإرهابي الذي حدث في خطي السيل الشمالي الروسي، وكيف لأنظمة اوروبية أن تسمح بهذا الارهاب التخريبي ومنهم رؤساء (ألمانيا وبريطانيا والسويد وهولندا وفنلندا) ولصالح من؟ هل لصالح شركات النفط الانجلوسكسونية على حساب الشعوب الأوروبية لكي يظل هؤلاء في مناصبهم؟!

أم هي الشركات متعددة الجنسيات نفسها والتي تدعم الحملات الانتخابية لهؤلاء؟ وهنا تنتفي فكرة الديموقراطية الخائبة التي يتغنون بها وحقوق الإنسان، لأن عنصر الكفاءة والمساواة ينتفي في هذه الحالة – ولأننا لم نجد في هذه الانظمة الاوروبية من يقف أمام واشنطن او هذه الشركات، إلا ربما المجر وصربيا.

وكان أقرب مثال إذا تتذكرون (مؤتمر ميونخ للأمن) وكيف تسببت (أورسولا فاندر لاين – رئيسة المفوضية الأوروبية حاليا) لسوء حظ الشعوب الاوربية، عندما كانت وزيرة دفاع فاسدة في ألمانيا، بدخول شركة ماكينزي الأمريكية للعلاقات العامة، والتي باتت تتحكم في المؤتمر وحتى أجندته وحضوره. وكأن ألمانيا دولة مدعوة وليست الدولة المضيفة، حسب تقرير موقع بوليتيكو في فبراير الماضي والذي فضح كواليس هذا المؤتمر.

وكذلك عندما نرى بأم أعيننا الكلاب المدربة من خلال الشرطة الفرنسية تنهش في أجساد المتظاهرين في فرنسا ضد تشريع سن التقاعد الجديد – هذا كله يضرب مصداقية هذه الدول في مقتل.

وأيضا مع ظهور الصين بمظهر الوسيط القوي الذي يحل النزاع ولا يديره من خلال مبادرتين قويتين (مبادرة السلام ما بين روسيا وأوكرانيا – وطبعا نجاح مساعي التطبيع ما بين إيران والسعودية) وصيام المسلمين أول رمضان بطرفيها الكبيرين السنة والشيعة في نفس اليوم وهذا أكبر النجاحات التي خلفها هذا الاتفاق – يا رب دائما وحدة المسلمين والسلام ما بين البشر.

الاحتفال باليوم الوطني لدولة باكستان في مصر:

شكرا للمستشار العسكري بسفارة باكستان العقيد السيد/ نافيد أحمد – على دعوتي لحضور هذا الحفل الذي أقيم الأحد الماضي الموافق 19 مارس 2023 بفندق ريتز كارلتون بالقاهرة، للثقة المتبادلة بيننا، وأيضا اشتراكنا في العديد من الرؤى منذ تقابلنا في حفل العيد الوطني لدولة إندونيسيا في سبتمبر الماضي.

حيث يوجد الكثير من التشابه بين مصر من جهة وباكستان من جهة أخرى فكلاهما من أكبر دول العالم الاسلامي ولديهما العديد من التحديات سواء داخلية أو خارجية وهذا ما أشار إليه السفير الباكستاني السيد/ ساجد بلال – في كلمته التي ألقاها الأحد الماضي. وذكر بناء العلاقات الدبلوماسية الاخوية مع مصر منذ عام 1946.

أما من النقاط المهمة التي ذكرت في هذا اللقاء، وصول حجم التجارة البينية بين مصر وباكستان لحوالي 366 مليون دولار لصالح الجانب المصري، وبحجم استثمارات باكستانية داخل مصر وصلت الى 400 مليون دولار ويحتل الاقتصاد الباكستاني المركز 26 على مستوى العالم والـ 46 من حيث القوة الشرائية.

كيف يمكن دفع التبادل التجاري بين باكستان ومصر؟!

من أهم الاسئلة التي دائما ما نسألها لأنفسنا في علاقاتنا مع الدول الصديقة والقريبة مثل باكستان أنه لماذا لم يصل بعد حجم التبادل التجاري بين البلدين على الأقل لحوالي 5 مليار دولار؟

كما ذكرت أعلاه توجد أزمة دولار أمريكي لدى البلدين، وعليه لماذا لا تلجأ البلدان إلى عملة بديلة مقبولة لدى الطرفين مثل (اليوان الصيني أو اليورو أو الذهب)، أو حتى لأنظمة المقايضة، بحيث يتم استبدال بعض السلع المصرية بأخرى باكستانية مطلوبة في السوق المصرية، ومنها المنسوجات القطنية والملابس التي تتفوق فيها باكستان وكذلك اللحوم الحلال والأرز التي تصدرها باكستان، ولدينا عجز وغلاء فاحش فيهما داخل مصر.

لماذا لا توجد سياحة باكستانية في مصر بالشكل اللائق وبالمثل لأن اللغة ليست عائق، أنه يمكن استخدام الإنجليزية في الترويج للسياحة المصرية داخل باكستان في دولة تعدادها يفوق 220 مليون نسمة نسبة الشباب فيها تقترب من 55% لديهم تطلعات؟

أين المشروعات الناشئة من هذه المجموعة وخصوصا في باكستان المتطورة لمصر في هذا المجال؟ فيمكن لعدد من المشروعات الناشئة في مصر الدخول بشراكة مع مشروع (إنفست تو إينوفيت – آي 2 آي) والذي أسسه كلا من (كالسوم لاكهاني ومصباح نقفي). ويقول لاكهاني: “باعتبارنا خامس أكبر [قوة نووية] في العالم، وشعب فتي، وطبقة مجتمعية استهلاكية متزايدة واختراق متزايد للهواتف الذكية، تقدم باكستان فرصًا استثمارية هائلة.”

“المشكلة ذات شقين في مصر وباكستان: اللوائح والتعليمات تجعل إنشاء صندوق داخل باكستان ومصر أمرًا مرهقًا؛ كما تصعّب اللوائح نقل الأموال خارج البلاد – فبقدر ما توجد السيولة في السوق الباكستانية والمصرية، فإنه لا يمكننا، نحن والعديد من صناديق الاستثمار الرأسمالي الأخرى التي اضطررنا إلى تأسيسها في الخارج، الاستفادة من هذه السيولة.”

وهذا وفقا لمقال نشر تحت عنوان “جاهزون للاستثمار في باكستان” من قبل الباحثتين تريسكا حميد وعايشا جعفر في سبتمبر 2019 على موقع ومضة.

وقد ذكرت في مقال سابق، دور مجموعة الثمانية التنموية (دي 8) والتي أسست من 1996 بفضل رئيس الوزراء التركي (أربكان) في وقتها، والتي تضم أكبر 8 دول إسلامية في العالم. ولماذا حجم الاعمال عبر هذه المجموعة منخفض بالرغم من توافر الأسواق الواعدة في الثمان دول، والتي تضم كل من (نيجيريا ومصر وتركيا وإيران وباكستان وبنجلادش وإندونيسيا وماليزيا)؟

وعليه فدول مثل تركيا وماليزيا واندونيسا وهي دول في مجموعة الـ20 الاقتصادية وكذلك إيران، وتتوافر لديهم العملات الصعبة يمكنهم تمويل هذه المشروعات الناشئة والتي يمكن أن تجلب عائدا كبيرا لكبر حجم الفئات المستخدمة للهواتف الذكية – بل ويمكن لمجموعة الـ 8 لو كانت هناك ارادة سياسية بالتعاون مع (الصين وروسيا) إنشاء عملة رقمية موحدة يمكن تداولها ما بين هذه الدول.

وعليه مشاريع مثل أنظمة الدفع والتطبيقات الخدمية من خلال الهواتف، وبرامج تعليمية ومنتجات ثقافية وأفلام ومسلسلات وترفيه، كل هذا يمكن الحصول عليه من خلال الهاتف ومشروعات اخرى يمكن ان تدعم ليس فقط الاقتصاد البيني بين الدول، ولكن أيضا الشباب.

 أيضا ما نلاحظه أيضا غياب الفعاليات التي تجمع شباب بلدان مجموعة الثمانية التنموية على وجه العموم وباكستان ومصر على وجه الخصوص وحتى على الجانب الإعلامي نفسه. فلسوء الحظ نتعرف على هذه البلدان من خلال شاشات التلفزة ووكالات الأنباء دون تجارب حياتية حقيقية تضم الشباب – فأيضا أين المشاريع الاعلامية المشتركة والتي تمحو الصور النمطية، وايضا تشجع على السياحة والاستثمار البيني ما بين هذه البلدان؟!

أخيرا وليس آخرا – كيف يمكننا الاستفادة من التعاون الاستراتيجي الكبير الروسي الصيني؟

الجميع قد شاهد الفيديو الذي ركز على مغادرة الرئيس تشي جين بينج موسكو، عندما وضع يده على كتف الرئيس بوتين وقال له “معا سنقوم بعمل تغييرات كونية لم تحدث من مائة عام”. ويجب أن نفكر مليا في هذه الجملة التي تنم عن ثقة غير مسبوقة وتعاون أكبر حيث فشل الغرب بشهادة الكثير حتى من المتصهينين الأمريكان ومنهم وزير الخارجية الأسبق بومبيو في إشعال الفتنة وروح التنافس بين روسيا والصين، عكس توقعات كل محللي الغرب، بل وزاد حجم التبادل التجاري لحوالي (200 مليار دولار)، أي ضعف ما كان عليه في غضون سنة واحدة فقط.

فأصبح العالم منقسم فعليا، شرق صاعد وقوي وناجح تمثله الصين وروسيا – وغرب فاشل، قراره كله يعتمد على (واشنطن) معرض للإفلاس، لا يمكنه تحقيق أي شيء في المستقبل، عرضة للانحلال، و حتى امريكا نفسها عرضة لانفكاك الفيدرالية وكثير تنبأوا أن بحلول 2024 ربما ستكون سنة مشئومة على أمريكا على وجه التحديد وأنه ربما ستحدث حروبا اهلية بين الولايات الغنية والفقيرة حربا عنصرية بين (البيض) من طرف و(السود واللاتين والهنود الحمر والعرب) من جهة أخرى.

فلا قمة أمريكية عن الديمقراطية الزائفة في زامبيا، بحلول نهاية هذا الشهر، يمكن أن تصلح صورة الغرب المتناقض المزدوج المعايير والذي كذب على الجنوب حتى في اتفاقية الحبوب، والتي أطعمها لخنازير واستخسرها في سكان افريقيا الاكثر فقرا، لأنه دائما ما يحس أنهم عبئا عليه للنظرة الدونية التي ينظر السود والعرب والمسلمين، ولكل من يحمل بشرة غير بيضاء في العالم.

فـ الدول الحقيقية التي تريد دعم وتنمية الجنوب هما فقط روسيا والصين، وهي فرصة تاريخية لنا للرد على الغرب. لأنه لولانا نحن لما ازدهر الغرب الذي يستحوذ على ثرواتنا بأرخص الاسعار. والذي يستولي على خيرة شبابنا لتعويض عجز الكفاءات لديه، ويتركنا دون عقول مبدعة.

وعليه نحتاج لقمة عاجلة للجنوب بشرط الارادة السياسية تقوم على ثلاث محاور (ثقافية – اقتصادية – اجتماعية) فلن يحس بنا إلا من تعرض للظلم وازدواجية المعايير الغربية، ولتكن في البداية من خلال الشاشات، ثم تنتقل للواقع.

والحكم لكم،،

* الكاتب: أحمد مصطفى

رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة –

ومشروع عين على الشرق بالإشتراك مع بوابة الأهرام

ماجستير في الاقتصاد السياسي والدراسات الروسية من المدرسة العليا للاقتصاد – موسكو

عضو المجلس الافريقي لتنمية دراسات وأبحاث العلوم الاجتماعية (كودسريا) داكار السنغال

ومجموعة رؤية استراتيجية – روسيا والعالم الإسلامي

* جوال: 201009229411

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى