سياسة

دعماً لتواصل الحضارات.. سفير عُمان يحتفي بالعيد القومي للسويد

استمع

DSC_0292

مهند أبو عريف

تفعيلاً لسياسة سلطنة عمان بالانفتاح على حضارات العالم عبر المشاركات الاجتماعيةوالثقافية، فضلا عن الدبلوماسية..  شارك أمس سفير سلطنة عمان ومندوبها لدى جامعة الدول العربية سفارة دولة السويد احتفالا واحتفاءا بعيدها القومي.

الملفت للنظر أن السفير خليفة الحارثي لم يرتدي الزي الرسمي العماني، بل البذة المدنية تأكيدا على التوافق  والتواصل الحضاري مع الآخر.

من اللافت للانتباه أيضا أن التواجد العربي الدبلوماسي في المناسبة كان نادرا، وهذا ما يؤكد حرص السلطان قابوس على الانفتاح والتواصل الحضاري وليس الصدام مع الحضارات الأخرى.

السويديون منفتحون على الشعوب الأخرى ويشعرون أنهم تأخروا عن أقرانهم الأوروبيين الذي أقاموا علاقات مع منطقة الخليج العربي منذ عقود طويلة رغم أن السويد والمنطقة الاسكندنافية –عامة- كانت من أوائل المناطق التي وصلها العرب منذ مئات السنين، إذ قبل أكثر من ألف سنة، وبالتحديد عام 921م وصل رجل من بلاد العرب إلى البلاد الاسكندنافية حاملا رسالة من الخليفة العربي إلى ملك تلك البلاد، كان هذا الرجل هو أحمد بن فضلان، وبقي هناك حتى عاد عام 924 ميلادية حاملا معه ما سجله خلال رحلته عن البلاد التي مر بها أو عاش فيها، وقد عُرفت تلك الكتابات بـ «رحلة ابن فضلان»، ولم يكن ابن فضلان سفيرا عاديا أو مبعوثا عابرا، فقد كان الرجل ذا بصيرة ثاقبة سجل من خلالها مشاهداته ودوّن آراءه عن حياة الناس وعاداتهم وسلوكهم، وقد كان لرسالة ابن فضلان أثر في الثقافة الغربية حيث تُرجمت لعدة لغات منها اللاتينية، الألمانية، الفرنسية، الدانماركية، السويدية والإنجليزية، وإذا كانت العلاقات السياسية والاقتصادية تشكل مرتكزا مهما في العلاقة بين الطرفين فإن العلاقات الثقافية لا تقل أهمية عن ذلك، بل ربما مهدت لغيرها من صور العلاقات، وتأتي أهمية التواصل الثقافي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والسويد من خلال ما يملكه كل طرف من مكنون ثقافي، لكن كلا الطرفين لا يعرف من ثقافة الطرف الآخر إلا الشيء القليل، إن كثيرا من أبناء الخليج يعرف من هو «ألفرد نوبل» مخترع الديناميت ومؤسسة جائزة نوبل، كما أن بعضهم يعرف أن العالم السويدي «أندرس سيلسيوس Anders Celsius « مخترع مقياس درجة الحرارة المئوية الذي سمي على اسمه، كما أن المتخصصين منهم يعرفون «كارل لينيوس Carl Linnaeus» عالم النبات السويدي، لكن كثيرا من أبناء الخليج بحاجة لمعرفة المزيد من العلماء والأدباء والروائيين السويديين مثل «أوجست ستريندبرجAugust Strindberg» الروائي والمسرحي، والأديبة «سِلمى لاجرلوف Selma Lagerlöf» أول امرأة تحصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1909، ومثل ذلك يقال عن الشاعر «فرنر فون هايدنستام»، كما أن الفنون السويدية الثرية بتنوعها وإبداعها الفلكلوري والشعبي والحديث ما زالت غائبة عن الساحة الثقافية في منطقة الخليج العربي، ومثل ذلك يقال عن السويديين الذين يجهلون الحياة الثقافية في الخليج العربي، إضافة إلى ذلك فإن كلا الطرفين مهتم بشأن السلام العالمي والإقليمي فدول مجلس التعاون الخليجي تعمل على إقرار السلام العالمي، وتدعو لحل المشكلات والصراعات بين الدول بالوسائل السلمية، ويبدو ذلك من موقف هذه الدول في المحافل الدولية كالأمم المتحدة وغيرها، وكذلك من خلال البيانات والقرارات الصادرة عن مختلف المستويات في كل دولة من دول المجلس أو على المستوى الجماعي، وتشير الأدبيات الصادرة من المجلس ودوله إلى موقف هذه الدول من قضية السلام، وقد عملت دول المجلس على دعم عملية السلام في أكثر من موقع وأكثر من قضية، ومثل ذلك يقال عن السويد وشعبها المحب للسلام، إذ يحظى السويديون بمكانة متميزة لدى شعوب العالم باعتبارهم الشعب الذي قدم للسلام جائزته الدولية وهي «جائزة نوبل»، كما أن الموقف السياسي الذي تبنته السويد وهو موقف الحياد في الصراعات والحروب، حفظ لها مكانتها بين الدول المحبة للسلام والعاملة على دعمه ونشره، إن الموقف السياسي المتشابه بين دول مجلس التعاون والسويد من السلام وثقافته يمهد لتعاون بين الطرفين من أجل ترسيخ ثقافة السلام بين الشعوب، ودعوة المجتمع الدولي لتبني مواقف مشابهة لذلك، وإلى جانب ذلك فإن بين الطرفين مصالح مشتركة ومتعددة، فالتبادل التجاري بينهما يزداد عاما بعد عام، فقد ارتفع معدل التبادل التجاري بين الإمارات والسويد هذا العام بنسبة %28 عن العام الماضي بنحو 4.4 مليار درهم (1.2 مليار دولار)، ويوجد في الإمارات مجلس للأعمال السويدي كما يبلغ إجمالي عدد الشركات السويدية العاملة بالإمارات نحو 200 شركة متخصصة في مجالات مختلفة مثل الإلكترونيات، والاتصالات، والأدوية، والآلات والشاحنات والسيارات، والحديد والصلب، أما المملكة العربية السعودية فقد شهد التبادل التجاري بينها وبين السويد نموا كبيرا، وصلت نسبته في بعض القطاعات أكثر من %35، وقد بلغ حجم التجارة المتبادلة بين البلدين أكثر من 11 بليون كورونا سويدية، فيما تجاوز عدد المشاريع المشتركة المقامة في المملكة (19) مشروعاً، أما التجارة بين قطر والسويد فقد ارتفعت إلى ما نسبته %122، وتعتبر السويد واحدا من أهم ثلاثين شريكا اقتصاديا للكويت، إن هذا الحجم من التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون الخليجي والسويد يشير إلى أهمية بناء علاقات وشراكات في مختلف المجالات مع السويد خاصة في المجالات الثقافية والعلمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى