سياسة

باعتبارهم صانعي المستقبل استراتيجية سلطنة عُمان في بناء مجتمع الشباب

استمع

81

مهند أبوعريف

يعتبر الشباب هم قاطرة التنمية في كل دول العالم، وهم صانعوا المستقبل بكل تجلياته وتحدياته، ليس فقط في الدول الغربية المتقدمة وإنما في الدول العربية والعالمية الأخرى التي تقدر دور الشباب وخصوصاً بعد الأحداث التي شهدتها بعض الدول العربية عام 2011.

ولم تكن سلطنة عُمان بعيداً عن ركب السعي الدولي في هذا المضمار، إنما كانت من أوائل الدول التي كرست جل اهتمامها بالمواطن باعتباره هو صانع التنمية وباني النهضة، انطلاقا من استراتيجية “بناء البشر قبل الحجر” حتى تساير تطلعات  التطورات العالمية، وتعددت المبادرات العُمانية التي تكرس وتجسد اهتمامها بالشباب وفق النهج الكلي الموجه نحو البناء .

ولم يكن قرار السلطان قابوس بن سعيد بتخصيص عام 1983 عامًا للشبيبة، وعام 1993 عامًا للشباب، وإنشاء الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافة عام 1991 كهيئة ذات استقلال مالي وإداري تقوم بالدور الأساسي في مجال العناية بالشباب بالتعاون مع هيئات المجتمع الأخرى، وإنشاء اللجنة الوطنية للشباب عام 2011 والتي بدأت عملها في سبتمبر ٢٠١٢ ، وتخصيص يوم 26 من أكتوبر من كل عام يوما للشباب العماني، سوى علامات بارزة على المكانة التي يحتلها الشباب لدى صانع القرار السياسي العُماني وفي شتى المجالات.

وفي سياق تقديم الدعم الاقتصادي للشباب، أطلق السلطان قابوس خلال العيد الوطني الحادي والثلاثين للسلطنة، دعوته لمشروع اقتصادي مهم لدعم الشباب سمي مشروع “سند” لتشغيل القوى العاملة الوطنية، ولم يأت إطلاق هذا المشروع من فراغ، إنما له دلالة بالغة الأهمية فهو يعبر عن مؤازرة ومساندة الشباب بوصفهم “سند” التنمية المستقبلية وركيزتها.

تضمن المشروع إنشاء مكاتب في كل المناطق والمحافظات والولايات تخصص لاستقبال طلبات المواطنين سواء للتوظيف أو التدريب أو لإقامة مشاريع صغيرة.

كما تضمن المشروع كذلك إنشاء حضانات يتم من خلالها إقامة مشروعات صغيرة يتملكها الذين أنهوا تدريبهم في المعاهد والكليات المهنية وتدار بتوجيه من المتخصصين الذين يقومون بالإشراف على إدارة الشباب لمشاريعهم حتى يكتسبوا الخبرة الكافية في السوق.

وقد شجع مشروع “سند” كل المبادرات الفردية الجادة لتكون نواة لمشروعات أكبر عن طريق الكوادر الوطنية وهو ما أسهم في وضع استراتيجية وطنية لتشغيل الأيدي العاملة شارك فيها القطاع الخاص.

ثم جدد السلطان قابوس دعوته للشباب للانخراط في مختلف مجالات العمل من أجل مساعدة أنفسهم وتطوير بلادهم، فأعلن عن إقامة ندوات سنوية  تتواكب خلال الجولات السنوية على غرار “ندوة تشغيل القوى العاملة الوطنية”.

إضافة إلى ذلك اهتمت الحكومة العُمانية بتوفير سبل الدعم للمشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة بشكل مباشر أو غير مباشر فإلى جانب توفير دراسات الجدوى للمشروعات ، أو الإسهام فيها يتم توفير كثير من المعلومات المتاحة للمشروعات المختلفة.

واستكمالاً لهذه الجهود العُمانية في دفع عجلة الشباب للأمام وخاصة مع الاستعدادات للاحتفال بالعيد الوطني الـ45 والذي يتوج مسيرة أربعة عقود وخمس سنوات من العمل المتواصل في البناء والتنمية.

أعلنت اللجنة الوطنية للشباب تدشين اربعة برامج مستدامة تهدف إلى استشراف مستقبل الشباب وتمكينه في مجالات عدة معتمدة على مبدأ اللامركزية في تنفيذ البرامج بمختلف محافظات السلطنة. باعتبار اللجنة لها دور مهم في وضع رؤية موحدة بين كل المؤسسات المهتمة بالشباب، لترتقي بالمرتكزات الخمسة، وهي المشاركة والتمكن والمواطنة والحوار والابتكار.

وإدراكاً لدورهم في صناعة المستقبل، شارك الشباب العُماني في الخطط الخمسية ، كما كان الشاب العماني شريكا رئيسيا في كل فعاليات وبرامج اللجنة الوطنية للشباب تخطيطا وتنفيذا وتقييما، كما دعمت اللجنة أكثر من ٣٠ مبادرة شبابية فردية وجماعية (ماديا وإداريا ولوجستيا)، وكانت الشراكة مع القطاع الخاص حاضرة وأبرزها شراكة اللجنة مع المؤسسة العالمية  “إنجاز عمان” حيث ستقوم بتدريب (١٥٠٠) شاب وشابة في محافظات السلطنة في مجالات ريادة الأعمال والجاهزية لسوق العمل  والابتكار. ثم دشنت اللجنة برنامج “مهارات” اعتمادًا على تقصٍ علميّ يتم بالتنسيق مع المركز الوطني للمعلومات والإحصاء.

ويأتي البرنامج ليلبي احتياجات الشباب التي تم استقراؤها عبر مختلف وسائل التواصل مع الشباب (حوارات، مواقع التواصل الاجتماعي)، وذلك من خلال تقديم برامج تدريبية تزودهم بمهارات حياتية علميّة تطوّر من قدراتهم ليساهموا في بناء المجتمع والوطن، إذ تعنى بمجالات تنمية المهارات الشخصية وبالتالي تنمية حس المسؤولية والمواطنة.

ويمتاز هذا البرنامج بالاستدامة، حيث يستمر على مدى الأعوام القادمة، وقد تم اختيار أربعة موضوعات لهذا العام هي التخطيط الاستراتيجي الشخصي، وإعداد شاب للحياة الزوجية، والباحث الأكاديمي، والحوار، وذلك وفق توصيفات كل برنامج.

إجمالاً يمكن القول بأن النظام السياسي العُماني كرس كل الاهتمام لقطاع الشباب انطلاقا من قناعات مفادها أن الاهتمام بالأسرة وغرس نسق من القيم الأساسية التي تتضمن قيم حب الوطن والانتماء الكامل له من أولويات صناعة المواطن الشاب القادر على  تولي المسئولية في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى