سلايدر

الرباط.. من عاصمة الأنوار إلى عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي

استمع

المحجوب بنسعيد

    احتضن مقر مسرح محمد الخامس بالرباط في المملكة المغربية مساء يوم الخميس 24 مارس 2022 حفلا بهيجا بمناسبة الانطلاق الرسمي لاحتفالية ( الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي لعام 2022) نظمته تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل بالمملكة المغربية. وحضر هذا الحفل عدد من الوزراء في الحكومة المغربية وسفراء الدول الإسلامية المعتمدين في الرباط وشخصيات وازنة من عالم السياسة والثقافة والفنون والآداب والإعلام ، وجمهور غفير من المهتمين بالشأن الثقافي .

  وفي هذه المناسبة ألقى كلمة كل من وزير الشباب والثقافة والتواصل في المغرب السيد محمد المهدي بنسعيد ، والمدير العام للإيسيسكو الدكتور سالم بن محمد المالك ، وعمدة مدينة الرباط السيدة أسماء أغلالو كما تم عرض فيلم قصير حول مدينة الرباط ، وتسليم علم الاحتفالية إلى السيد وزير الشباب والثقافة والتواصل في حكومة المملكة المغربية. وتضمن الحفل تقديم عرض موسيقي من المجموعة الكبرى لجوق موسيقى الآلة لمدينة تطوان بمشاركة عدد من المنشدين المتألقين من مدن فاس وسلا والرباط .

  وكانت كلمة المدير العام للإيسيسكو شاعرية في مضمونها وراقية في أسلوبها حيث وصف الرباط بزهوة الدنيا وحوزة الدين وأغنية الأطلسي البيضاء ، مشيرا إلى تاريخها العريق منذ الموحدين إلى العلويين . وأكد أن الرباط بشواهد الأفعال والمجال قادرة على حمل رسالة العالم الإسلامي الثقافية وإبلاغها مرافئها دون كلل ولا وهن. كما أشاد المدير العام للإيسيسكو بالمغرب وبمعالمه الأثرية الحضارية ومنجزاته التنموية وخيراته الطبيعية . واختتم كلمته بإلقاء قصيدة شعرية تغنى فيها بمحاسن مدينة الرباط وبمكانتها التاريخية والحضارية وموقعها الجغرافي المتميز.

   ويتضمن البرنامج العام لاحتفالية الرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي عددا مهما ومتنوعا من الأنشطة والفعاليات التي ستنظمها الإيسيسكو على مدار سنة 2022 في المجالات التربوية والعلمية والثقافية تشمل مؤتمرات وملتقيات وندوات واجتماعات ودورات تدريبية وحلقات دراسية وورشات عمل ، وتنظيم مسابقات ومعارض ومنح جوائز لمبدعين ، إضافة إلى إطلاق عدد من المبادرات والمشاريع ذات الصلة باختصاصات الإيسيسكو.

  وتجدر الإشارة إلى أن انطلاق احتفالية الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي سبقته سلسلة من الاجتماعات بين المدير العام للإيسيسكو ووزير الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية وبين خبراء ومسؤولي المؤسستين منذ شهر نونبر 2021 ، خصصت لدراسة مختلف الترتيبات المتعلقة بالاحتفالية ، مناقشة الاجراءات التنفيذية حول تفاصيل البرامج والأنشطة التي سيتم تنفيذها على مدار عام 2022. كما تم تحديد الخطوط العريضة لبرنامج الاحتفالية ، والاتفاق على الترتيبات المتعلقة بتشكيل اللجنة العليا للاحتفالية، وإعداد البرنامج العام المخصص لها على مدار السنة، والشركاء من الوزارات والقطاعات الحكومية المعنية والجهات والهيئات الثقافية ذات الصلة

   إن ما يميز احتفالية الرباط عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي كونها حظيت بالموافقة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ، وبالنظر إلى هدفها العام المتمثل في إبراز ما تزخر به مدينة الرباط من موروث ثقافي عريق، وبما تحتضنه من مؤسسات وأنشطة ثقافية دولية بارزة، تعكس قيم التنوع الثقافي والحوار والتعايش ضمن الموقع الجغرافي المتميز لهذه العاصمة بين إفريقيا، وأوروبا، والعالم العربي والإسلامي، والمنطقة المتوسطية.

   كما تجدر الإشارة إلى أن الاحتفال بالرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي تم بناء على قرار المؤتمر الإسلامي التاسع لوزراء الثقافة المنعقد في مسقط بسلطنة عمان في نوفمبر 2015 الذي اعتمد قائمة عواصم الثقافة في العالم الإسلامي للأعوام 2005-2025 . وإلى جانب مدينة الرباط تقرر الاحتفاء عام 2022 بالقاهرة في جمهورية مصر العربية ، وناندونغ في جمهورية أندونيسيا ، وياوندي في جمهورية الكاميرون ، عواصم للثقافة في العالم الإسلامي .

  وقد تم الاحتفاء عام 2005 بمكة المكرمة كأول عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي. وبالنسبة للمغرب تم الاحتفاء بمدينة فاس عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي عام 2007 ، وتقرر الاحتفاء كذلك بمدينة مراكش عام 2024 .

    ويعد برنامج الاحتفاء بعواصم الثقافة في العالم الإسلامي من البرامج الكبرى والمبادرات الناجحة للإيسيسكو، والذي تسعى من خلاله إلى التعريف بالمخزون الثقافي الإسلامي لعدد من عواصم الدول الأعضاء، وإبراز تنوع وغنى وجمالية مكونات تراثه المادي وغير المادي، وإسهامات علمائه وفنانيه ومبدعيه، رجالاً ونساءً، في مختلف مجالات المعرفة والبناء الحضاري للأمة وللإنسانية جمعاء. كما تهدف من ورائه إلى تنشيط الحركة الثقافية في العواصم المحتفى بها، وتفعيل الدور المحوري للعمل الثقافي في تدبير الشأن العام لهذه المدن. ويهدف هذا البرنامج التعريف بالحواضر الإسلامية ذات العراقة التاريخية والتميز الثقافي، وتسليط الضوء على تراثها الفكري والثقافي والإبداعي، وإبراز التنوع الثقافي للشعوب الإسلامية.

واستنادا إلى وثيقية مرجعية أصدرتها الإيسيسكو حول برنامج العواصم الثقافية في العالم الإسلامي فقد تم وضع معايير دقيقة لاختيار العاصمة الثقافية في العالم الإسلامي وذلك حرصا على توافر شروط محددة تجعلها جديرة بهذه الصفة. وقد عملت الإيسيسكو على إعداد مشروع لهذه المعايير وعممته على الدول الأعضاء ليكون اختيار العاصمة الثقافية قائما على شروط موضوعية تضمن جدوى الاختيار وتحقق الهدف الأساس من المشروع وهو الاحتفال بالمدن الثقافية التي لها تاريخ ثقافي بارز ,آثار مادية وفكرية تستحق التنويه والتعريف . ومن هذه المعايير أن تكون المدينة المرشحة ذات عراقة تاريخية مدونة وصيت عالمي واسع ، وأن تكون لها مساهمة متميزة في مجالات الثقافة والثقافة الإسلامية بصفة عامة ، وأن تتوفر على مراكز للبحث العلمي ومكتبة ومخطوطات ، وان تتوفر على مؤسسات ثقافية فاعلة في مجال تنشيط الحياة الثقافية والجماعات . وهي من دون شك معايير متوفرة جميعها في مدينة الرباط عاصمة الأنوار .

    ومنذ تعيين الدكتور سالم بن محمد المالك مديرا عاما لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) تم الشروع في إعادة تصميم برنامج الإيسيسكو لعواصم الثقافة في العالم الإسلامي، لتخرج فكرة العواصم الثقافية من التقليد إلى فضاءات التحديث. ومما لاشك فيه أن تكليف الأستاذ نجيب الغياتي بمهمة المنسق العام لبرنامج عواصم الثقافة في العالم الإسلامي من شأنه أن يحقق هذه الرؤية الجديدة في تنفيذ البرنامج بالنظر إلى ما راكمه من خبرة في تدبير إدارة الثقافة والاتصال في الإيسيسكو على مدى عقود ، ومشاركته في إعداد وثائق مختلف المؤتمرات الإسلامية لوزراء الثقافة منذ عام 1989 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى