رأى

المهمة الصعبة

استمع

ابراهيم العبادي

تتوفر في شخص رئيس الوزراء المكلف مزايا وخبرات ومهارات تجعل منه شخصا مناسبا لادارة المرحلة الاصعب في عمر الجمهورية العراقية الخامسة ، لكن مواهب الرجال ومزاياهم تظل عاجزة لوحدها عن تحقيق المرجو منها ،مالم يحالفها الحظ ببيئة سياسية مواتية داخليا وخارجيا.
رئيس الحكومة المكلف ،يدرك جيدا ان اصدقاءه الكرد يستخدمون سياسات متعددة الاهداف ،لحماية مكتسبات الاقليم ويعملون بجد للتعويض عما خسروه بعد الاستفتاء ، في كركوك والمناطق (المتنازع عليها)، وضمان عودة نسبة ال17 بالمائة التي كانو يحصلون عليها من الموازنة العامة للدولة ،والاستمرار في تصدير النفط والاحتفاظ بايراداته وايرادات الكمارك والمنافذ والتصرف داخليا وخارجيا بالشكل الذي اعتادوه وبمستوى كونفدرالي ، ولذلك سيسعى الكرد الى اعلاء الصوت داخل الحكومة والبرلمان لتحقيق تلك الاهداف ،وسيجد رئيس الوزراء نفسه بين مطالب لايمكن الاستجابة لها بسبب موانع دستورية ونفسية وواقعية ،وبين الرغبة في اطفاء الحرائق واحتواء الازمات السياسية والامنية للتفرغ للاولوية الاقتصادية والخدمية، اما الكتل السنية فان مطالبها ستتركز في جلب وتوجيه اهتمام الحكومة نحو برنامج اعمار اقتصادي للمناطق المحررة واعادة المتبقي من النازحين وتنشيط الدورة الاقتصادية في المحافظات الغربية واحتواء التوترات والتصدي لاستراتيجية تنظيم داعش في العودة الى حاضناته الاجتماعية مستفيدا من الفراغات الامنية والاخفاق الخدمي وخطاب التطرف الطائفي الذي لم يجد خططا حكومية لمواجهته على المستويين الشعبي والمؤسسي ،هناك قلق حقيقي من تصاعد هجمات التنظيمات الارهابية على القرى النائية والنهايات السائبة واطراف المدن لارغام الناس على التعامل معهم بالاكراه وتحت ضغط التهديد مماسيعيدنا الى ذات المرحلة التي عاشها العراق قبيل اجتياح داعش للمحافظات الغربية في حزيران 2014،هذا يتطلب من الحكومة استراتيجية امنية ونفسية وثقافية مصاحبة لجهود الاعمار ومتشددة ازاء اخطاء الاجهزة الامنية والحكومية لئلا تتكرر مأساة السيطرة الارهابية ليلا على المناطق الرخوة ،ولايجد المواطن نفسه عرضة لابتزاز الارهابيين وهجماتهم الوحشية. وهذا الامر يستدعي تعاون الفاعليات السياسية والاجتماعية التي تمثل المحافظات الغربية مع الحكومة على افضل وجه لتفادي وقوع مشكلات وازمات تستفيد منها التنظيمات الارهابية وقوى التطرف السياسي.
اما في مناطق الوسط والجنوب ،فان الحكومة ستواجه مطالب شعبية لاتقبل التاجيل تتمثل بتوفير الحاجات الاساسية خصوصا محافظة البصرة التي تعاني فشلا حكوميا متراكما وتنذر مشاكلها بخطر الانفجار الشعبي ،ومن المؤكد ان رئيس الوزراء يدرك بخبرته الطويلة ان معالجة مشكلات البصرة واطلاق مشروع اعمارها وتحويلها الى رافعة للاقتصاد العراقي ستكون المدخل لنجاح الحكومة بشكل عام ،فالنجاح في البصرة سيمنح زخما وارادة للنجاح في باقي مناطق العراق وبما يستدعي تعاملا جديا خارج الاطر الادارية البائسة التي اضاعت الفرص واهدرت الاموال وراكمت الفشل وقضت على هيبة السلطة والدولة حتى باتت العشائر تنازع الدولة على سلطاتها.
ان ازمة المياه والغاء 55بالمائة من الخطة الزراعية الشتوية ونقص الاموال وفشل الادارات تحتم على الحكومة الجديدة العمل الجدي للخروج من هذه المشكلات بدون اضاعة للوقت ولاجدولة للازمات بل لابد للحكومة ان تشتغل بعقل رجل واحد وارادة موحدة لاحداث تحول جوهري في مسار العمل الحكومي ،كلنا يعلم ان القوانين المعرقلة (25 الف قانون) والبيروقراطية المدمرة والمصالح الحزبية والنزاعات العشائرية والتخلف الاجتماعي والثقافي والفساد الواسع ،ستكون المصدات الاولى التي تعطل المنهاج الحكومي الواعد ،لكن مايعول عليه هو قدرة رئيس الحكومة في احداث ديناميكية حكومية عالية خصوصا وان الجميع خائف من الفشل هذه المرة ،فالاحزاب لم تعد قادرة على الامساك بمحازبيها فضلا عن الجمهور الواسع وليس من كتلة او تيار الا وهو محاصر بكم كبير من الاتهامات بالفساد والفشل والمحسوبية ،وسيكون نجاح الحكومة ،المنفذ الوحيد للمحافظة على ماء الوجه او الاستعداد لانفجار غضب شعبي مختزن سيحرق هذه المرحلة ليمهد لمرحلة اخرى مغايرة ومفارقة لمرحلتنا برموزها واسمائها وتشكيلاتها ،انه الجيل الجديد ياسادة ،الجيل الرافض لخطوطنا الحمر .ا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى