رأى

الجرائم الالكترونية وكوفيد 19.. وضرورة حماية خصوصيتنا

استمع

د. أميرة عبد الحكيم

فى تقرير لافت للانتباه أعلن مسئول مكتب مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة أنه تم الإبلاغ عن زيادة بنسبة 350 في المئة في مواقع التصيد الاحتيالي في الربع الأول من العام الجارى 2020، حيث تشهد الجرائم الإلكترونية زيادة حادة مع تفشى جائحة كوفيد-19، مشيرا إلى أن هجمات التصيد الاحتيالي استهدفت فى المقام الاول المستشفيات وأنظمة الرعاية الصحية وأعاقت عملهم فيما يتعلق بالاستجابة لهذه الجائحة.
ومن ثم، تبرز المخاطر المتزايدة لمثل هذه الهجمات التى يرتكبها الارهابيون واللصوص استغلالا لحالة الاضطراب التى اصابت العالم جراء هذه الجائحة واثرت على اوضاعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بل استغلت ايضا حاجة العالم المتزايدة لاستخدام الانترنت فى ظل تعطل الحركة سواء داخل الدول مع فرض ساعات الحظر الطويلة، او خارجها مع توقف حركة السفر والطيران والانتقالات، ولذلك كانت فرصة ذهبية لارتكاب مزيد من الهجمات الالكترونية اثناء الجائحة مما فاقم من خطورة الازمة وعمقها، يدلل على ذلك ما اصدرته شركة “جوجل” في شهر أبريل الماضى من تحذير للأشخاص الذين يعملون من المنزل بأنه تم إرسال رسائل بريد إلكتروني تصيدية متعلقة بفيروس كوفيد- 19، إذ ذكرت الشركة أنه من بين 100 مليون رسالة بريد إلكتروني احتيالية يومية تم حظرها بواسطة “جيميل”، هناك نحو 18 مليونًا مرتبطة بالجائحة، وهو ما اكدته كذلك منظمة الصحة العالمية عن زيادة في عمليات التصيد الاحتيالي في شهر أبريل، حيث استهدفت رسائل البريد الإلكتروني التي تنتحل هوية مسئولي منظمة الصحة العالمية عامة الناس، بل كشفت المنظمة أكثر من ذلك حينما اشارت إلى أن عملية الاحتيال توسعت إلى الدرجة التى هدفت منها الحصول على تبرعات لموقع ويب مزيفة بعد تسريب 450 عنوان بريد إلكتروني وكلمة مرور نشطة لمنظمة الصحة العالمية عبر الإنترنت.
مثل هذه الوقائع تؤكد على أمرين مهمين: الاول، أن ثمة حاجة ماسة إلى اهمية النظر فى توعية المواطنين بقضية التصيد الاحتيالى، والذى يقصد بها محاولة خداعك للاعتقاد أنك تُدخل المعلومات في موقع ويب شرعي، بينما في الحقيقة تقوم بتوفير المعلومات إلى شخص محتال، ويحاول هؤلاء المحتالون استخدام معلومات تسجيل الدخول أو معلومات أخرى خاصة بالحساب للوصول إلى حسابك ومعلومات الدفع الخاصة بك، إذا كانت مخزّنة عليه. بمعنى اكثر وضوحا يعمل التصيّد الاحتيالي على استدراج ضحاياه للكشف عن بيانات اعتماد لكل أنواع الحسابات الحساسة، مثل البريد الإلكتروني وشبكات الإنترانت داخل المؤسسات وغيره. اما الامر الثانى، يرتبط بقضية الوعى ايضا من خلال ما يجب علينا فعله لحماية انفسنا من هذا التصيد الاحتيالى سواء عبر تثيبت برنامج امن انترنت مناسب على اجهزتنا، او عبر التأكد جيدا من أن الرسالة المرسلة إلينا هى رسالة سليمة من الجهة التى تطلب معلوماتنا.
خلاصة القول إن التهديدات التى تواجهنا تزداد يوما بعد يوم، فما كل تقدم تكنولوجى يحتاج الامر الى مزيد من المعرفة والتعمق فيما نستخدمه لحمايتنا وحماية خصوصيتنا وحقوقنا وإلا اصبحنا ضحايا فى عالم يزداد تقاربا وارتباطا بفضل التقدم التكنولوجى والاتصالى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى