إقتصاد

اليوم العالمي حول مشروع مرصد التراث المعماري والعمراني في الدول العربية

استمع

%d8%b5%d9%88%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d8%a8%d9%88-%d8%a7%d9%84%d8%ba%d9%8a%d8%b7

أشرف أبوعريف

يُسعدني أن أرحب بكم جميعاً في رحاب جامعة الدول العربية… بيتكم، بيت العرب.. في اليوم الإعلامي  لمشروع “مرصد التراث المعماري والعُمراني في الدول العربية”، والذي تم إطلاقه بمقر المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالعاصمة التونسية يوم 3 أكتوبر 2016، وذلك تنفيذاً لقرار مؤتمر الوزراء المسئولين عن الشئون الثقافية في الوطن العربي الذي عُقد في المنامة عام 2012، وكذا قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية في دورته 94 بالقاهرة في ديسمبر 2014.السيدات والسادة الحضور..مشروع “مرصد التراث المعماري والعُمراني” هو إسهام عربيٌ مُقدر في مجال حماية التُراث والحفاظ عليه. المدينة العربية المُعاصرة هي أحوج ما تكون اليوم لمثل هذه المبادرات من أجل إنقاذ معالمها ومواقعها الأثرية والتاريخية، وحماية هذه المواقع من التعرض لخطر الاندثار سواء بالإهمال والبلادة، أو التعمد والقصد.لقد شاهدنا جميعاً بكل الأسى ما حلّ ببعض المواقع الأثرية العربية من تدمير وتخريب على يد عصابات الإرهاب. ورأينا كيف صارت آثارنا الغالية نهباً للهمج واللصوص. إن من بواعث الألم حقاً أن يأتي بعضٌ ممن ينسبون أنفسهم إلى هذه الأمة، ويقترفون بحق ماضيها وهويتها جرائم تُذكرنا بما جرى لآثارنا في زمن الاستعمار من عملية نهبٍ منظم، لا زالت كُبرى المتاحف العالمية شاهدة عليها…. واليوم، وبعد ما جرى من سرقة ونهب على يد المُستعمِر، ها هي آثارنا وقد صارت عُرضة للتدمير والتخريب على أراضينا،  وأمام أعيننا.السيدات والسادة الحضور..المدينة العربية كما تعلمون لها طابع خاص. هي ليست مدينة ذات تكوين بسيط أو جغرافيا سهلة، كغيرها من المدن المُعاصرة، وإنما هي طبقات فوق طبقات من التاريخ البعيد والقريب… إنها مدينةٌ غنية بكل ما تحمله الكلمة من المعنى… وما من بلدٍ عربي إلا وشهد تمازجَ ثقافاتٍ، وتعاقبَ حضاراتٍ يعود بعضها لعصور ما قبل التاريخ..على ضفاف النيل ودجلة والفُرات عرف البشر سُكنى المُدن للمرة الأولى… عرفوا الزراعة والكتابة… مارسوا الفن والعُمران.. على سواحل الهلال الخصيب ظهرت الأبجدية الأولى.. على هذه الأرض، منذ ما يربو على خمسة آلاف عام، ارتفعت أولى المعابد، و شُيدت القصور، وأُقيمت المسلات. هاهنا وُلد كل معنى نبيل وجميل يجعل البشر أرقى وأكثر سمواً ورِفعة..مازالت الكثير من الحواضر العربية تحتضن آثار هذا التاريخ البعيد.. سواء في بغداد أو القاهرة أو دمشق أو صنعاء أو غيرها من مدننا الشامخة.. بين جنبات تلك المُدن، وفي ميادينها وساحاتها وشوارعها وحاراتها، امتزجت الحضارة الإسلامية وتراثها المعماري الفريد، بالحضارات القديمة وآثارها الباقية… إنه امتزاج استثنائي يكاد ألا يكون له مثيل في العالم… حماية وصيانة هذا الموروث الثقافي المُتراكم والمتداخل، في مُدن يسكنها الملايين من البشر، ويؤمها مئات الآلاف من السائحين كل عام، تُمثل تحدياً كبيراً… وواجباً ومسئولية على الحكومات وكل الفعاليات المُجتمعية والأهلية.. فضلاً عن كونها أولوية رئيسية على أجندة العمل العربي المُشترك.المشروع الذي نحتفل به اليوم هو خطوة هامة على هذا الطريق.. إن “مرصد التراث المعماري والعمراني في الدول العربية” هو بمثابة الآلية التنفيذية لتحقيق ما نص عليه ميثاق جامعة الدول العربية من  ضرورة الحفاظ على التراث العربي.. وتعلمون الدور المشهود الذي طالما قامت به الجامعة في هذا المجال، وسوف تستمر في الاضطلاع بهذا الدور بإذن الله، سواء من خلال هذه المبادرة أو غيرها من المبادرات الخلاّقة والمُبدِعة.. ولا ننسى في هذا السياق أن نُثمِّن جهود المملكة العربية السعودية في إعداد مشروع ميثاق المحافظة على التراث العُمراني في الدول العربية في عام 2004، والذي يهدف إلى حماية وتنمية أحد أهم مقومات الجذب السياحي في المنطقة العربية..وأخيراً، لا يفوتني أن أتقدم بالشكر للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم على الجهود المبذولة للحفاظ على الهوية الثقافية العربية.. كما أتوجه بالشكر والتقدير لكل إدارات الأمانة العامة بالجامعة التي قامت بالإعداد والتنظيم لهذا اليوم المُتميز..

     شكراً لكم..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى