سلايدرسياسة

علي ضفاف النيل.. سفارة “أذربيجان” تحتفل بمئوية إستقلالها عن السوفيت

استمع

 

تقرير: أشرف أبو عريف

بحضور لفيف من كبار الشخصيات والسفراء والدبلوماسين الأجانب المعتمدين لدى مصر، احتفلت جمهورية أذربيجان بمئوية إستقلالها عن السوفيت. وقال تورال رضاييف سفير أذربيجان بالقاهرة – فى كلمة ألقاها الليلة الماضية فى الاحتفال الذى أقيم بمناسبة العيد القومى لأذربيجان – إننا نحتفل اليوم بمرور 100 عام على تأسيس أول جمهورية لأذربيجان فى 28 مايو عام 1918 التى قامت بصياغة دستور يعد من أكثر الدساتير العالم اعتدالا وديمقراطية وكان يتم انتخاب أعضاء البرلمان الأذرى بدون تمييز على أساس عرقهم أو مواقفهم السياسية وهذا لم يكن متاحا فى ذلك الوقت فى الدول الشرقية وغيرها من الدول الغربية.

وأضاف أن بلاده فقدت استقلالها فى عام 1920 بعد دخول الجيش الأحمر ووضع نظاما شيوعيا سوفيتيا للحكم استمر 70 عاما ثم حصلت أذربيجان مرة أخرى على الاستقلال عام 1991، مضيفا “استطعنا خلال 27 عاما الماضية تحويل أذربيجان إلى دولة تمتلك اقتصادا متطورا استفاد من الاحتياطات من النفط والغاز وتطوير المجال الزراعى والثروة الحيوانية، وأصبحت من الدول الرائدة فى مجال الفضاء وتمتلك جيشا قويا يمنحها القدرة على ممارسة السياسة المستقلة فى المنطقة”.

وتابع “بالرغم من هذه التطورات الإيجابية، إلا أنه تم احتلال 20 فى المائة من أراضينا من قبل أرمينيا ولم يتم حتى الآن تنفيذ أربعة قرارات صادرة من مجلس الأمن الدولى التابع للأمم المتحدة التى تطالب بالانسحاب من الأراضى الأذربيجانية، ولكننا على يقين بأن القانون الدولى سوف ينفذ فى نهاية المطاف”، وأشار السفير رضاييف، إلى أن أذربيجان استضافت عدة فعاليات هامة فى السنوات الماضية من بينها مهرجان الموسيقى عام 2011 ودورة الألعاب الأولمبية الأوروبية عام 2015 ودورة الألعاب الأولمبية الإسلامية عام 2017

وكان من بين الحضور المهندس خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة الذي شهد الاحتفالية التى أقامتها سفارة جمهورية أذربيجان لدى مصر، مساء اليوم الأربعاء، بمناسبة العيد القومى لأذربيجان ومرور 25 عاما على العلاقات الثنائية بين مصر وأذربيجان فى مختلف المجالات.

واستقبل السفير ترال رضاييف سفير جمهورية أذربيجان لدى القاهرة، المهندس خالد عبد العزيز فور وصوله إلى الاحتفال مقدماً التهنئة له على نتائج البعثة المصرية المشاركة فى النسخة الرابعة من دورة ألعاب التضامن الإسلامى المقامة حالياً بمدينة باكو بأذربيجان، حيث تشارك مصر فى الدورة فى لعبات “الكاراتيه والملاكمة ورفع الأثقال والكونغ فو والرماية والمصارعة وألعاب القوى البارلمبية”، وتستمر المنافسات حتى 30 مايو.

وأعرب السفير الأذربيجانى عن أمنياته لجميع اللاعبين المشاركين فى دورة التضامن الإسلامى بباكو التوفيق فى منافساتهم. كما أكد سفير أذربيجان على عمق العلاقات القائمة بين الجانبين المصرى والأذربيجانى فى شتى المجالات، لافتا إلى حجم التعاون بين مصر وأذربيجان فى المجالات الاقتصادية والتجارية، وأن سياسة أذربيجان قائمة على الصداقة والإخوة والاحترام المتبادل مع مختلف الدول.

إستقلال أذربيجان!

قبل99 سنة وفي 28 مايو 1918 أعلن المجلس الوطني الاذربيجاني عن استقلال البلد وتأسيس جمهورية اذربيجان الديموقراطية- أول جمهورية ديموقراطية في الشرق الاوسط والعالم الاسلامي، وهي الجمهورية الاولى التي قامت لثلاثة وعشرين شهرا، بين 28 مايو 1918 و28 ابريل 1920. تم الاعتراف باستقلال جمهورية اذربيجان الديموقراطية في مؤتمر باريس للسلام في 11 يناير 1920 بمساحتها 13897 كيلومترا مربعا، وعدد سكانها 2.860 مليون نسمة.

وفي عام 1918 تم اصدار القانون الخاص بتأسيس البرلمان، وتم اجراء الانتخابات النيابية الاولى وتمثلت في البرلمان الاذربيجاني الاحزاب السياسية المختلفة. جمهورية اذربيجان الديموقراطية اصبحت في تلك الفترة الدولة الاولى في الشرق الاوسط التي وفرت للمرأة حق الانتخاب والتصويت في البرلمان وثبتت حقوقا لكل القوميات في المشاركة في الانتخابات البرلمانية.

ولكن نتيجة تحرك الجيش الاحمر الروسي من ناحية والجماعات المسلحة الارمنية وتحرك النظام الشيوعي في روسيا، والعصابات والجماعات المسلحة الارمنية من ناحية أخرى، ما ادى إلى سقوط جمهورية اذربيجان الديموقراطية وفي شهر أبريل لعام 1920م ضم اذربيجان إلى روسيا وفيما بعد إلى الاتحاد السوفياتي.

وبالرغم من ان جمهورية اذربيجان الديموقراطية لم تعمر طويلا، الا انها نجحت في ترك اثر لا يمكن محوه في ذاكرة الاذربيجانيين، وهي تركت التجربة الثمينة الاذربيجانيه الحديثة لبناء الدولة الديموقراطية. ويمثل يوم 28 مايو العيد الوطني لجمهورية اذربيجان، ويحتفل الشعب الأذربيجاني بهذا العيد المجيد في كل سنة.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق في عام 1991م، استعادت جمهورية أذربيجان استقلالها والذي فقدته في عام 1920 م، وبذلك دخلت الجمهورية عهدا جديدا من تاريخها. عادت اذربيجان بعد اعلان استقلالها إلى الاسرة الدولية، فقد تم الاعتراف بها في الامم المتحدة في الثاني من مارس 1992، كما اصبحت عضوا في منظمة الامن والتعاون في اوروبا في الثامن من يوليو 1992، وحيث ان اذربيجان من الناحية التاريخية تشكل جزءا من العالم الاسلامي، تشاركه موروثاته وتطورها، وتدين بنفس قيم الحضارة الاسلامية، فقد بدأت في إعادة تأسيس روابطها التاريخية مع العالم الاسلامي واصبحت عضوا في منظمة المؤتمر الاسلامي في ديسمبر عام 1991.

في نفس الوقت واجهت اذربيجان في السنوات الأولى من استقلالها المشاكل المختلفة أهمها العدوان الأرمني الذي شنه أرمينيا ضد اذربيجان والذي أسفر عن احتلال 20 في المئة من الأراضي الاذربيجانية وتشريد أكثر من مليون مواطن من مدنهم وأراضيهم الأصلية، ولم تقف الاعتداءات الأرمينية عند هذا الحدث بل توالت عمليات القتل والإبادة الجماعية ضد المواطنين الاذربيجانيين الأبرياء أكثر من 20.000 شخص ومعظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ، وحيث دمرت وأحرقت المقدسات الإسلامية والمدارس والمساجد والآثار التاريخية التي تجسد قدم وأصالة وعمق الشعب الاذربيجاني.

كانت من اولويات السياسة الخارجية لجمهورية اذربيجان إقامة العلاقات مع المجتمع الدولي ومن ضمنه العالم الاسلامي مادامت اذربيجان جزءا لا يتجزأ من هذا العالم، وكان ولا يزال هذا الاتجاه والمسار مهما.

تخلت البلاد عن الاقتصاد المخطط للحقبة السوفياتية، وتحولت إلى اقتصاد السوق الحر، وتم اتخاذ المعايير اللازمة لتطبيع الوضع السياسي بطابع الديموقراطية في مجمل البلاد، وكخطوة اولى في هذا المضمار، تم اقرار قانون الاحزاب السياسية، ووقعت اذربيجان على المعاهدات الدولية للحقوق المدنية والسياسية، «والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، بما في ذلك المستندات الدولية القانونية بشأن «حقوق المرأة السياسية»، و«وضعية المرأة».

خلال هذه المرحلة التاريخية الحرجة، قدم الشعب الاذربيجاني التماسا إلى حيدر علييف لتولي زمام الامور لانتشال البلاد من براكن هذه الازمة، وقد اخرجت الرؤية الثاقبة لحيدر علييف اذربيجان من تخبطات وصعوبات التسعينات إلى مستقبل زاهر، فخلال فترة قصيرة من الزمن، قام زعيم اذربيجان الوطني حيدر علييف بتقوية مؤسسات الدولة، وتوسيع افاق العلاقات الاجنبية ذات الاهمية، وتحقيق سياسة طاقة شاملة، ووضع الاسس لتنمية البلاد على نحو مستدام، وبدأ عهد جديد في حياة جمهورية اذربيجان المستقلة.

لعبت الاستراتيجية الوطنية للطاقة والتي تم تطويرها وتطبيقها تحت قيادة الزعيم الوطني حيدر علييف دورا مهما في احياء الازدهار والتقدم الوطني، فقد نجحت اذربيجان في سبتمبر 1994 في توقيع «عقد القرن» بقيمة عدة بلايين مع شركات النفط متعددة الجنسيات لتطوير حقول النفط البحرية في القطاع الاذربيجاني من بحر قزوين، ثم جاءت المبادرة الاذربيجانية بتنشيط «طريق الحرير» التاريخي لتقوية التعاون الاقتصادي والتجاري بين وسط آسيا، وجنوب القوقاز، واوروبا، تم اقرار الدستور الجديد عبر التصويت على مستوى البلاد بأكملها في 12 نوفمبر 1995 كجزء من العملية الاوسع لبسط الديموقراطية في ربوع اذربيجان وكنتيجة عملية لتطبيق اذربيجان للمعايير الديموقراطية، تم ضمها إلى المجلس الاوروبي في 2001.

وتأسيسا على رؤية وميراث حيدر علييف تشهد اذربيجان الان تحت قيادة إلهام علييف تطورا ديناميكيا، ونموا اقتصاديا غير مسبوق، فقد جعلت الاصلاحات الديموقراطية والاقتصادية المستمرة، والادارة الكفؤة والسياسة الخارجية النشطة المتسمة بالشفافية للرئيس إلهام علييف جعلت من اذربيجان قائدا اقليميا، وشريكا يعتمد عليه في العلاقات الدولية، فهي تلعب دورا رئيسيا في كافة القضايا الاقليمية وتشارك رفاهيتها اقطار المنطقة، عبر ارساء الشراكات وآليات التعاون.

وتكفي الاشارة إلى ان اذربيجان قد لعبت عبر شبكاتها المنوعة لخطوط انابيب النفط والغاز، خصوصا خط باكو – تبليسي – جيهان الرئيسي للتصدير، وخط باكو – تبليسي – ارزوروم للغاز، لعبت دورا مهما في مسار الطاقة من الشرق إلى الغرب، وفي تأمين الطاقة لاوروبا، فلولا استكشافات الغاز وبنية النقل التحتية الجيدة في اذربيجان لما اصبح مشروع نابوكو موضع مناقشة جادة اليوم.

ولضمان ادارة مؤثرة وحكيمة لعوائد تصدير النفط والغاز، تولي حكومة اذربيجان اهتماما فائقا لمسألة الشفافية كذلك فقد اعلنت اذربيجان عن عزمها القوي الانضمام الى مبادرة الشفافية الخاصة بالصناعات الاستكشافية، ودعمها للجهود الدولية من اجل مستوى اعلى من الشفافية في الصناعات الاستكشافية لتصبح قطرا رائدا في عملية تطبيق مبادرة الشفافية الخاصة بالصناعات الاستكشافية.

وبالتوازي مع قطاعي النفط والغاز تعتبر تنمية القطاعات غير النفطية بما في ذلك البنية التحتية لقطاع النقل والمواصلات ذات اولوية لاستراتيجية التطوير الوطني، حيث يجري تطوير وبناء البنية التحتية لطرق جديدة، وسكك حديد، وموانئ بحرية ومطارات، بالاضافة إلى اساطيل الطائرات، والسفن، ووسائل النقل البري، والتي تجرى زيادتها وتحديثها على نحو ملحوظ كاسهام واضح في تنشيط مسارات النقل بين الشرق والغرب، والشمال والجنوب، اما في مجال الاتصالات فتعتبر اذربيجان متقدمة بشكل كبير في وسائل مواصلاتها، وتعد الان في مصاف الدول الرائدة، من حيث معدل الاستخدام الهاتفي، والحاسوبي، واستخدام الانترنت، ويكمن الهدف الاستراتيجي في تحسين وضعية اذربيجان كمركز تواصل اقليمي.

وكنتيجة للاصلاحات الاقتصادية المستمرة والمعايير التي تم تطبيقها لتحسين مناخ الاعمال وتقديم المزيد من الحوافز لمجتمع الاعمال فقد صنف البنك الدولي اذربيجان على قمة القائمين بالاصلاحات في تقريره حول انجاز الاعمال للعام 2009، وعلى صعيد التقييم الدولي لمدى سهولة القيام بالاعمال، ارتفع تصنيف اذربيجان من المرتبة السابعة والتسعين إلى المرتبة الثالثة والثلاثين.

لقد تحولت اذربيجان من بلد يطلب العون الامني والمساعدات الدولية في الماضي، الى بلد يسهم اليوم في العمليات الدولية لدعم السلام والجهود الانسانية.

في بداية التسعينات، كان عدد المؤمنين بقيام اذربيجان كدولة مستقلة قليلا، بسبب العدوان الأرمني، والقلاقل السياسية والاقتصادية إلا ان اذربيجان قد تغلبت عبر قصة نجاحها الباهر، على كافة الشكوك، لتثبت ان الاستقلال والتنمية الناجحة ابديان ولا رجعة فيهما، كما قال حيدر علييف الزعيم الوطني لاذربيجان.

وفي الختام أود أن أهنئ الأذربيجانيين المقيمين في دولة الكويت، وأعرب عن تقديري وامتناني لأصدقاء الكويتيين الذين قدموا لنا التهاني الصادقة بهذه البمناسبة. وأنتهز هذه الفرصة لكي أتمنى لحضرة صاحب السمو الشيخ/صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت، وسمو الشيخ/نواف الأحمد الجابر الصباح ولي العهد، وسمو الشيخ/ ناصر المحمد الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء موفور الصحة والعافية واستمرار التوفيق والنجاح في مهامهم النبيلة وللشعب الكويتي الصديق دوام الأمن والرخاء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى