رأىسلايدر

بمناسبة اليوم العالمي للمسنين.. مصر.. رد الجميل للخبرة والعطاء

استمع

بقلم: أحمد سلام

المستشار الاعلامي المصري السابق بالصين

يُعد اليوم العالمي للمسنين أو اليوم العالمي لكبار السن، مناسبة سنوية عالمية يتم الاحتفال بها في الأول من أكتوبر من كل عام، وهو أحد أعياد الأمم المتحدة، والذي صوّتت عليه الجمعية العامة للأمم المتحدة في 14 ديسمبر 1990، ويرمي الاحتفال باليوم العالمي للمسنين إلى رفع نسبة الوعي بالمشاكل التي تواجه كبار السن، كالهرم وإساءة معاملة كبار السن، وهو يعد يوما للاحتفال بما قدّمه كبار السن من انجازات وعطاء بلا حدود للمجتمع.

وديننا الحنيف هو أول من أوصى بضرورة رعاية كبار السن وكان ذلك قبل توصيات الأمم المتحدة، حيث أوصانا الإسلام بضرورة حُسن معاملة كبار السن والمسنين، كما أنه أوصانا بالوالدين إحسانًا ودلّلت على ذلك آيات القران الكريم والأحاديث النبوية الشريفة، قال تعالى ﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا )ُ﴾ [الاسراء: 23]. وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أنس: وقّر الكبير وارحم الصغير ترافقني في الجنة).

أهداف الاحتفال باليوم العالمي للمسنين:

جاء احتفال الأمم المتحدة هذا العام تحت عنوان “حقوق الملكية الرقمية لجميع الأعمار” ويؤكد موضوع 2021 على ضرورة وأهمية تمكين المسنين من الوصول إلى العالم الرقمي والمشاركة الهادفة فيه، حيث أحدثت الثورة الصناعية الرابعة التي تتميّز بالابتكار الرقمي السريع ،النمو المتسارع، تحولات في جميع قطاعات المجتمع بما في ذلك كيفية المعيشة والعمل وعلاقة بعضنا البعض، وتقدم التطورات التكنولوجية أملًا كبيرًا في تسريع التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة، المعضلة الآن هي أن نصف سكان العالم لايزال خارج المسار، وتشير تقارير الاتحاد الدولي للاتصالات إلى أن النساء والمسنين يعانون غياب المساواة الرقمية أكثر من غيرهم من فئات المجتمع الأخرى لافتقارهم إلى التقنيات، أو لضعف استفادتهم بشكل كامل من الفرص التي يتيحها التقدم التقني.

وقد حدّدت الأمم المتحدة أهداف الاحتفال بمناسبة هذا العام في الآتي:

– التوعية بأهمية الإدماج الرقمي للمسنين، ومعالجة الصور النمطية والتحيز والتمييز المرتبط بالرقمنة مع مراعاة المعايير الاجتماعية والثقافية والحق في الاستقلال الذاتي.

– تسليط الضوء على سياسات الاستفادة من التقنيات الرقمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بشكل كامل.

– معالجة المصالح العامة والخاصة، في مجالات الوفرة والاتصال، التصميم، القدرة على تحمل التكاليف، بناء القدرات والهياكل والابتكار.

– استكشاف دور السياسات والأطر القانونية لضمان خصوصية وسلامة المسنين في العالم الرقمي.

– تسليط الضوء على الحاجة إلى صك ملزم قانونًا بشأن حقوق المسنين ونهج حقوق الإنسان متعدد الجوانب محوره “الإنسان من أجل مجتمع لجميع الأعمار”.

لاشك أن الأهداف السابقة تؤكد أهمية ايجاد الحلول الحكومية والمجتمعية للوصول إلى الدمج المجتمعي الرقمي لكبار السن، فمثلًا يجب أن تقدّم المنظمات غير الحكومية والنوادي ومراكز الشباب فرصًا للتعلم غير الرسمي لكبار السن، والعمل على توفير الفرص لتعلم الانترنت وتطوير المهارات الأساسية الرقمية للفئات السكانية شبه المحرومة في القرى والنجوع والأحياء الشعبية، مع ضرورة مراعاة التكلفة، السن، الإعاقة، المعايير التوقعات الاجتماعية، القدرة البدنية، الوعي، الجغرافيا، مستوى التعليم أو اللغة.

فعندما تعطي الدولة وبالتعاون مع المنظمات غير الحكومية الأولوية للشمول الرقمي وتحدّد الفئات السكانية المستهدفة وتتخذ الإجراءات اللازمة لضمان تكافؤ الفرص بحق لتطوير المهارات الرقمية، فذلك سيسهم بشكل كبير في سد الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وبناء مجتمعات أكثر شمولًا، وإذا لم يتم ذلك فإن الفجوة الرقمية الحالية قد تستمر في الاتساع، مما يزيد من تفاقم الفوارق الاجتماعية والاقتصادية القائمة، مثل انخفاض مستويات الدخل وارتفاع معدلات البطالة للفئات المهمشة أصلًا.

وهنا يبرز دور المتطوعين من المواطنين، سواء كانوا موظفين أو طلابا في فترات الإجازة أو ضمن تكليفات رسمية والعمل على نشر المهارات الرقمية الأساسية التي اكتسبها الآخرون في المدرسة أو في مكان العمل.

أهم المؤشرات عن المسنين في مصر

أصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر في نهاية سبتمبر 2021 بيانًا صحفيًا بمناسبة اليوم العالمي للمسنين، وكانت أهم المؤشرات المتعلقة بالمسنين (60 سنة فأكثر) وفقًا لتقديرات السكان في 1/1/2021 ما يلي:

– بلغ عدد المسنين 6.8 مليون مسن (الذكور 3.6 مليون وعدد المسنات الإناث 3.2 مليون، كما ارتفع توقع البقاء على قيد الحياة من 73.9 سنة عام 2019 إلى 74.3 سنة عام 2021.

– وأنه وفقًا لبيانات مسح القوى العاملة 2020 بلغت نسبة الأمية بين المسنين 55.1٪ عام 2020.

– بلغ عدد المسنيـن المشتغـلين ملـيـون مسن من إجمالي المسنين (52.4٪ من المسنين المشتغلين يعملون في مجال الزراعة وصيد الأسماك، 19.4% يعملون في نشاط تجارة الجملة والتجزئة، وأقل نسبة 1.2% كانت للعاملين في الأنشطة العلمية والتقنية، وأنشطة الخدمة المنزلية).

إذن: نحن على أبواب مشكلة كبيرة في مصر، نظرًا لوجود ما يقرب من 7 ملايين مسن، مما يتطلب تعاون كافة أجهزة الدولة، خاصة في ظل ما تشهده مصر من تطور مذهل وسريع في كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والتعليمية والاسكان …الخ.

فنجد أنه لابد من توفير ساحات في المناطق الجديدة والمتطورة ليجلس فيها كبار السن يتبادلون أطراف الحديث ويمارسون الانشطة والهوايات التي تتفق والعادات والتقاليد المصرية، العمل على إدماج المتطوعين للعمل في خدمة كبار السن وتعليمهم كيف يستخدمون الوسائل التكنولوجية والرقمية الحديثة، حتى يستطيعوا مواكبة العصر ويندمجوا في المجتمع بشكل جيد، ولا يمكن أن ننسى توفير الرعاية الصحية بأسعار زهيدة.

ماذا تقدم مصر للمسنين؟

– تنص المادة (83) من الدستور المصري 2014 على أن “تلتزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحيا، اقتصاديا، اجتماعيا، ثقافيا، ترفيهيا، وتوفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة، وتراعى الدولة في تخطيطها للمرافق العامة احتياجات المسنين، كما تشجع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين.

– تعمل الحكومة في الجمهورية الجديدة على ترجمة ذلك في سلسلة من المجهودات والتشريعات لعل أبرزها وهو ما رصدته الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، حيث أكدت في محورها الثالث (بند 5) علي ما يلي:

– الدولة منحت معاشا ضمانيا لكبار السن ممن لا يتقاضون معاشا تأمينيا وليس لهم دخل، وطوّرت شبكات الأمان الاجتماعي ببرنامج كرامة، وذلك بمنح معاش للمسنين بداية من عمر الـ 65، أو لمن يعانون عجزا أو مرضا مزمنا.

 – إنشاء دور الرعاية الخاصة بكبار السن، وافتتاح أندية رعاية نهارية لهم، وإطلاق وثيقة مكتوبة خاصة بحقوق الكبار بالتعاون مع المجتمع المدني.

– نشر آليات الثقافة الإلكترونية في مراكز المسنين لتمكينهم ثقافيا بتهيئة الثقافة الذاتية بأيسر الوسائل.

 – إتاحة الهيئة العامة لتعليم الكبار الفرصة للمسنين لمواصلة التعليم في المراحل الإعدادية والثانوية وصولا للتعليم الجامعي.

وليس هناك شك في وجود العديد من التحديات للوصول الي النتائج المرضية للمسنين والذى تعمل الدولة والحكومة علي حلها والوصول لأفضل النتائج ، فمثلاً كفل قانون التأمينات الرعاية الاجتماعية لأصحاب المعاشات، خدمات وتخفيضات بالمواصلات العامة والنوادي والسينما بحد أقصى 75%، إضافة لخدمة توصيل المعاشات إلى المنازل للمرضى وكبار السن، وتخفيض نفقات الإقامة بدور العلاج.

تتمثل مستهدفات الاستراتيجية المصرية لحقوق الانسان في إصدار تشريع متكامل يعزّز حقوق كبار السن، وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية الممنوحة للمسنين، وزيادة المخصصات المالية المتاحة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية الحكومية، وتعزيز التفتيش عليها، حصول كبار السن على الرعاية الصحية المناسبة، وتشجيع منظمات المجتمع المدني على المشاركة في رعاية المسنين، كما تتضمن محاور العمل، تمكين كبار السن من المشاركة في الحياة العامة، ومن ثم صياغة السياسات الخاصة بهم، تنظيم حوار مجتمعي سنوي يستهدف تحديد فجوات الاهتمام، وسبل التفاعل الملائمة مع قضايا كبار السن، تعزيز فرص الحصول على التعليم، وتعزيز مشاركتهم في الحياة الثقافية تعزيز المساعدة القضائية لكبار السن، وتسهيل لجوئهم لسبل التقاضي، وتشجيع التوسع في إنشاء دور رعاية لكبار السن..

وزارة التضامن وكبار السن:

تقدم وزارة التضامن الاجتماعي الرعاية والدعم الكامل للمسنين على كافة المستويات، ولعل أبرز ما قدمته الوزارة للمسنين:

– تأمين حد أدنى من الدخل للمسنين يبلغ 900 جنيه، ويبلغ عدد أصحاب المعاشات نحو 10.5 مليون صاحب معاش ومستحق.

– تتحمل الوزارة تكلفة المواصلات العامة للمسنين فوق 70 عاما كما يتبع الوزارة مؤسسة 163 للمسنين على مستوى الجمهورية تضم 41 ألف مسن.

– إعداد مشروع قانون لحماية ورعاية المسنين تم الموافقة عليه من قبل مجلس الوزراء تمهيدا لعرضه على مجلس النواب في دورته التشريعية التي تبدأ مطلع شهر أكتوبر.

– مكاتب خدمة المسنين وهي خدمة مستحدثة تُنفّذ من خلال دور وأندية المسنين وتعمل على خدمة المسنين بمنازلهم.

– توفير دور رعاية المسنين وهي مؤسسة اجتماعيــة معــــدّة ومجهّزة لإقامــة المسنيــن يتوافر فيها أسلوب الحيــاة الكريمة وتقديم برامج الرعاية الصحية والنفسية والثقافية والاجتماعية والترويحية المناسبة.

  – إصدار الكارت الذهبي لكبار السن ويتضمن العديد من المزايا للمسنين، ومنها تسهيل الإجراءات والخدمات الحكومية لمنع تعرضهم للتعب والإرهاق في هذه الفترة من العمر وتوفير العديد من المزايا التموينية والصحية بتوفير تأمين صحي لمن لا تتوافر له هذه الخدمة.

– إدراج الفئات المستحقة من كبار السن بمنظومة الدعم النقدي.

مبادرة 100 مليون صحة:

كان للمبادرة الرئاسية 100 مليون صحة والتي استهدفت تقديم الخدمات الصحية للمواطنين، علاج الأمراض المزمنة وغير السارية، ومتابعة الفحص والعلاج والحد من مرض ومضاعفات الوفيات دور كبير في الكشف والعلاج لعدد كبير من المسنين واصحاب امراض الشيخوخة على مستوي الجمهورية.

وبالرغم من كافة الانجازات التي تقدم الا أن رعاية المسنين المعاقين والذين يعانون من خرف الشيخوخة خاصة تُعتبر “المهمة الأصعب” في قطاع خدمات رعاية المسنين، حيث إن الأمر يتطلب التدريب المهني لمعرفة كيفية التعامل مع أشياء عديدة مثل القسطرة البولية ، تقرحات الفراش ، شفط البلغم وإدخال أنبوب عبر الأنف إلى المعدة، علاوة على ذلك، يجب أن يكون مسئول الرعاية في حالة تأهب على مدار اليوم” ، ونعود هنا الي ضرورة تضافر الجهود من خلال الحكومة ومنظمات المجتمع المدني والمتطوعين من الشباب والطلاب وغيرهم .

وأري أيضاً أنه من الهام والضروري التنسيق والتعاون بين وزارات التضامن والمالية والاتصالات و الشباب من أجل تحفيز وتشجيع الشباب المصري المبتكر في مجال التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية بتصميم تطبيقات لتوصيل السكان المسنين بالإنترنت، حتي يتمكن كبار السن من استخدام أجهزة حاسوب لوحية محمّلة مسبقًا بالتطبيقات والخدمات المصممة لهم، بما في ذلك “تطبيقات مختلفة لمطالعة الصحف، مشاهدة التليفزيون، قائمة بالأدوية التي يتناولونها، أجهزة الإنذار التي تذكّرهم بتناولها ، الألعاب والترفيه ، أجهزة الإنذار لاستدعاء رجال الإطفاء أو الشرطة أو سيارة الإسعاف، وغيرها من الخدمات والتطبيقات بما في ذلك القدرة على توقيع المستندات إلكترونيًا”، وذلك حتى نستطيع السير والتأقلم مع موضوع احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للمسنين 2021 والذى أكد على ضرورة وأهمية تمكين المسنين من الوصول إلى العالم الرقمي والمشاركة الهادفة فيه.

صناعة رعاية المسنين

ادعو رجال الصناعة ورجال الاعمال والمستثمرين للاستفادة من خبرة مصر في مجال رعاية المسنين وما تمثّله من سوق كبير لما يقرب من 7 مليون مسن، والعمل علي تصنيع وانتاج ما يلبي احتياجات كبار السن، من آلات التدليك، الكراسي المتحركة، العُكازات، وغيرها من الضروريات اليومية مثل الأجهزة المساعدة على السمع، الهواتف الذكية المخصصة لكبار السن وأدوات التمريض.

ولا شك أن تطوير صناعة رعاية المسنين ستخلق فرص عمل مناسبة لكبار السن أثناء مواجهة الشيخوخة، ويمكن لمصر تزويّد الدول الافريقية والعربية بأفكار مبتكرة في الوقت الذي تتعلم فيه من تجارب الدول الأخرى.

كل عام وجميع كبار السن من اصحاب الخبرات والعطاء بألف خير وصحة وسعادة. اللهم أمين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى