رأى

القنوات الفضائية وتصدير الاحباط!

استمع

بقلم / هشام صلاح

خرج مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام ليضع ميثاقا واضحا للعمل الإعلامى وذلك لتحقيق الغاية المثلى من التسلية والامتاع مع الاخبار والتثقيف، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، فلقد هل علينا شهر رمضان الكريم والذى ندرك جيدا أن إحدى حكمه السامية تهذيب الارواح وضبط النفس والتسابق لفعل الخيرات ، لكن الفضائيات أبت غير ذلك ، فلقد تسابقت الفضائيات والمعلنون فى بث اعلاناتهم المتناقضة شكلا ومضمونا وهنا تكمن الكارثة . فالمشاهد يجد نفسه وخلال دقائق معدودة تخالجه مشاعر متفاوتة ومتناقضة فى آن واحد ، فالجالس يشاهد حالات أطفالنا الصغار ممن أبتلاهم الله سواء من مرضى السرطان أو الحروق أو غير ذلك هنا تتحرك مشاعر المصريين والذين عرف عنهم كريم الصفات ليقرروا التبرع واقتسام ما فى أيديهم من قليل المال الذى يملكونه حبا ورغبة فى مساعدة هؤلاء الاطفال.

والعجب كل العجب من أغلب الممثلين المشاركين فى تلك الاعلانات فأقلهم ثروته تكفى ثروته أبناء محافظة كاملة نفقة ومعيشة، فنلاحظ ما يرتدونه خلال الاعلان من أفخر الملابس وأغلى أنواع الحلى وجعلهم التام بأحوال هذا الشعب البسيط ثم تمرالثوانى سريعة بهذا الاعلان لنجد بعده مباشرة إعلان آخريصيب المشاهد له بحالة من الهياج العصبى الذى قد يتطور لا قدر الله لسكته فلبيه.
يقول الاعلان:

تملك فيلات ووحدات سكنية بأرقى الاحياء وبالعاصمة الادارية الجديدة أو بالساحل الشمالى ليرى المشاهد للاعلان صور لمنتجعات أو كمبوند لم يختر ببال أو خاطر احد المصريين البسطاء أن يحلم حتى به وبمنتهى البساطة يعلنون عن تسهيلات فى الدفع بمقدم نصف مليون جنية فقط — اللهم لطفك بعقولنا فما هذا الهزل وما هذه السخرية من مقدرات العباد ، فأعظم الشباب حلما يتمنى شقة من الاسكان المتوسط ليستطيع تكوين أسرة صغيرة.

وهنا نجد المشاهد لكلا الاعلانين تنتابه حالة إحباط ويأس شديدين ليتحول بعدها من مشاهد عزم على الخير والتبرع بما لديه الى مشاهد ناقم كاره لكل الاوضاع والاحوال.

بعد كل ذلك نقول :
ألا يدرى القائمون على تلك القنوات وأولئك الذين يدفعون الملايين ثمنا لاعلان لايستغرق سوى ثوان معدودة أنهم يرتكبون جريمة فى حق هذا الشعب البسيط ؟
ألا يعلمون أن الأغلية العظمى من المصريين تدبر قوت يومها بشق الأنفس ؟
ألا يعلمون أن هناك أباء وأمهات لا يمدون أيديهم إلى طعام حتى يشبع أبنائهم؟
وأن هناك أسر كاملة تطوف الشوارع بحثا عن مأدبة طعام أعدها أحد أصحالب الاخير ؟
وهناك غيرهم يبحثون عن لقمة خبز بأكوام القمامة؟
ألم يعلموا أن هناك أسر تقيم فى المقابر! وأخرى تقيم بغرفة واحدة تحت السلم ! وثالثة تلتحف السماء فلا مكان لها أو مآوى !
أقول لكل من دفع الملايين فى إعلان يهدف من ورائه إلى استجداء العطف ممن يحتاج الى العطف وجمع الاموال ممن يحتاجون لان نجمع لهم الأموال هنيئا لكم دعوات ولعنات مالا يقل عن ثمانين مليون مصرى لايعيشون الا على الكفاف هنيئا لكم مشاعر السخط والكراهية التى يشاهدون بها اعلاناتكم ، أما السادة مالكى القنوات الفضائية هنيئا لكم ما جمعتموه من مليارات المعلنين فصدقت الحكمة القائلة.
( رزق ال—— على ال——) اللهم إنى صائم…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى