رأى

الطاقة المتجددة..المنقذ لكوكب الأرض

استمع

د. حذامى محجوب

لما قامت غريتا ثامبرغ ، هذه الفتاة السويدية التي لم تبلغ من العمر أكثر من 16 سنة في الصائفة الماضية برحلة بحرية عبر المحيط الأطلسي من أروبا الى أمريكا على متن باخرة شراعية تعمل بالطاقة الشمسية (أي بصفر كربون) للحضور في قمة الأمم المتحدة حول المناخ بعد ان امتنعت عن ركوب الطائرة، لما تسببه الطائرات من ضرر كبير بالمناخ فاتهمتها العديد من الصحف بالطفلة المدللة التي تبحث عن الشهرة وأخرى بالتوحد . واستماتت كذلك غريتا ثامبرغ في الدفاع عن قضية المناخ لما دعيت الى المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس ، وقمة المناخ في بولندا ، ومنتديات تيد في استكهولم ، وقد توجهت لقادة العالم قائلة بأنها في سنة 2078،ستحتفل بعيد ميلادها الخامس والسبعين ، وقد تنجب أطفالا يحتفلون معها به، وسيسألونها عن القادة، وعن تقاعسهم عن الفعل قبل فوات الأوان. واتهمتهم بانهم يسرقون مستقبل ابنائهم أمام أعينهم رغم انهم يتفاخرون بمحبتهم. وبذلك أصبحت هذه الناشطة الشابة التي تحاول انقاذ كوكب الأرض أيقونة كل المدافعين عن البيئة في العالم ، وكانت تلقائيتها وشجاعتها محط انظارالمتابعين منذ أن توجهت الى قادة العالم في بولندا قائلة ” انتم لستم ناضجون لمواجهة التغير المناخي وتتركون هذا العبء للأجيال اللاحقة ” .
هل كانت هذه الفتاة تحدس في هذه السن المبكرة بما سيؤول اليه العالم اليوم؟ وماذا لوكانت قد تلقت رسالة من الطبيعة؟ أليس ظهور فيروس الكورونا مؤشرا على غضب الطبيعة؟ ودليلا على أن الكون لم يعد يتحمل فعل الانسان فيه؟ لعل الطبيعة كما يقول أرسطو ” لا تفعل شيئا عبثا “، فهل الطبيعة هي التي اطلقت هذ الفيروس ؟ دفاعا عن التوازنات المناخية ؟ ضد وحشية الانسان المعاصر؟ هل هي التي أرسلته الينا ؟
لقد غير الانسان الطبيعة ولوث المحيط ، فتغير المناخ وانقرضت بعض الحيوانات .
فلقد اكدت كل الدراسات على أن الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت تحتاج الى مواد بترولية كثيرة لضمان سرعتها ، وهي تبث باستمرار وفي كل رحلة لها دخانها القاتل لأوكسجين الطبيعة .ولقد اقرت كل من باريس وبيكين ان سماءهما قد زالت عنهما سحب التلوث بفضل الحجر الصحي ،وحوالي 100مليون طن من س او 2 وقع تلافيها في الصين لقد أثبتت الدراسات البيئية أن حوالي الثمانية آلاف قمر صناعي الذي يدور حول الأرض يرسل الى الطبيعة وسكانها أشعة قاتلة ومغناطيسا أضاع للحيوانات طرق هجرتها وللطيور المهاجرة بوصلتها .كما أن الانسان قد شيد الجسور بين الجبال والمرتفعات ليمر بكل وسائل النقل التي اخترعها وينقطع الطريق على هذه الحيوانات المهاجرة ،كما أصبح الانسان يتحكم في جينات الحيوانات الأليفة وفي تكاثرها، فغير طبيعة بعض الحيوانات، فأصبحت الكثير منها تنجب العديد من المرات وتضع بيضها باستمرار بحكم توفير عوامل تقنية .
فماذا لولم تعد المرتفعات والجبال تتحمل اقتلاع الانسان لثرواتها من حجارة ورخام لبناء ناطحات سحاب تضيق الخناق على الطبيعة ؟ ماذا لو لم يعد جوف الكرة الأرضية يتحمل افراغ الانسان له من الفسفاط والحديد والزنك والغازوالبترول وكل المعادن والطاقات لصنع أدوات وآلات نعتدي بها على الطبيعة ؟ هل أن هذا الفيروس هو صرخة من الطبيعة التي ضاقت ذرعا بتلويث بحارها ومحيطاتها بالفضلات الصناعية التي تقتل الكائنات وترج التوازن البيئي؟ حتى أن سكان البندقية قد لاحظوا أن مياه القنوات أصبحت صافية لأن القوارب المشتغلة بالمحركات قد توقفت بفضل الحظر الصحي حتى أن السمك رجع الى القنوات ويبدو أنه حتى الدلافين قد بدأت تستأنس المكان .
كما نلمس العديد من النتائج الإيجابية فيما يخص المحيط في العديد من مناطق العالم. لقد اصبحت الشوارع فارغة ، خالية من السيارات ومن البشر، كما أغلقت العديد من المعامل فتقلص بث ديوكسيد الأزوت وكذلك ديوكسيد الكاربون …
فهل أن فيروس كورونا هو غضب الطبيعة تجاه عنجهية الانسان الذي رج الطبيعة فجعل الثلج يتساقط في الصحراء والحرارة ترتفع في مناطق باردة من اروبا وامريكا ؟ هل هو انذارمنها اليه بعد أن فشلت كل نداءات المدافعين عن البيئة وتحذيراتهم لنا بأن الأجيال القادمة ستكتوي بحرارة الأرض الملوثة الى أن تلقى حتفها نتيجة الغرق بعد أن تغمرها المياه الجارفة الناتجة عن ذوبان القطبين الشمالي والجنوبي؟
وماذا سيكون موقف قادة العالم من نداءات غريتا ثامبرغ بعد الكورونا ؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى