رأى

أليست تربة تونس صالحة لعلمائها؟!

استمع

د. حذامي محجوب

ان عدد الكفاءات العلمية التونسية التي غادرت البلاد منذ 2011 الى اليوم بلغ 85000كفاءة ومن بينهم شباب تخرج حديثا من المؤسسات الجامعية وخاصة أعرقها وأعتاها ككليات الطب والهندسة ،اننا نتحدث عن نخبة مهاجرة تعد 2300 أستاذ باحث و1000طبيب وصيدلي إضافة الى حوالي 450 تقني.

هل أصبحت جامعاتنا محضنة للدول الغربية التي تستقطب كفاءات وقع تكوينها وتمويل دراساتها من أموال المجموعة الوطنية ؟ هل من حقنا أن نطلق صيحة فزع ونعيب على نخبنا الهجرة ؟ أليس من حق كل مواطن أن يبحث عن حياة أفضل ؟

يحصل كل هذا في ظل أزمة سياسية خانقة وتداعيات اقتصادية واجتماعية عنيفة، يحصل كل هذا ولم يستخلص السياسيون بعد الدرس ولا العبرة ،مازال الصراع على السلطة في أشده وهو المحدد لكل توجه ؟ لا أحد يأبه لهذه الهجرة المنظمة والمقننة؟

سيحاسبهم التاريخ أنهم فرطوا فرصة تنمية البلاد بكفاءاتها ، أخشى أن يجدوا أنفسهم في النهاية وجه لوجه حكاما أمام حشد لا أمام شعب متعلم ومتمدن ، فمن سيحكمون آنذاك وبمن سيحكمون ؟

ان العاطلين عن العمل في تونس لا يفقدون الأمل في ايجاده في بلدهم ولا ينقطعون عن البحث عنه معتقدين أنه سيفتح لهم سبل العيش الكريم ,في حين أن المشتغلين الذين مارسوا العمل وخبروه قد توصلوا الى أن عملهم في وطنهم الأصلي لا يمكنهم من تحقيق طموحاتهم لا المادية ولا المهنية ولا البحثية بالنسبة لفئة الباحثين وهوما يحفزهم على الهجرة من أجل تحقيق الطموحات المأمولة.

ان انخفاض الرواتب في القطاع العمومي وانعدام التشجيعات المادية والمعنوية كذلك التهميش والشعور بقلة تقدير الكفاءة في تونس مقارنة بتقديرها في معظم البلدان الأخرى ، إضافة الى عدم تقدير العمل والجهد كمقياس للترقيات واعتماد الولاءات في مستوى التعيينات ، كل هذه الأسباب دفعت النخب الى الرحيل ، انها كفاءات من مستوى عال تعزّز مؤسسات الدول المهاجر اليها وتحرم تونس من كفاءاتها ، من خبراتهم وامكاناتهم ومن عقولهم.

لا أستطيع الا أن أفسح المجال بعد هذه العقلانية المتذمرة الغاضبة والمتشائمة الى تفاؤل الإرادة كما يقول المثل الفرنسي
أملي الوحيد هو أن تونس ولادة وهي منبع لكفاءات لا تنضب وهي تحتوي على رصيد بشري فريد وقادر على المقاومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى