سلايدر

العالم الإسلامى الذى تريد السعودية قيادته

استمع

%d9%86%d8%b4%d9%88%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%88%d9%81%d9%89-2

نشوى الحوفى

تابعت تصريحات وزير الشئون الإسلامية السعودى، الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ، التى قال فيها إن المملكة هى الأحق بقيادة العالم الإسلامى وإن مؤتمر الشيشان كرّس للفتنة.

تعجّبت من تصريحات الوزير السعودى التى خلطت الأوراق لمجرد استبعاد الوهابية والسلفية من تعريف شيخ الأزهر لمفهوم أهل السنة. وبعيداً عن قناعتى برفض التمييز فى الإسلام الذى نزل بصورة واحدة موحدة دون أى تصنيف (هذا سلفى، وهابى، إخوانى، شيعى) فقد تساءلت عما إذا كان الوزير السعودى يدرك حقيقة العالم الإسلامى الذى يتحدث عن قيادته.

وتمنيت لو أسأله: هل يتابع مثل الجميع صور دمار البيوت والمدن فى سوريا واليمن والعراق وليبيا وربما بعض مناطق لبنان؟ هل رأى وجوه اللاجئين السوريين الذين اقتربوا من أربعة ملايين مواطن؟ هل رأى عيون أطفال العراق وقد عكست أحلامهم المبتورة؟ هل رأى نسوة العرب وهن يحاولن تدفئة الصغار بنار لا تحتضن أوانى طعام يُشبع فى خيام لا تقى شر صقيع لا يرحم، وشيوخاً كفّت أيديهم عن التضرع للسماء من كثرة وهنٍ ألمَّ بها، ورجالاً شد العجز وثاقهم فأقعدهم حتى عن حماية العرض من شهوة تاجر دين وحماية الأرض من فجور تاجر وطن؟ هل تابع انهيار اليمن على مدار سنوات غرق فيها جهلاً وقاتاً وإرهاباً وبطالةً وفقراً؟ هل شاهد تصريحات الداعشيين فى ليبيا وسوريا والعراق وهم يتوعدون بإقامة الدولة الإسلامية فى بلاد أوهامهم؟ يا عزيزى، هذا حالنا، فعن أى عالم إسلامى تود أن تقوده السعودية تتحدث؟

هكذا هى الصور التى يلتقطها التاريخ لنا الآن، لن يصور التاريخ بذخ نخبتنا فى تقديم أنفسهم فى الندوات والفضائيات دون وضع رؤى لتحرير أقدامنا، ولا إسراف أثريائنا فى اكتناز المال والعوم فى بحور لا تعرف إلا الزيادة ولغة المصالح أينما كانت، ولا ابتسامات زعمائنا فى صور اجتماعاتهم، هو فقط يسجل خيبتنا بالصور والأرقام، ويرصد مظاهر سيطرة فقر وجهل وغرب رضع الاستقواء من أثداء ضعفنا وهواننا على أنفسنا.

نعيش المتناقضات فى أمتنا بتسليم للفرضية دون عناء. أمة تمتلك من الثروة البشرية 350 مليون إنسان وتستورد العمالة الشرق آسيوية والغربية والأفريقية، بينما ترتفع معدلات البطالة فيها لتحتل المركز الثانى على مستوى العالم بنسبة 11.5%. بلاد رزقها الله ثروات النفط والطاقة فتعيش على ما تبيعه منها كالعاطلين بالوراثة دون إسهام حقيقى فى الناتج البشرى، فتستورد حتى عقالها وجلبابها وفانوس رمضانها الفاطمى من بلاد تعرف للعمل قيمة وللقرش هدفاً فتنتعش وتنمو، بينما نحن ينهش الفقر فى أجساد أهالينا بنسب تضحك من شر بليتها فى دول منحها الله أسباب الحياة برغد. ولكن يترك الفقر بصماته على الوجوه ومن قبلها الأرواح فتصير عاجزة دوماً حتى عن شراء قوتها.

أمة «اقرأ» وثلثها أمى لا يقرأ ولا يكتب ويعيش على وهم أن التناسل مباهاة بين الأمم حتى ولو بعلة مدّ اليد وبيع العقل وانتحار النفس. أمة تسير نائمة وراء مخططات حروب وتقسيم دينى وطائفى قمىء دون أن تستوعب ما يحدث لها.

هل تدرك يا معالى الوزير حال عالمنا الإسلامى الذى يضرب رأسه إرهاب الفكر وفساد الضمائر وأمية الخلُق؟ هل هذا هو ذات العالم الذى تتحدثون عن قيادته وتبعيته للسعودية. هل تدرك مؤامرات المحتل المتربص بنا حالماً بعودة جديدة لأرضنا حتى ولو على أجساد أهلها؟ لا تبحث عن قيادة ولا تتحدث عنها فى عالمنا العربى إلا لو امتلكت أسس إنقاذه وحماية شعوبه وتنمية مهاراته. واحذروا خلط الأوراق، فهو مدمر لعالمنا الذى تسعون لقيادته.

*نقلاََ عن جريدة الوطن المصرية..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى