سلايدر

وزير خارجية المغرب: قرار ترامب تهويد ممنهج للقدس وطمس للهوية الإسلامية

استمع

أشرف أبو عريف

خلال الجلسة الافتتاحية لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري في دورته الغير عادية بالقاهرة أمس، انتقد بشدة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي السيد ناصر بوريطة قرار الرئيس الأمريكى بشأن القدس عبر كلمته التى جاءت على النحو التالى:

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه..

معالي السيد محمود علي يوسف، وزير خارجية جمهورية جيبوتي، رئيس الدورة 148 لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري..

أًصحاب السمو المعالي وزراء الخارجية..

معالي السيد احمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية..

السيدات والسادة..

لقد دأبت امتنا العربية والإسلامية أن تتجند كلما طرأ مستجد يحمل في طياته أذى بالمسجد الأقصى أو تهديداً للقدس الشريف أو انتهاكا لوضعها القانوني كما حددته قرارات هيئة الأمم المتحدة،

فهنا استحضر الظرفية المؤلمة التي أدت إلى إنشاء منظمة التعاون الإسلامي في مدينة الرباط بتاريخ 25 سبتمبر 1969 والقمم العربية وغيرها من المؤتمرات التي تعبأ فيها الجميع لنصرة القضية الفلسطينية العادلة وحماية القدس الشريف.

يلتئم اجتماعنا اليوم في ظروف مماثلة من حيث خطورتها وتستلزم مواصلة هذا النهج النبيل وتلكم الروح التضامنية للإبقاء على القدس، مهد الديانات السماوية ورمز التعايش شبين الثقافات.

فالقرار الأمريكي يعد بحق تحولا خطيراً في الوضع السياسي والقانوني لهذه المدينة المقدسة وتجاوزاً مرفوضاً لنتائج مفاوضات السلام التي جعلت ملف القدس من قضايا الوضع النهائي في إطار حل الدولتين. كما أن هذه القرار، الذي يتناقض، في جوهره، مع ما دأبت عليه الإدارات الأمريكية السابقة من مراعاة لخصوصية المدينة المقدسة، من شأنه أن يعطي ذريعة أخرى للسلطات الإسرائيلية للمضي قدماً في سياسة التهويد الممنهج للمدينة المقدسة وطمس معالمها الدينية والروحية. وأن يقوض ما تبقى من فرص السلام، بل ويجر  المنطقة برمتها إلى مزيد من التوتر والاحتقان وتأجيج مشاعر الإحباط والغضب وتغذية كل أشكال العنف والتطرف.

فإذا كان المجتمع الدولي برمته، ومن ضمنه الولايات المتحدة الأمريكية، تتعبأ بجدية وجزم للقضاء على الإرهاب، وإذا كان المنتظم الدولي يعترف بأن التأخر غير الطبيعي في التسوية العادلة للقضية الفلسطينية من بين الأسباب الرئيسية التي تولد التوتر في المنطقة العربية، فكيف يعقل أن يعبث بالوضع القانوني للقدس وهي صُلب القضية الفلسطينية، والمساس بها يعني الخدش في الجذور والعقيدة؟ ألن يعطي ذلك ذريعة لقوى التطرف والإرهاب لحشد الاتباع وتبرير أعمالهم الإجرامية ألن ينتقل بنا ذلك إلى صراع ديني مجهول المعالم؟

فمن هذا المنطلق، وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيساً للجنة القدس، رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أعرب فيها جلالته عن انشغاله الشخصي العميق والقلق البالغ الذي ينتاب الدول والشعوب العربية والإسلامية، إزاء هذه الخطوات ورسالة ثانية إلى السيد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة في الموضوع ذاته. كما أجرى جلالته اتصالا هاتفيا مع فخامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عبر فيه جلالته عن تضامنه المطلق مع القيادة والشعب الفلسطيني ورفضه القوى لكل ما من شأنه المساس بالخصوصية الدينية والوضع القانوني والسياسي للقدس الشريف.

وبتعليمات من جلالته، استدعيت القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط وسفراء باقي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، بحضور سفير دولة فلسطين بالمغرب، وطالبتهم باضطلاع دولهم بكامل مسؤولياتها في الحفاظ على الوضع القانوني والسياسي للقدس، وتفادي كل ما من شأنه تأجيج الصراعات والمس باستقرار المنطقة الهش أصلاً، في ظل الاضطرابات التي أصبحت تعيش على وقعها عدد من الدول العربية.

إننا اليوم، وأمام هذا التطور السلبي والاستثنائي الخطير، مطالبون أكثر من أي وقت مضى، أن نتحمل مسؤوليتنا بكل حزم، ونعبئ طاقاتنا بشكل فاعل وعملي لمجابهة هذا التحدي بكل الوسائل القانونية والدبلوماسية المتاحة، من أجل الدفاع عن مدينة القدس الشريف والحفاظ على وضعها القانوني والسياسي كمدينة السلام، مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية.

إن الوضع سيء، ومن واجبنا تفادي المزايدات في الإعلانات أو  الاندفاع أو التعامل بالديماغوجية، وذلك لكي لا يزيد الأمر سوءاً، بل إن الظرف يقتضي منا تحديد الأهداف وإحكام الأساليب والمسالك السياسية والقانونية التي سننهجها.

يجب أن تكون قراراتنا في مستوى اللحظة، وفي مستوى حالة الغضب ومستوى الإحباط الذي خلفه هذا القرار لدى الأمة العربية والإسلامية.

علينا تبني تحركات عملية مكثفة لمواجهة هذا القرار.

علينا كذلك أن نستنفذ كل الأدوات الدبلوماسية والقانونية التي بيدنا للدفاع عن حقوقنا.

ينبغي أيضا أن نؤسس على الحملة الدولية المشرفة والرافضة لهذا القرار لنعزز مستوى التضامن والتأييد للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

من واجبنا أن نتعامل بمسؤولية وألا نقرر مالا يمكننا تنزيله أو تطبيقه حفاظاً على مصداقيتنا.

وقل اعملوا فسيرى الله أعمالكم ورسوله والمؤمنون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى