رأىسلايدر

الدروس المستفادة من طوفان القدس

استمع

بقلم: أحمد مصطفى

اقتصادي مصري ومدرب دولي للشباب

مدير مركز آسيا للدراسات والترجمة

حاصل على ماجستير في الاقتصاد السياسي 2021، من المدرسة العليا للاقتصاد بـ موسكو

عضو كوديسريا ، داكار ، السنغال ، ومجموعة الرؤية الإستراتيجية

روسيا والعالم الإسلامي، صحفيون ضد التطرف

استراتيجيا

للمرة الثانية وفي نفس المناسبة “احتفالات اليوبيل الذهبي لنصر أكتوبر تقهر اسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لا يقهر. وكأننا نتابع القصة الحقيقية لـ “فيلم الممر” تتكرر مرة أخرى في صباح السبت الموافق السابع من أكتوبر 2023 وبعدد قتلى يزيد عن 300 قتيل وفقا للمصادر الرسمية. وكذلك أكثر من 1500 جريح غير الأسرى – حيث أننا لن نسمع عن خسائر بشرية اسرائيلية بهذا الكم منذ وقت حرب أكتوبر 1973، وكأن روح أكتوبر تصبح كالطوفان وعليه سميت العملية المفاجأة “طوفان الغضب”.

كم ما أطلق من صورايخ من أراضينا في غزة ربما يصل حاليا لحوالي 6000 صاروخ شلت معظم الأراضي المحتلة اسرائيلية وتم الهجوم على 6 مستوطنات اسرائيلية – وهذا بدوره سيتسبب في سوء الحالة النفسية داخل إسرائيل وجعلهم في حالة تخبط وقلق وعدم وضوح الرؤية وقلة ثقة وخوف – يستفيد منه الطرف الفلسطيني.

أصبح السلاح الأمريكي غير ذو ثقة من المشترين المحتملين لتعرضه لثلاث حوادث مخجلة (أولها) أزمة “صواريخ باتريوت” في السعودية في 2019 بعد تعرض شركة أرامكو لمسيرات وصواريخ الحوثي وعرض الرئيس بوتين على السعودية شراء منظومة إس 400 الأقوى كبديل موثوق وأقوى كما اشترتها كلا من إيران وتركيا.

(ثانيا) أيضا أثبتت الأسلحة الأمريكية والناتو أنها ليست بكفاءة السلاح الروسي من خلال الساحة الأوكرانية على مدار ما يقرب من سنتين في هذا الصدد، من خلال العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا. وقد قضت الأسلحة الروسية على كافة هذه الأسلحة، وقلبت الطاولة على الناتو والاتحاد الأوروبي وأصبحت أوروبا في أزمة استراتيجية اقتصادية.

الأمر الفاضح وهو فشل منظومة ما يسمى “القبة الحديدية الأمريكية” مع الكيان الصهيوني منذ 2021 مع حرب مايو ضد حماس والجماعات الفلسطينية، والأمس تم شلها تماما بحث تصبح معدومة التأثير – وعليه أعتقد أن بولندا ربما ستعيد التفكير طويلا قبل أن تشتري هذه المنظومة الفاشلة من أمريكا والتي فشلت في إسرائيل.

هذه العملية تثبت كفاءة السلاح الروسي الشرقي على السلاح الأمريكي الغربي تماما كما حدث في حرب أكتوبر 1973 لتحرير سيناء وهذا للتذكير.

استخدام الذكاء الصناعي والتكنولوجيا الفائقة من جانب الفلسطينيين في شل بعض الأجهزة الاستراتيجية في اسرائيل مما يؤكد أنها عملية نوعية وغير عشوائية مدروسة بشكل متقن ومعروف نتائجها مسبقا مستغلا حالة الاسترخاء والثقة الزائدة داخل الكيان الصهيوني.

الإدعاء بأنها عملية إرهابية

يحاول الإعلام الغربي الموبوء والغير منصف على الأطلاق تجاهنا كعرب وكمسلمين و كشرقيين وكـ شعوب من الجنوب مرة أخرى يتشبيه العملية التي جرت على أنها عملية إرهابية تشبه “الكذبة الكبرى – كما ورد على لسان الكاتب الفرنسي تيري ميسان” أي عملية 11/9 على برجي التجارة في نيويورك.

ولكن هيهات، فلقد ذاق الفلسطينيون الذل والهوان في آخر دولة نظام فصل عنصري على مدار 75 عاما من الاحتلال الاسرائيلي الغاصب، مع انكار الغرب لحقوق الشعب الفلسطيني من خلال استخدام “الفيتو” في مجلس الأمن لإدانة إسرائيل. مع عدم الاكتراث بكل القرارات الدولية الخاصة بإقامة دولة فلسطينية على الأقل للشعب الفلسطيني، لكي ينعم هو وتنعم المنطقة بالأمان والاستقرار والانتعاش الاقتصادي.

أيضا مع وجود عدد كبير من المعتقلين من شباب ونساء وأطفال في السجون الإسرائيلية، وسوء معاملتهم والتي تسببت في موت بعضهم غدرا داخل السجون بسبب الإهمال الطبي المتعمد إسرائيليا.

أي إرهاب يتحدث عنه الغرب وهو مصدر هذا الإرهاب ومن يديره، وما حدث في حمص منذ ثلاث أيام في حفل تخريج طلاب الكلية الحربية كان أكبر دليل على تواطؤ وإرهاب الغرب ضدنا وهذا للتذكير – كذلك الغارات الاسرائيلية العدائية المستمرة على سوريا – اليس كل هذا إرهاب إسرائيلي غربي مسكوت عنه؟!

إعلاميا

فضحت الأكاذيب الاسرائيلية التي تدعي انهم الأقوى في المنطقة وأنها تتحكم فيها حتى اعلاميا ولم تستطع المحركات البحثية الغربية وتطبيقاتها هذه المرة الكذب وتغيير الحقائق بالرغم من تأخير بعض المعلومات وهذا متعمد، حتى تبعد الرأي العام العالمي عن هول ما حدث و الكارثة والفضيحة التي حلت بالجيش الإسرائيلي وإسرائيل افبنة المدللة لديهم.

ولكن الشباب العربي كله يتفاعل وحتى الساعة مع أهالينا في غزة ويقف بجانبهم لأن هذا أقل حقوقهم فالشباب يعيدوا نشر كل المقاطع والصور والاحصائيات دقيقة بدقيقة على وسائل التواصل الاجتماعي وهناك حالة من الفرح بين الشباب العربي لأنه يستعيد حقه وهذا ما حدث في حرب غزة آيار 2021.

وهذا أيضا يؤكد على فكرة إنشاء محركات بحثية موازية لجوجل بحيث لا يمكن فلترة بعض الأحداث أو محوها أو تحريفها. وهنا تأتي المسئولية الصينية والروسية والهندية والإيرانية والعربية للتحالف في إنشاء هذا المحرك البحثي وهم يملكون كافة الموارد اللازمة لذلك من مادية وبشرية وتقنية.

إقتصاديا

إسرائيل بكل تأكيد تعاني اقتصاديا لأنه بناءا على التقارير الإسرائيلية بدأت الشركات الكبرى تنسحب من هناك بسبب الأزمة الداخلية معه (حكومة نتنياهو) التي أقرت قوانين تهدم روح الدولة العلمانية، وتجعل من إسرائيل دولة يهودية دينية متطرفة وعنصرية ضد الديانات الأخرى

وستعاني أكثر بعد هذه اللطمة القوية التي افقدتها صوابها لأنها لم تعد أرض الميعاد والأحلام كما روجوا لذلك كذبا على العالم وصدقهم حتى بعض الدول العربية التي طبعت معهم ظنا منهم أنها يمكن أن تحميهم – وبعد ما حدث اقتنع العرب والمسلمون انها “أوهن من بيت العنكبوت”.

لا يمكن لإسرائيل (قلب الطاولة) لعدة أسباب كما ذكرنا الداخلى منها وهي استمرار هروب الشركات والعقول الغربية وغير الغربية الى دول اخرى، لأن الوضع أصبح حاليا غير آمن وضبابي في أزمة غير واضحة المعالم.

وإذا فكر نتنياهو إشعال حربا ومحاولة النيل من دول قريبة، ظنا منه كذبا أنها متورطة، فستكون حتما “الضربة القاضية” لإسرائيل، وعليه يحاول (بلينكن – وزير الخارجية الأمريكي الصهيوني) حث مصر والسعودية والأردن بمحاولة تسوية الأوضاع بأي طريقة حتى لا تنهار إسرائيل. ولكن هذا شأن فلسطيني داخلي، وقد حذرت مصر والأردن إسرائيل مرار وتكرار من غضب مضاد، ولكن لم يستمع أحد.

الوضع النفسي للشعب الاسرائيلي متأزم وحالة عدم الثقة وانعدام اليقين من أكبر معاول هدم انتعاش الاقتصاد.

خارجيا – بموجب العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا استطاع بوتين استنزاف القوات والحكومات الأوروبية والأمريكية قاطبة من خلال الناتو والاتحاد الأوروبي. لـ وجود قيادات لا تتسم بالذكاء ولا الدبلوماسية ولا الخبرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بل وجود متطرفين في قيادات هذه الدول يتسم بالغباء الشديد. كذلك عدم القيام بأي سيناريوهات مستقبلية اعتمادا على معلومات بريطانية وأمريكية خاطئة، ضللهم بها بوتين من خلال مراكز أبحاثهم في موسكو وغيرها من الدول السوفيتية السابقة.

ومع السقوط المدوي للسلاح الأمريكي كمنظومات صورايخ أو قبة حديدية أو دبابات أو حتى طائرات أثبتت فشلها في أوكرانيا وكذلك في إسرائيل – سيعيد المشترون المحتملون النظر في صفقات السلاح الأمريكية والغربية ومرة أخرى لأنها لم ولن تحقق النتائج المرجوة، وبالتالي سيخسر لوبي السلاح والمجمع العسكري الأمريكي مليارات جراء فشل هذه الأسلحة.

ومع استمرار العملية الأوكرانية الخاصة وارتفاع أسعار النفط والغاز لأننا على أعتاب الشتاء غربيا، وحدوث إنشقاق في حبات العقد الأوروبي بالنسبة لدعم أوكرانيا لأن الميزانيات الأوروبية تعاني.

فلا توجد أي أموال إضافية يمكن التضحية بها لـ صالح اسرائيل حاليا للدفاع عن نفسها ولهذا تصر أمريكا على إيقاف الاشتباك الحادث فورا لأنه ليس في صالح الغرب ككل وهي على رأسه – وعلينا فهم ذلك تماما، لأن استمرار هذه العملية لعدة أيام ربما يتسبب في هزيمة اسرائيل هزيمة نكراء لا تمكنها من البقاء بعدها وعليه توقف الأجندة الغربية عن العمل في منطقتنا وهذا يجب أن نعمل عليه.

ما لدى العرب وفلسطين الكثير حاليا

يجب أن نتعلم من الدروس السابقة خصوصا ما حدث بعد هزيمة اسرائيل في حرب تموز 2006 قابله للاسف خذلان عربي واسلامي وقرار أممي أخرق تحت رقم (1701) لم يكن في صالح المنتصر وقتها اقصد لبنان.

أما هذه المرة – الوضع مختلف فلدينا عدد كبير من الأسرى ومنهم ضباط جيش ومستوطنين، وكذلك الحالة التي صنعها الفلسطينيون وضعت الفلسطينيين في مكانة أعلى بكثير من العدو الإسرائيلي ولا بد من العمل من خلال الجامعة العربية ومنظم التعاون الإسلامي والأمم المتحدة للحصول على كافة الحقوق الفلسطينية المغتصبة وهي أفضل فرصة لذلك وخصوصا الدولة الفلسطينية.

أيضا التوحد ما بين الفصائل الفلسطينية ونسيان الأهواء الشخصية لأنه دائما العمل الجماعي هو الذي يزلزل العدو وليس الفرقة والفردانية.

إنه بالفعل ميلاد نظام عالمي جديد بدأ في أوكرانيا ثم في أراضينا الفلسطينية المحتلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى