رأى

الاتحاد الاوروبي قوة اقتصادية وليست عسكرية.. واستفاد من دورس الماضي

استمع

عبدالله مصطفى

يكتب من بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي

لقد أخطأ كل من تصور ان الاتحاد الاوروبي او حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة يمكن ان يتورط في حرب ضد روسيا للدفاع عن اوكرانيا والاسباب كثيرة ولعلها ابرزها اللجوء في السنوات الاخيرة الى مايعرف بـ الحرب بالوكالة ” فلم تعد الدول الغربية تشارك بقواتها في حروب طالما هناك من ينوب عنها ويحقق الغرض المطلوب سواء من خلال حرب اهلية او من خلال دول مجاورة او جماعات مسلحة او مرتزقة .
كما ان الوضوح كان سمة البيانات التي صدرت عن بروكسل سواء من مؤسسات الاتحاد الاوروبي او مقر حلف الناتو واكد الجميع على انه لانية لارسال اي قوات الى اوكرانيا للدخول في مواجهة عسكرية مع روسيا والمتابع للسياسات الاوروبية منذ عقود يعلم جيدا ان التكتل الموحد لم يكن يوما ما تحالفا عسكريا بل كان ولايزال تجمع اقتصادي قوي له تأثيره العالمي
ولم يتم الحديث عن ضرورة وجود جيش اوروبي موحد سوى في الفترة الاخيرة عندما تدهورت العلاقات بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة في عهد ادارة دونالد ترمب
واصبح هناك اصوات تطالب بضرورة ان تعتمد اوروبا على نفسها في مسالة الدفاع عن نفسها بدلا من الاعتماد على الولايات المتحدة في هذا الصدد وخاصة ان معظم الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي هي ايضا في حلف الناتو الذي تقوده الولايات المتحدة وكانت تتحمل مايزيد عن 70 في المئة من النفقات والمساهمات وهو الامر الذي جعل ترامب يطالب الاوروبيين بزيادة الانفاق الدفاعي وتوترت العلاقات بين الجانبين وشهدت حربا تجارية وايضا تباين في المواقف بشان العديد من الملفات ومنها ملف ايران النووي وعملية السلام في الشرق الاوسط وغيرها
ومن منطلق القوة الاقتصادية للتكتل الاوروبي الموحد فان المتابع للشأن الاوروبي يعلم جيدا انه مساهم قوي وفعال في العديد من الاحداث والانشطة الدولية والاقليمية بالاموال فقط اي انه على استعداد ان يعوض غيابه العسكري او السياسي من خلال المشاركة في تمويل مشروعات او تخصيص مبالغ مالية للمساعدة في حل قضايا عالقة وتؤرقه مثل دفع اموال الى تركيا للمساعدة في حل مشكلة الهجرة غير القانونية او ايجاد تسوية لنزاعات في مناطق مختلفة سواء في السودان او ليبيا وغيرها ويتفاخر الاتحاد الاوروبي بانه اكبر جهة تبرعات لمساعدة اللاجئين السوريين وايضا للافغان وغيرهم في دول اخرى شهدت ازمات او لاتزال تشهد توترات وتجد الاتحاد الاوروبي يبادر بالاعلان عن استعداده لتقديم المساعدة المالية اللازمة لتجاوز اثار الصراع
وبالتالي لم يكن الاتحاد الاوروبي مستعدا في يوم من الايام لخوض حرب سواء الى جانب اوكرانيا او غيرها وخاصة ان تشكل بهدف طي صفحة الحروب والصراعات في الحرب العالمية الثانية ولاينوي العودة الى مثل هذه الافعال وبالتالي يهدم كل ماتحقق طوال العقود الماضية ولايخفى على احد ان هناك دول اوروبية قوية عسكريا مثل المانيا وفرنسا وايطاليا وكذلك بريطانيا قبل خروجها من عضوية الاتحاد ولكن هذه الدول لم تخطط في اي وقت لاستخدام قوتها العسكرية في خوض اي حروب وتعتبرها فقط قوة مسلحة دفاعية في المقام الاول
والمتابع للاحداث يعلم جيدا ان السيناريو الذي حدث قبل سنوات قليلة في شبه جزيرة القرم يتكرر الان واكتقى الاتحاد الاوروبي بالادانة ولايزال حتى يومنا هذا يطالب روسيا بالانسحاب من القرم ويعتبر ضمها الى روسيا الاتحاد عملا غير شرعي وقام التكتل الاوروبي الموحد في اعقاب ذلك بفرض عقوبات اقتصادية على موسكو ولكن الامر لم يتغير
وهاهو السيناريو يتكرر اليوم ولكن الفارق هنا كبير حيث ان دخول روسيا الاراضي الاوكرانية تسبب حتى الان في قتل وتدمير وخراب لم يحدث في عملية ضم القرم وهي ايضا كانت تابعة لاوكرانيا ولكن السنوات الماضية شهدت اموالا اوروبية كبيرة لدعم اوكرانيا اقتصاديا والتي حصلت على وعود من الناتو بالحصول على عضوية الحلف العسكري.

وهو الامر الذي اثار غضب روسيا لان حصول كييف على العضوية كان يعني وجود قوات للناتو على حدود روسيا ما يمثل خطرا كبيرا على موسكو مما دفعها للتحرك العسكري ضد اوكرانيا وبعد ان فشل الغرب في تقديم اي ضمانات امنية الى موسكو وهذا ماجعل البعض من المراقبين يرون ان الولايات المتحدة وحلف الناتو ارادوا جس نبض موسكو وللتعرف على كيفية تعاملها مع مثل هذا الامر لتحديد طبيعة التصرفات المستقبلية لدول الغرب ، ولكن كانت الضحية هي اوكرانيا ..التي تدفع الثمن حتى الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى