إقتصاد

مع زيارة بوتين لمصر.. الخارجية: روسيا تعتبر مصر مركز صناعة القرار فى الشرق الأوسط

استمع

ed488e441804c98a8f788520c6124af9

علق المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية د. بدر عبدالعاطى على العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا بمناسبة زيارة الارئيس الروسى لمصر بالقول أن روسيا تنظر لمصر على اعتبارها مركز صناعة القرار في الشرق الأوسط والبقعة الجيوستراتيجية الأساسية في المنطقة، رافضة كافة مساعي نقل مركز الثقل التقليدي للمنطقة إلى الأطراف الأخرى، وهي تؤكد هذه النظرة في كل المناسبات. وقد أبدت روسيا موقفاً مؤيداً لثورة 30 يونيو وما تلاها من تطورات بما في ذلك كافة محطات خارطة الطريق،

كما أكد الرئيس “بوتين” في مناسبات عديدة احترامه الشديد للسيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي ودوره التاريخي في مصر. ومن هذا المنطلق فإن روسيا تؤيد عودة مصر بقوة إلى الساحة الإقليمية والدولية، وتدعم مشاركتها في كافة المبادرات الإقليمية، وتقاوم أية محاولة لتهميش الدور المصري، وهو ما برز جلياً في الأزمة السورية وأزمة غزة والذي وصل للمطالبة بضم مصر للرباعية الدولية لتفعيل دور الأخيرة.

شهدت العلاقات السياسية بين البلدين طفرة عقب ثورة الثلاثين من يونيو تمثلت في زيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر يوم 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير 2014، حيث تم عقد المباحثات السياسية بصيغة “2+2″، بما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان، بما يدلل على إقرار روسيا بالأهمية الإستراتيجية التي تحظى بها مصر في سياستها الخارجية. يضاف إلى ما سبق الاتصال التليفوني الذي أجراه الرئيس “بوتين” بالسيد المستشار/ عدلي منصور، رئيس الجمهورية السابق، عقب مباحثات القاهرة واستقباله للسيد المشير/ عبد الفتاح السيسى، وزير الدفاع آنذاك، خلال مباحثات “2+2” في موسكو، بما حمل مغزى سياسي هام وهو حرص روسيا وعلى أعلى مستوى على دعمها العلني للمرحلة الانتقالية وتنفيذ خارطة المستقبل، وحرصها كذلك على إعلان تأييدها للسيد الرئيس في خوض الاستحقاق الرئاسي مع تمنى الرئيس “بوتين” التوفيق لسيادته وللشعب المصري في الانتخابات الرئاسية. وقد أجرى الرئيس “بوتين” اتصالاً بالسيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي لتهنئته عقب إعلان النتائج المبدئية للانتخابات الرئاسية، وأوفد رئيس البرلمان الروسي (مجلس “الدوما”) لحضور مراسم التنصيب حاملاً الدعوة للسيد رئيس الجمهورية لزيارة روسيا، كما تضمنت تهنئته للسيد رئيس الجمهورية بمناسبة ذكرى ثورة يوليو تأكيداً على التطلع لزيارة سيادته لروسيا.

عززت زيارة السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي إلى “سوتشي” فى 12 أغسطس 2014 من العلاقة الإستراتيجية بين البلدين، حيث عكست حرص البلدين على تبادل الدعم السياسي على المستوى الإقليمي والدولي في ظل ما يواجهه الطرفان من تحديات خارجية وداخلية تستهدف النيل من الاستقرار السياسي وتهديد الأمن القومي لكليهما وتشاركهما في رؤيه موحده في مواجهة الارهاب، وتحقيق مصلحة مشتركة في دعم النمو الإقتصادى في البلدين والفرص الاقتصادية التكاملية المتوافرة في العلاقة بين البلدين، والتي من شأنها خدمة الأمن القومي بتعزيز قوة الدولة من خلال تقوية وضعها الإقتصادى وقوة مصالحها الاقتصادية مع الأطراف الخارجية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري الأمني في ضوء اتفاق رؤى الطرفين حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية واشتراكهما في مواجهة تحديات مشتركة، وفى ضوء سعى مصر إلى تحقيق التوازن في علاقاتها الخارجية.

أولت روسيا الزيارة اهتماماً خاصاً تجلى في استقبال السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي فى “سوتشي” بمظاهر مراسمية ذات دلالة على المكانة الإستراتيجية للعلاقات التي تعقدها مع مصر. وقد تناولت القمة التي جمعت الرئيسين المصري والروسي الأوضاع الإقليمية والدولية، والتأكيد على دعم روسيا لمصر في حربها ضد الإرهاب، وعلى توافق الآراء المصرية الروسية في القضايا الإقليمية، وعلى تعزيز التعاون العسكري بين الطرفين، كما تناولت تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، حيث تم الإتفاق على زيادة روسيا لحجم صادراتها من الحبوب إلى مصر بأكثر من 60 % وأن ترفع مصر حجم صادراتها الزراعية إلى روسيا بنسبة 30%، بينما تم تناول العلاقات الاقتصادية والتجارية حيث تم الاتفاق على إقامة المنطقة الصناعية الروسية فى مصر فى محور تطوير قناة السويس ودفع جهود إقامة منطقة تجارة حرة بين مصر والاتحاد الأوراسى، والتأكيد على أهمية السياحة الروسية إلى مصر وعمل البلدين على تشجيعها.

وقد عكست المباحثات السياسية بين البلدين وجود تقاطع واضح بين أولويات الأمن القومي المصري وبين اهتمامات ومصالح الجانب الروسي في المنطقة، بما أسهم في إيجاد مساحة كبيرة مشتركة تلاقت فيها الروئ حيال عدد من الملفات الإقليمية والدولية كالأزمة السورية وضرورة التوصل إلى حل سياسي لها، ومكافحة الإرهاب وارتباط الظاهرة باستمرار بؤر التوتر بالشرق الأوسط، وخطر تحول تلك البؤر إلى مصدر للإرهاب العابر للحدود، والقضية الفلسطينية وضرورة التوصل لتسوية شاملة وعادلة لها، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل.

وصل حجم التبادل التجاري خلال عام 2013 إلى قرابة ثلاثة مليار دولار، مثلت الصادرات المصرية منها 441 مليون دولار فقط والواردات 2.503 مليار دولار. وقد شهدت الصادرات المصرية إلى روسيا خلال عام 2013 ارتفاعاً بلغت نسبته نحو 29% مقارنة بعام 2012 بسبب الارتفاع في تصدير الفواكه والخضروات. وتمثل المنتجات الزراعية نحو 70% من حجم التجارة بين مصر وروسيا، حيث تمثل الموالح والبطاطس نحو 75% من هيكل الصادرات المصرية إلى روسيا، في حين تمثل الحبوب (ولاسيما القمح) والأخشاب نحو 65% من هيكل الواردات المصرية من روسيا. وقد بلغت الصادرات المصرية لروسيا من البطاطس خلال الموسم الماضي قرابة 330 ألف طن، وهو ما تقدره سلطات الحجر الزراعي بقرابة المليار جنيه.  

يبلغ عدد المشروعات التي تم إنشاؤها باستثمارات روسية في مصر 363 مشروعاً بإجمالي رأسمال مستثمر يقدر بحوالي 148.74 مليون دولار، وتركزت أغلب هذه المشروعات على قطاع السياحة والخدمات (143 مشروعاً)، تلاها قطاع الإنشاءات (38 مشروعاً)، فقطاع الصناعة (27مشروعاً) ثم قطاع الزراعة (13 مشروعاً) وأخيراً قطاع الاتصالات (5 مشروعات) والقطاع التمويلي (3 مشروعات)، في حين تبلغ الاستثمارات المصرية في روسيا 450 مليون دولار أغلبها استثمارات في مجال صناعة الطائرات وبعض الاستثمارات العقارية.

كانت الدورة التاسعة لأعمال اللجنة المصرية الروسية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والفني قد تناولت مجمل العلاقات الإقتصادية والفنية بين البلدين، وقد انعقدت على مستوى الوزراء في موسكو في 26 مارس 2014، وترأس الجانب المصري السيد/ منير فخرى عبد النور، وزير الصناعة والتجارة والاستثمار، بينما ترأس الجانب الروسي “نيكولاى فيودروف”، وزير الزراعة. وقد تضمن البروتوكول الختامي الاتفاق على عدد من الموضوعات أهمها :

·        استئناف المفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة مع دول الاتحاد الجمركي الأورواسيوى (روسيا، بيلاروس، كازاخستان، أرمينيا) وهى منطقة اقتصادية واعدة.

·        إقامة منطقة صناعية في مصر متخصصة في إنتاج الآلات والمعدات الزراعية، وقد قام الجانب المصري بتحديد مكان إقامة المنطقة الصناعية الروسية في مصر في منطقة شمال عتاقة.

·        مساهمة روسيا في تطوير وتحديث المصانع المنشأة إبان فترة الإتحاد السوفيتي مثل مصنع الحديد والصلب بحلوان وشركة النصر للسيارات ومجمع الألومنيوم بنجع حمادى.

·        التواصل مستمر بين الدولتين في مجال انتاج الطاقة من المصادر المختلفة، وتسهيل مشاركة شركات البترول الروسية في عمليات الاستكشاف والتنقيب عن البترول والغاز في مصر، وترحيب الجانب الروسي ببحث إمكانية توريد الغاز المسال إلى مصر من خلال شركة “جازبروم Gazprom.

عقد الاجتماع الأول لمجلس الأعمال المصري الروسي بموسكو في فبراير 2008 بمشاركة أكثر من 47 من رؤساء الشركات المصرية والروسية أعضاء المجلس (يتشكل من 56 عضواً نصفهم من الجانب الروسي والنصف الآخر من الجانب المصري). وقد أكد الجانب الروسي في المجلس مؤخراً اهتمام رجال الأعمال الروس بالاستثمار في مجالات تصدير واستيراد الأدوية والحبوب والمواد الغذائية، كما أعرب عن اهتمامهم بمشروع المركز اللوجستى لتخزين الحبوب والغلال في دمياط وتطلعها لتنفيذه، كما أعرب عن اهتمام العديد من الجهات الروسية بخطة الحكومة المصرية لتوليد الكهرباء من الفحم وأن عدد من المصدرين الروس يتطلعون إلى توجيه صادراتهم من الفحم لمصر حال بدء العمل بذلك، كما أن جهات أخرى على استعداد للتعاون مع مصر فى تقنيات توليد الكهرباء من الفحم والطاقة الشمسية.

تكتسب العلاقات السياحية بين البلدين أهمية كبيرة في ضوء الأعداد الكبيرة للسياح الروس الذين يزورون مصر سنويا، حيث جاءت روسيا في المرتبة الأولى بالنسبة للسياحة إلى مصر على مدى الأعوام الخمسة الماضية، وتشير آخر الإحصائيات إلى أن حجم السياحة الروسية لمصر خلال عام 2013 قد بلغ 2,4 مليون سائح ومن ثم تهتم مصر بالتعاون مع روسيا في مجال السياحة في ضوء كون السياحة الروسية تمثل ما يقرب من 20% من مجموع السياحة الوافدة إلى مصر، وتعمل على تخطى الأزمة التي يشهدها هذا القطاع على خلفية انخفاض سعر الروبل وإلغاء السائحين الروس خلال الموسم الشتوي الحالي  لحجوزاتهم في منتجعات جنوب سيناء، وهو ما يعود له التراجع في عدد السياح الروس في عام 2014.

هناك تعاون كبير بين وزارة الأوقاف المصرية وعددٍ من المؤسسات الدينية الهامة في روسيا، على رأسها مجلس شورى مفتيين روسيا الاتحادية ومقره موسكو والإدارة المركزية لمسلمي روسيا ومقرها مدينة “كازان” عاصمة إقليم “تتارستان”، ويقوم عدد من موفدي الوزارة بالتدريس بالمعاهد الدينية بروسيا. كما توفد وزارة الأوقاف مبعوثاً أو أكثر إلى روسيا لإحياء شعائر شهر رمضان المعظم، ويحرص الجانبان المصري والروسي على المشاركة بالتبادل في مسابقات القرآن الكريم التي تنظم لدى كلا الطرفين.

قام قداسة البابا تواضروس الثاني بإتمام زيارة إلى روسيا خلال الفترة من 28 أكتوبر حتى 4 نوفمبر 2014 لزيارة الكنيسة الروسية، وحظت الزيارة بنجاح كبير فى ضوء دورها في تعزيز العلاقات بين الكنيستين القبطية والأرثوذكسية الشرقية، كما حظت بترحيب كبير على المستويين الرسمى والشعبى الروسى. وقد إلتقى قداسة البابا خلال الزيارة بوزير الخارجية الروسي “لافروف” الذى أكد على العلاقات التاريخية بين الكنيستين وأعرب عن تقديره لدور قداسة البابا والكنيسة فى الحفاظ على مصر والشرق الأوسط، واتفقت الرؤى المصرية والروسية بشأن ضرورة الحفاظ على مسيحيى الشرق.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى