رأى

مصر كمركز إقليمى للطاقة.. وأعوام الحصاد

استمع

أحمد أبو زيد

بهدوء وبدون تحركات استعراضية، استضافت مصر الاجتماع التأسيسي لمنتدى غاز شرق المتوسط المقرر استضافة مقره بالقاهرة، لتدشن بذلك مرحلة جديدة من تحولها إلى مركز إقليمي للطاقة في تلك المنطقة، ولعل هذا التحول ليس وليد اللحظة، بل بدأ خطواته الفعلية خلال السنوات الخمس الأخيرة، حينما تواصلت الانجازات المصرية في مجال اكتشاف واستخراج واتفاقيات تداول الغاز وصولا إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي نهاية العام الماضي، وبدء خطوات تصديره خلال العام 2019، الذي أراه بداية أعوام الحصاد.
وفي ضوء الاكتشافات الجديدة في منطقة شرق المتوسط التي تنبئ بمستقبل مزدهر لدول تلك المنطقة في مجال الطاقة، أسست تلك الدول تكتلها لحماية مصالحها، في ضوء حداثة استغلال هذا المورد الضخم، الذي يزيد من مكانة تلك الدول، كما يزيد من الاطماع الموجهة لها من القوى المنافسة والمتضررة من ظهور هذه الاكتشافات الضخمة، فقد أعلن وزراء الطاقة أو البترول في 7 دول هي مصر وقبرص واليونان وايطاليا واسرائيل وفلسطين والاردن، اعتزامهم إنشاء “منتدى غاز شرق المتوسط (EMGF) لتأسيس منظمة دولية تحترم حقوق الأعضاء بشأن مواردها الطبيعية بما يتفق ومبادىء القانون الدولى، وتدعم جهودهم في الاستفادة من احتياطياتهم واستخدام البنية التحتية وبناء بنية جديدة وذلك بهدف تأمين احتياجاتهم من الطاقة لصالح رفاهية شعوبهم.
ومن أجل التأكيد على أولوية الحفاظ على حقوق ومصالح الدول الأعضاء في المنتدى، فقد جرى إعلاء قيمة الالتزام بالقانون الدولي في هذا الاطار التعاوني، فهو ليس تحالف مصالح يُقام على حساب مصالح أخرى، بل هو صورة من صور التنظيم الدولي الخاضع لقواعد القانون الدولي، فقد أكدت الدول المشاركة بالاجتماع التأسيسي على ضرورة التعاون وفقا لمبادئ القانون الدولي في منطقة شرق المتوسط بين منتجي الغاز الحاليين والمحتملين وأطراف الاستهلاك والعبور في المنطقة، وذلك لتعميق التفاهم والوعي المتبادل بالتحديات والمصالح المشتركة في مجال الطاقة بين دول شرق المتوسط.
ويراعي المنتدى احتياجات الدول المستهلكة، فمن بين هذه الدول الأعضاء بالمنتدى هي المملكة الأردنية، حيث يستهدف المنتدى مساعدة الدول المستهلكة في تأمين احتياجاتها وإتاحة مشاركتهم مع دول العبور في وضع سياسات الغاز في المنطقة، مما يتيح إقامة شراكة مستدامة بين الأطراف الفاعلة في كافة مراحل صناعة الغاز.
ولأنه في نهاية المطاف منتدى اقتصادي متخصص أو سيصبح منظمة دولية معنية بمورد طبيعي، فلا مجال لإغلاق أبوابه بوجه أي دولة أو طرف يرغب في نيل عضويته، فلدينا في منظمة الأوبك دول ربما تكون سياساتها متعارضة في كثير من القضايا، ولكن يجمع بينها التنسيق القوي في اطار منظمة الدول المصدرة للنفط، فقد تم الاتفاق في البيان التأسيسي الذي أعلنه وزارة البترول على أنه يمكن لأي من دول شرق البحر المتوسط المنتجة أو المستهلكة للغاز أو دول العبور ممن يتفقون مع المنتدى في المصالح والأهداف الانضمام لعضويته لاحقا وذلك بعد استيفاء إجراءات العضوية اللازمة التى يتم الاتفاق عليها بين الدول المؤسسة. كما اعلنوا أن المنتدى سيكون مفتوحاً لانضمام دول أخرى أو منظمات إقليمية أو دولية بصفة مراقبين، وأنه سوف يعمل على التواصل مع الدول غير الأعضاء بما يساعد على إيجاد حوار وتفاهم مشترك وتحقيق المنفعة المتبادلة وذلك وفقا لما تقتضيه الظروف، كما اتفقوا أن يكون للقطاع الخاص دور هام في المنتدى، ويدعى للمشاركة في أنشطته والاشتراك في هيئاته التنظيمية كجزء من المجموعة الاستشارية الدائمة لصناعة الغاز.
ولعل حضور فلسطين في المنتدى، يحقق هدفا هاما، فالإضافة للرسائل السياسية لهذا الحضور الفلسطيني في ظل وجود اسرائيل في نفس المنتدى، فإن السعي للاستفادة من الاحتياطيات الفلسطينية يمثل اهتماما مصريا بتعزيز الاقتصاد الفلسطيني بما يوفر لها موردا قابلا للاستغلال يدعم حل الدولتين بصورة تجعل من فكرة اقامة الدولة الفلسطينية قابلة للحياة، فقد أكد المنتدى دعم الاعضاء اصحاب الاحتياطيات الغازية في جهودهم الرامية إلى الاستفادة من احتياطياتهم الحالية والمستقبلية من خلال تعزيز التعاون فيما بينهم ومع أطراف الاستهلاك والعبور في المنطقة، والاستفادة من البنية التحتية الحالية، وتطوير المزيد من خيارات البنية التحتية لاستيعاب الاكتشافات الحالية والمستقبلية.
أحمد أبوزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى