رأىسلايدر

ماذا بعد ‘طوفان الأقصى’.. غزة بحماس

أم حماس بلا غزة؟

استمع

بقلم: نوران يوسف عز الدين

إن الاعمال الدامية التي ارتكبتها إسرائيل ومازالت ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني في محاولة منها للرد على احداث الـ 7 من أكتوبر والتي تسببت في مقتل الاف الفلسطينيين في غزة لم تكن متكافئة مع الحدث، كما أنها تهدد بإشعال الأوضاع في الشرق الأوسط بأكمله، وهو الأمر الذي يدفع المجتمع الدولي إلى إعطاء الأولوية الآن لمسألة وقف القتال قبل استئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية التي استعادت شرعيتها وبين حكومة جديدة في تل ابيب من دون نتنياهو.

أن الحرب الجديدة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في أعقاب احداث الـ7 من أكتوبر قد إعادت القضية الفلسطينية للظهور من جديد على المشهد السياسي ولكن بشكل أكثر الحاحاً، على الرغم من محاولة الأطراف الفاعلة سواء في المنطقة أو على الصعيد الدولي لنسيانها.

أن الأولوية القصوى الآن من أجل الخروج من حلقة العنف والتوصل لحل سياسي تكمن في الوقف الفوري لأطلاق النار، لا سيما وأن الوضع السائد الآن لم يسبق وأن شهدته غزة من قبل: حصار كامل مع انقطاع للماء والكهرباء، نقص أمدادات الإغاثة والمواد الغذائية السياسية، والقصف المتواصل دون انقطاع. الأمر الذي يؤكد على أن إسرائيل قد دخلت مرحلة جديدة من الحرب مما دفع المفوض السامي لحقوق الأنسان في الأمم المتحدة إلى القول بأن” قصف مخيمات اللاجئين في جباليا يعتبر جرائم حرب”.

والسؤال الذي يدور هنا ما هو الهدف الحقيقي لإسرائيل من وراء ذلك؟ هل هو القضاء على حماس وهو أمر يستحيل تحقيقه حيث يصعب تدمير عقيدة، وحتى أن استطاعت إسرائيل قتل مسؤولي الحركة واحد بعد الأخر، فأن عقيدتها وأفكارها ستبقى ولكن بشكل أكثر تطرفاً نتيجة لما ارتكبته إسرائيل من قصف دموي في حق الشعب الفلسطيني.

إن حكومة بنيامين نتنياهو ليس باستطاعتها الإفصاح عن أهدافها الأخرى بخلاف الأهداف العسكرية، كما أن وواشنطن التي تعهدت من جانبها بدعم إسرائيل بشكل غير مشروط، قد بدأت في نشر تصريحات مفادها ضرورة استعادة عملية المفاوضات السياسية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.

ما هي الحلول المطروحة على طاولة المفاوضات؟ حل الدولتين؟ ليس هناك خيارات أخرى حتى وأن بدا تحقيقه اليوم أمراً صعب المنال بسبب احتلال الضفة الغربية الذي لم ينتهي بل أصبح أقوى منذ اتفاق أوسلو في 1993، وزيادة عدد المستوطنين من 280.000 في 1993 لأكثر من 700.000 مستوطن اليوم، فأن حل الدولتين يتطلب إزالة المستوطنات وعودة المستوطنين لدولة إسرائيل.

من ناحية أخرى، هؤلاء الذي ينتمون لأحزاب متشددة، ودينية، وحريدية، فانه من غير المطروح لديهم الخروج، خاصة أنهم مدعومين ومسلحين من وزراء في الحكومة ينتمون لتلك التيارات.

إن استعادة عملية المفاوضات السياسية لا يمكن أن تتم الا مع وجود حكومة جديدة في تل ابيب دون نتنياهو الذي وضع بقائه السياسي في ايدي المتطرفين الذي ينكرون وجود الفلسطينيين، وعلى الجانب الفلسطيني إعادة الشرعية إلى السلطة الفلسطينية من خلال اجراء انتخابات.

إن الاعمال الانتقامية العشوائية التي قام بها الجيش الإسرائيلي وراح ضحيتها الاف المدنيين من بينهم أكثر من ثلاث الاف طفل، وحرمان 2.2 مليون من السكان من المياه والأكل والدواء، الامر الذي يعتبر دون أدني شك أو جدال بمثابة جرائم حرب، وبالأحرى جرائم ضد الإنسانية.

وإذ كان هذا التصعيد الجديد الدامي يمثل تحولاً جديداً من حيث شدته وميوله، فأنه يجر المنطقة للانزلاق نحو الهوية، ويندرج كأحد اشكال الاستمرار في ” قانون تاليون” (نهج العين بالعين) الذي ساد لعقود طويلة في الشرق الأوسط والذي قاد إلى هذه الكارث.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف يمكن وضع حد لحلقة العنف الدموي في غزة؟

ففي الوقت التي تراجعت فيه احتمالات التوصل لحل سياسي دائم بسبب الاستمرار في الاستيطان في الضفة الغربية دون هوادة وزيادة عدد الضحايا في غزة، ينبغي اعطاء الأولوية القصوى لمسألة الوقف الفوري لإطلاق النار باعتبارها حاجة انسانية ملحة للشعب الغزاوي وأيضاً إسرائيل، خاصة أن استراتيجية إسرائيل العسكرية المتمثلة في دحر حركة حماس محكوم عليها بالفشل، غير ان ذلك لم يكن السبب الأوحد الذي قد يجعل مساعي اسرائيل للتخلص من حماس أمراً وهمياً، ولكن أيضاً وجود الاف الأطفال المتضررين نفسياً من الهجمات الإسرائيلية سيتسبب في نشأة جيل جديد من الجماعات المتطرفة الذي يواصل مسيرة المعارك العدمية لحماس.

وفي ذات السياق، يجب أن تتضمن خطة السلام الجديدة فرض الوقف الفوري للأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية وإزالة المستوطنات التي تجعل مسألة حل الدولتين يوماً بعد يوم غير قابلة للتطبيق.

واخيراً، فإن تحقيق العدالة والتصدي للإفلات من العقوبة يأتي في صميم الخطة الجديدة للسلام. كما أن وجود إجراءات قضائية منصفة ونزيهة وذات مصداقية ستسمح بالمضي قدماً في عملية المصالحة.

إن المحكمة الجنائية الدولية بوسعها القيام بدور محوري في هذا الامر، غير أن ذلك يتطلب من الدول الغرب تقديم الدعم المالي والسياسي لها، أسوة بما حدث في أوكرانيا.

* ويبقى السؤال: لأعراب العرب.. ماذا بعد ‘طوفان الأقصى’.. غزة بحماس أم حماس بلا غزة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى