رأى

الانتخابات الروسية بين الداخل وتداعيات أوكرانيا

استمع

أحمد مصطفى يكتب

تعد الانتخابات الرئاسية الروسية من أهم أحداث عام 2024 السياسية العالمية، وسيترتب عليها آثار اقتصادية وسياسية واجتماعية واستراتيجية داخل وخارج روسيا. وعليه، تحذر السلطات الروسية من أي تدخلات خارجية وتعتبرها عملا عدائيا إن حدث، ومن خلال الضيفين د/ خطار أبو دياب (مستشار مونت كارلو السياسي)، ود/ أحمد مصطفى (رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة) سنناقش هذا الموضوع في برنامج “نقاش مونت كارلو” الذي بث على الهواء تمام الساعة 5:30م بتوقيت باريس، الإثنين 11 مارس 2024.

عملية قتل الرهبان المصريين في جنوب افريقيا مؤخرا هي “عملية إرهابية” مقصودة من قوى الشر وعلى رأسها أمريكا، وبريطانيا، واسرائيل منشئي الإرهاب في العالم، بداية من “القاعدة” انتهاءا بـ “داعش”. والمقصود منها هز صورة جنوب افريقيا والتي تصدرت عالم الجنوب والشرق، دفاعا عن حق الفلسطينيين المسلوب في محكمة العدل الدولية. وعمل قطيعة ما بين مصر ومسيحيي المشرق من ناحية وجنوب أفريقيا من ناحية أخرى. وهز صورة جنوب إفريقيا في الاتحاد الافريقي بعدما منعوا اسرائيل من المشاركة بصفة مراقب في القمة الافريقية مؤخرا في إثيوبيا للعام التالي على التوالي. لأن جنوب إفريقيا تلميذة الزعيم عبد الناصر حملت على عاتقها الدفاع عن فلسطين عندما غاب العرب والمسلمون عن هذا الدور. المؤامرة مكشوفة وواضحة.

الحوار

توجد اتهامات للمخابرات الروسية وجهتها للمخابرات الامريكية من التدخل في الانتخابات الرئاسية، هل هناك قلق من روسيا من هذه النقطة على وجه التحديد؟

ابو دياب: لا خطر على الانتخابات الروسية مطلقا، لأن غالبية المرشحين يشبهوا الرئيس بوتين أو من نفس تياره فلا توجد معارضة حقيقية – لأن المعارض الرئيسي مات في السجن أقصد “نافالني” – ولكن بالنسبة التدخلات تحدث دائما بين القوى الكبرى وبالمقابل تخشى الولايات المتحدة من التدخل الروسية بالمقابل، كما حدث سابقا.

هل تغطي قضية التدخلات على موضوع المعارضة الداخلية الروسية؟

أحمد مصطفى: ومن منا لا يتذكر اذا كنا نتكلم عن معارضة الداخل ما حدث في أفراد جماعة “احتلوا” في الولايات المتحدة في 2011، اليسوا في السجون الأمريكية حاليا ولا أحد يسمع عنهم شيء والباقين قد تم تصفيتهم. فلنتكلم أيضا عن جرائم وإرهاب ارتكبته المرشحة السابقة في 2016 هيلاري كلينتون من اتجار في بشر وزراعة داعش في العراق وفي سوريا، أين دور الولايات المتحدة في الرقابة على هؤلاء. كذلك أن نسب الإنفاق في 2020 على الانتخابات الرئاسية الأمريكية وصلت ما فوق 15.5 مليار دولار حسب موقع أوبن سيكريتس.

وهل في روسيا لا ينفق مبالغ مماثلة في روسيا على انتخابات الرئاسة؟

أحمد مصطفى: هذا غير وارد لأن معدلات التضخم والدين الخارجي أعلى بكثير في أمريكا مقارنة بروسيا، فراتب بحوالي 1000 دولار أمريكي داخل روسيا ربما يوازي 5000 دولار في امريكا لن روسيا دولة وفرة. أيضا راقب الانتخابات داخل روسيا في 2018 حوالي 58 دولة وكانت كاميرات المراقبة في كافة الدوائر الانتخابية وتوجد ديمقراطية وحرية تعبير شهدتها بنفسي داخل روسيا.
بينما سؤالي هنا (من يراقب انتخابات بريطانيا وأمريكا؟) فلم نسمع عن هذا الكم من المراقبين الدوليين راقب انتخاباتهم. المشكلة الأساسية هي من يراقب من – لأن الغرب يعتقد أنه من وضع معايير وأسس الديمقراطية وحرية التعبير – ولكنه أطاح بهما من خلال “أزمتي أوكرانيا وغزة” للاسف الشديد وأظهر عوراته للعالم من خلال ازدواجية المعايير وغياب الديموقراطية وحقوق الإنسان أيضا.

تصريحات ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا في 2011 عندما حدثت الاضطرابات وقتها، وقال “فلتذهب الديمقراطية وحقوق الانسان الى الجحيم وليبقى أمن بريطانيا.”

في الغرب يعتبرون أن هذه الانتخابات شكلية، ما رأيك؟

ابو دياب: طبعا هي شأن داخلي ولكل نموذجه، وهناك دول بها نسبة تصويت 95% وبها ديمقراطية شكلية وهي ديكتاتورية مقنعة. بالرغم من تأثير لوبي المال هناك في أمريكا، إلا أن رأي للناخب الأمريكي مهم وتوجد ضوابط – إلا أن الديمقراطيات في تراجع والديكتاتوريات في تقدم، خصوصا مع تصدع العولمة – وهناك دول توفر على نفسها هذه التجارب مثل “الصين” على سبيل المثال ليس بها انتخابات وأن الحزب الشيوعي يحسم اللعبة كأنه نظام إمبراطوري- وكذلك الأمر في (إيران وروسيا) مع أي انتخابات سيحكم المرشد أو بوتين، ومع الاتهامات المتبادلة بين الدول الكبرى وبعضها، تأتي هذه المكايدات ضمن اللعبة السياسية الكبرى.

قبيل الانتخابات الروسية مباشرة انضمت السويد للناتو، وتمت اقالة قائد الاسطول البحري الروسي، وبالمقابل هناك تقدم للجيش الروسي وروسيا في حربها على أوكرانيا، وهو أمر ملائم للرئيس بوتين للفوز بالإنتخابات – ما رأيكم في هذه الأمور؟

أحمد مصطفى: ستولتنبرج أمين عام الناتو مجرد دمية في يد أمريكا كذلك دول أوروبا الغربية، وتصريحاته الخاصة بتزويد أوكرانيا بمقاتلات إف 16 عرضته للانتقاد وربما التهديد بالاقالة من قبل بعض المسئولين الأمريكيين الذين وصموا تصريحاته هذه بـ الخائبة. أمريكا من أفسد الديموقراطيات في العالم وصداقتي السابقة بـ “بيتر ليدن” مستشار حملة أوباما الانتخابية، أكد لي لكي تكون رئيسا لأمريكا لا بد أن يكون لديك مبلغ لا يقل عن 100 مليون دولار، هل هذا متوافر لدى باقي المواطنين الأمريكان، أم أن الرئاسة والمناصب العليا محجوزة لـ الأغني فقط؟! وأذكركم أن حتى جائحة كورونا التي تسببت فيها أمريكا لغرض ما كانت روسيا السباقة من خلال معامل وزارة دفاعها لإنتاج اللقاح الواقي، والذي حصل عليه حتى الدبلوماسيين الألمان في روسيا. للثقة المتوافرة وقتها في الجانب الروسي، وهذا بموجب شهادة المستشار السياسي الألماني “د/ كورداتش” في موسكو. وكذلك حزمة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والتعديلات الدستورية التي أقرتها روسيا في 2020 في غفلة الغرب، أعطت الكثير من الحقوق للمواطنين الروس، ومكنت المرأة الروسية أكثر. وهي إنجازات لروسيا تقنع الناخب الروسي، وخصوصا مستوى روسيا الذي تقدم اقتصاديا برغم العقوبات التي أضرت بالغرب أكثر من روسيا، وكذلك الحفاظ على سيادة روسيا.

هل هذا يؤثر على صناديق الاقتراع في روسيا؟

د خطار: ربما بعض أمهات ونساء بعض الجنود لن تذهب للانتخابات، وكذلك عائلات المعارضين وهم قلة، ولكن الغالبية ستذهب لأن كل ما ذكر أعطى بوتين وأعطى روسيا قوة، وخصوصا في الملف الاقتصادي والتحايل على العقوبات، ونسبة كبيرة اعتقدت في أهمية الأمر والموضوع الأوكراني لن يؤثر. ولكن ما سيؤثر مستقبلا هو قوة بوتين في الاستمرار في بسط نفوذه على روسيا، وربما روسيا كانت قد تعرضت لهزة فيما يخص ما حدث مع “قوات فاجنر”، ولكن مع قوة بوتين والدعم الصيني استطاع أن يتخطى كل هذا.

ولكن بالنسبة لملفات خاصة بالمعارضين وما حدث في جنازة نافالني وأهالي الجنود الأوكران – ماذا تعتقدون؟

د أحمد مصطفى: ما تقولينه هو حرية التعبير بعينها ولم يتم التضييق على هؤلاء – لقد واجهت شخصيا فريق نافالني في 2021 – وهو كان مصنف نشط سياسي، ولكنه شخص نازي للنخاع، وتم شطبه من “أمنستي إنترناشونال” بسبب فيديوهات نشرها ضد العرب والمسلمين والأفارقة في روسيا، وأن روسيا فقط للفاريانج (الروس البيض الأوكران فقط)، ويرجى مراجعة هذا الأمر بأنفسكم. أين حرية التعبير في بريطانيا مثلا عندما أنهت مقدمة بي بي سي الحوار مع عضو حزب العمال البريطاني عندما نتكلم بأمانة عن موضوع غزة.

الدراسات المقارنة مهمة جدا، يوجد معارضة فعلية في روسيا، ولكن أين المعارضة في بريطانيا مع إفساد حزب العمال، والإطاحة بـ جيرمي كوربين، والإتيان بصهيوني رئيسا للحزب؟ أين المعارضة مع مرشحين أمريكيين في سن الأجداد محسوم أمرهما في أمريكا؟ حتى في فرنسا، فقد باع (ميلانشون) نفسه زعيم اليسار إلى ايمانويل ماكرون في الانتخابات الرئاسية الربيع الماضي.

مشكلة المعارضة الروسية وكنت طالب ماجستير في الدراسات الروسية وفي جامعة تصنف على انها معارضة روسية (المدرسة العليا للاقتصاد)، أنها متشرذمة وغير موحدة، وكل منها له أجندته. فمثلا انتخابات 2018 الرئاسية الروسية كان هناك 7 مرشحين في مواجهة الرئيس بوتين، ما بالك لو كانوا قد تحالفوا. جدير بالذكر اني قد قمت بعمل “مناظرة للانتخابات الرئاسية الروسية” داخل جامعة القاهرة قبل إجراء الانتخابات في ذات العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى