رأىسلايدر

الدرديري.. أول الغيث قطرة

استمع

جمال عنقرة

كنت مثل كثيرين من أهل السودان نعتقد أن الظروف التي أتي فيها الأخ الدكتور الدرديري محمد أحمد لوزارة الخارجية ظروف بالغة التعقيد، ففضلا عن التعارض والتضارب في كثير من الملفات، فإن ظلال الوزير السابق الأخ البروفيسور إبراهيم غندور تظل مهيمنة علي الأجواء، وأدني ذلك النجاحات التي تحققت في عهد غندور، والطريقة التي اختارها لختام عهده في الوزارة. لكنني كنت واثقا من نجاح الدرديري، ولم يساورن شك في أن الرجل سوف يكرس جميع خبراته، ومعارفه لإحداث اختراق باهر في هذه الوزارة يكتب به تاريخا جديدا للدبلوماسية السودانية، في أحلك ظروفها، ومعلوم تقاطع المصالح، وتعارض الملفات مع دول تجمعنا معها أواصر متينة، وبينها وبين بعضها الأجواء ملتهبة.
ويوم أمس الأول الذي جمعنا فيه الأخ الدرديري مع بعض زملاء المهنة حول مائدة عشاء وتفاكر بالنادي الدبلوماسي اطمأن قلبي، وأيقنت أن الدرديري ناجح في الوزارة بإذن الله تعالي. وبدأت البشارة من فكرة اللقاء نفسه والمدعوين له، وطريقة الدعوة، ثم طريقة الجلوس واختيار المدخل، وإدارة الحوار. وكانت لفتة بارعة أن استصحب الدرديري معه في الاجتماع الدكتور أزهري عبدالقادر وزير النفط والغاز الجديد، وهو وزير جديد علي الصحافة والاعلام، وهم جديدون عليه، فكان في حاجة لمثل هذا اللقاء، وكان وجوده موضوعيا، إذ تطلب افادته وشهادته فيما أورده وزير الخارجية بشأن مستقبل علاقة السودان ودولة جنوب السودان فيما يتعلق بملف النفط. وحسنا فعل الدكتور أزهري حينما استهل حديثه بتعريف نفسه، فمهد ذلك للزملاء للدخول إلي عالم الرجل، ومعرفة مفاتح شخصيته.
أهم ما كشفه وزير الخارجية الجديد اهتمام وزارته بالشأن الأفريقي، والعلاقات مع الدول الأفريقية، وهذا ملعب اهملناه كثيرا، رغم أننا نجيد التحرك فيه أكثر من غيرنا، ونتحرك فيه أفضل من ملاعب أخري نجتهد فيها ولا نجني شيئا يستحق، وفي كثير من الأحيان نجني السراب. وفي أفريقيا كانت البداية بأهم ملف، ملف دولة جنوب السودان، وتم فتح أكثر من باب في هذا الملف، الباب الأول هو راب صدع فرقاء اليوم حلفاء الأمس، الرئيس سلفاكير ميارديت، ونائبه السابق زعيم المعارضة الحالي الدكتور رياك مشار، ولقد وضعت خطة محكمة لذلك، فبعد ضمان قبول الطرفين للفكرة، يتم جمعهما في العاصمة السودانية الخرطوم، ويرسم اجتماع الخرطوم خارطة طريق التسوية التي تتولاها في المرحلة المقبلة منظمة الايقاد، وهنا تكمن عبقرية المبادرة السودانية.
الملف الثاني الذي تم فتحه مع حكومة الجنوب هو ملف النفط، وليس هذا مقام نذكر فيه كل ما قاله وزيرا الخارجية والنفط في اجتماع أمس الأول، ولكن خلاصة ذلك ان الترتيبات قد قطعت شوطا بعيدا في جانب إعادة إنتاج وضخ البترول في الحقول السودانية والجنوبية المتجاورة، وتصحب ذلك عمليات تجارة وتبادل سلعي كبيرة، واكتشاف حقول جديدة، وهذه أمور يمكن أن تغطي كثيرا من عجز الدولتين من موارد النقد الأجنبي، وقد يعود السودان قريبا إلي مقامه دولة تكفي نفسها، وتصدر ما يفيض عن حاجتها من النفط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى