سلايدرسياسة

خطاب ترامب فى عيون الصحف الأميركية

استمع

نيويورك- ياسر عبدالله

علقت مجموعة من الصحف الأميركية على خطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس فقالت صحيفة نيويورك تايمز افتتاحية تحت عنوان “دعاة الحرب وصانعو السلام في الأمم المتحدة“، استهلتها قائلة إن الأمم المتحدة ليست المكان الذي يتوقع المرء أن تصدر فيه تهديدات بالحرب، ولكن هذا هو ما فعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في خطابه الأول أمام الجمعية العامة. ويتشابه خطاب ترامب مع حديث الرئيس جورج دبليو بوش الشهير عن “محور الشر”، الذي انتقد فيه إيران وكوريا الشمالية والعراق عام 2002. ولكن العراق اختفى هذه المرة من قائمة أعداء ترامب، في حين وُصفت إيران بأنها “متهورة” ووحشية ولا يمكن الوثوق بها على الرغم من الاتفاق النووي المُبرم معها في عهد باراك أوباما. وحذر ترامب من أنه “سيدمر كوريا الشمالية كلياً” للدفاع عن الولايات المتحدة وحلفائها، ونعت زعيمها كيم جونغ أون مجدداً بأنه “رجل الصواريخ” وقال إن كيم يخوض “مهمة انتحارية لنفسه ونظامه”. ووسط كل هذا الغضب، الذي أعرب عنه ترامب أمام هيئة عالمية يتمثل هدفها الرئيسي في الحل السلمي للمنازعات، لم يكن هناك ما يشير إلى اهتمام الرئيس بالتوصل إلى حل توفيقي أو إجراء مفاوضات. ويتناقض خطاب ترامب بوضوح مع نهج الرئيس أوباما إزاء العديد من المشكلات نفسها في نفس السياق في عام 2009، عندما حذر أوباما الجمعية العامة من أن “كوريا الشمالية وإيران تهددان بدفعنا نحو هذا المنحدر الخطير” وأكد على ضرورة مساءلتهما إذا وضعتا الأسلحة النووية قبل الإستقرار الإقليمي.

وفي الإطار ذاته كتبت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها تحت عنوان “كيف يقوض ترامب دفاعه عن الكرامة الإنسانية“، استهلتها قائلة إنه بالنسبة لأولئك الذين يشعرون بالجزع من تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن القيم الأمريكية التقليدية، كانت هناك لحظات مطمئنة يوم الثلاثاء في خطابه الأول أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. فقد هاجم ترامب بشكل صارخ الأنظمة التي تحرم شعوبها من الحرية، مثل تلك القائمة في كوريا الشمالية وفنزويلا، لكن هجماته لم تقتصر على الأهداف السهلة. إذ انتقد “القوى الاستبدادية” التي “تسعى إلى هدم القيم والأنظمة والتحالفات التي منعت الصراعات ودفعت العالم نحو الحرية منذ الحرب العالمية الثانية”. كما هبَّ، على وجه التحديد، للدفاع عن سيادة أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي في مواجهة التحديات التي تشكلها روسيا والصين. وقال إن الولايات المتحدة تتوقع من جميع الدول “احترام مصالح شعوبها”، ومن الأمم المتحدة أن تكون “مدافعاً أكثر فعالية ومسئولية عن الكرامة الإنسانية والحرية في جميع أنحاء العالم”.

وفي تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز تحت عنوان “شعار أمريكا أولاً يلاحق ترامب إلى الأمم المتحدة“، ذكرت فيه أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استخدم أسلوب المواجهة نفسه الذي يتبناه في الداخل خلال خطابه الأول يوم الثلاثاء أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تعهد بـ”تدمير كوريا الشمالية كلياً” إذا هددت الولايات المتحدة وندد بالاتفاق النووي مع إيران ووصفه بأنه “مصدر إحراج” قد ينسحب منه قريباً. وصور ترامب الصراعات الراهنة على أنها اختبار للنظام الدولي، ووعد بـ”سحق الإرهابيين الفاشلين” وسخر من زعيم كوريا الشمالية ونعته بـ”رجل الصواريخ” وأعلن أن أجزاءاً من العالم “ستذهب إلى الجحيم”. وحملت لهجة الرئيس ترامب تداعيات حقيقية على مستقبل الأمم المتحدة والمواجهات المتصاعدة مع الدول المارقة. ويشير التقرير إلى أنه في غضون 42 دقيقة، وضع ترامب نهاية للدعم الخطابي الذي قدمته الولايات المتحدة على مدى عقود للفلسفة الجماعية للأمم المتحدة من خلال دفاعه عن سياسة أمريكا أولاً. واستهدف ترامب كوريا الشمالية، ووسع نطاق انتقاداته لحكومة بيونغ يانغ من سعيها لتصنيع أسلحة نووية إلى معاملتها لشعبها والمواطنين الأجانب الذين تعتقلهم. كما انتقد ترامب أيضاً الصين، دون ذكر اسمها صراحة، لمواصلة التعامل مع جارتها المارقة، وقال إنه من المثير للغضب أن بعض الدول ما تزال “تتاجر مع كوريا الشمالية وتسلحها وتدعمها”. كما هاجم الاتفاق النووي المُبرم مع إيران، وأوضح أنه يفضل عدم التصديق على امتثالها لبنوده عندما يحين موعد قيام إدارته بذلك يوم 15 أكتوبر المقبل، الأمر الذي قد يؤدي إلى انهيار الاتفاق.

وكتبت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور تعليقا على خطاب ترامب بالأمم المتحدة  تحت عنوان “رؤية ترامب القومية: هل تعزز أم تعرقل السلام؟”، أشارت فيه إلى أن الرئيس ترامب استخدم أول ظهور له أمام قادة العالم، خلال الجلسة الافتتاحية السنوية للأمم المتحدة، يوم الثلاثاء الماضي، لعرض رؤيته عن التعاون الدولي. وعلى الجانب الفلسفي، وضع رئيس “أمريكا أولا” أساسا وطنيا للتفاعل الدولي، قائلا إن السيادة الوطنية وليس تعددية الأطراف ينبغي أن تكون الأساس للجهود الدولية لمعالجة القضايا الملحة في العالم. وقال ترامب “لقد انتُخبت لإعطاء السلطة للشعب الأمريكي، لإعطائها لمن تنتمى اليه”، وأضاف قائلا: “أنا مثلكم، مثل أي زعيم لبلادكم، سوف يضع، بل عليه أن يضع مواطني بلاده في موقع الصدارة”. ومع ذلك، لم يدع ثناء ترامب المُسهب على السيادة الوطنية مجالا للاعتراف بأن تلك السيادة الوطنية آلت إلى وضع العالم على حافة الهاوية، ومن ثم تم إنشاء الأمم المتحدة، وبدء حقبة لم يسبق لها مثيل من التعاون متعدد الأطراف قبل سبعة عقود.

كما أشارت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في تقرير لها إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال خلال خطابه الذي ألقاه أمس إن بلاده مستعدة لتدمير كوريا الشمالية “تماما” إذا اضطرت إلى ذلك؛ في سبيل الدفاع عن النفس. ويذكر التقرير أن ترامب أشار في اجتماعات الدورة الـ72، إلى أن نظام كوريا الشمالية “مارس فظائع خطيرة بحق شعبه من تجويع وقتل وقمع، ونفذ أعمالا إرهابية مخيفة كقتل شقيق الديكتاتور في مطار دولي”، مضيفا: “إذا لم يكن لدينا خيار سوى تدمير كوريا الشمالية كلها فلن نتوانى عن ذلك”. وعن إيران قال ترامب: “لا نستطيع أن نلتزم باتفاق “نووي” قد يمنح طهران في النهاية ستارا لامتلاك الأسلحة النووية، وقد آن الأوان للعالم بأسره لنطلب من نظام إيران أن يتوقف عن دعم الإرهاب وأن يحترم سيادة الدول المجاورة”.

بينما قالت الصحيفة في افتتاحيتها تحت عنوان “ترامب يعطي العالم خطابا هجوميا بلا داع“، أن الكثير مما قاله الرئيس ترامب في خطابه الأول الذي طال انتظاره أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تطرق بصورة مباشرة إلى القضايا المطروحة حاليا على الساحة الدولية. وتؤيد الصحيفة مطالبة ترامب الأمم المتحدة ببذل المزيد من الجهود لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات السيادة الوطنية والأعمال الإرهابية. لافتة إلى أنه كان يقف على أرض صلبة في كثير من الانتقادات التي وجهها ضد كوريا الشمالية وإيران. لكن الصحيفة ترى أن ترامب قوض فعالية رسالته مع تلك اللهجة الهجومية التي قاله بها، والتفاخر بأن “جيشنا سيكون في القريب العاجل أقوى من أي وقت مضى”، وتلك الإهانات التي لا مبرر لها خلال إدانته لـ”الاشتراكية”، والتي من المحتمل أن تسيء إلى العديد من البلدان التي يناشدها لـ”مواجهتنا معا أولئك الذين يهددوننا بالفوضى والاضطرابات والإرهاب”. وترى الصحيفة أن الأمم المتحدة لم تكن أبدا محفلا مثاليا لترامب، مع نهج “أمريكا أولا” الذي يتبناه، وحرصه على خفض المساعدات الخارجية الأمريكية، وتجاهله للعديد من الاتفاقات العالمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى