رأىسلايدر

النمر وشويل.. واللعبة الطائفية

استمع
عماد الدين حسين2143774
رئيس تحرير الشروق
أسوأ شىء أن ينجرف الإعلام المصرى والعربى إلى لعبة الصراع بين السُنة والشيعة.
البعض يفعل ذلك بجهل أو حسن نية، والبعض الآخر يفعله بخبث وتخطيط وسابق معرفة، والهدف تدمير ما تبقى من المنطقة العربية.
صباح السبت الماضى، نفذت السلطات السعودية حكم الإعدام ضد ٤٧ محكوما، بينهم نمر باقر النمر، الناشط السياسى الشيعى، الذى أدانته إحدى المحاكم السعودية بعدة جرائم على خلفية الأحداث التى شهدتها مدينة العوامية بالقطيف بدءا من ربيع ٢٠١١.
بعض وسائل الإعلام المصرية سقطت فى لعبة طائفية مقيتة، وانجرفت ــ ربما من دون قصد ــ إلى الحديث عن «سلمان أسد السُنة»، وهى تقصد مدح الملك السعودى سلمان بن عبدالعزيز، باعتباره الرجل الذى يدافع عن أهل السُنة والجماعة ضد الشيعة. مثل هذه المعالجات ــ حتى لو تمت بحسن نية ــ فهى تقود إلى الجحيم من أقصر الأبواب!!.
من حقك أن تتفق أو تختلف مع حكم الإعدام، طبقا لموقفك السياسى أو الأخلاقى أو الإنسانى. إيران وكل البلدان ذات الغالبية الشيعية، نددت به واعتبرته جريمة، وكذلك بعض المنظمات الحقوقية الدولية، وترى فى الباقر ناشطا سياسيا سلميا. وفى المقابل، تقول الحكومة السعودية إنه كان مخربا ومحرضا على الفتنة والقتل، وجاء فى حيثيات حكم المحكمة إن «شره لا يتوقف إلا بقتله».
الملاحظة المبدئية أنه فى يوم إعدام النمر، جرى إعدام ٤٦ آخرين، كان أبرزهم فارس آل شويل، الذى يعتبر المنظر الرئيسى لتنظيم القاعدة، وصاحب الكتاب الشهير «حكم الباحث عن قتل رجال وضباط المباحث». السؤال هو: هل كان الأمر مصادفة أم مخططا؟، وإذا كان مخططا، فماذا كان الهدف؟ هل للإيحاء بإعدام قيادى سُنى كبير ومقابله يتم إعدام قيادى شيعى كبير أم العكس، وحتى لا يعترض شخص أو تيار أو طائفة أو دولة؟
وبغض النظر عن الإجابة، فإن المشكلة الأكبر والأخطر التى تواجه هذه الأمة المنكوبة ببعض الحكام والنخب الفاسدة، هى أننا ننجر ببلاهة منقطعة النظير خلف لعبة جهنمية هى تأجيج الصراع الطائفى.
الصراع والانقسام موجود تقريبا منذ عام ٣٦ هجرية، ويخبو حينا ويشتعل حينا، سواء لرغبة بعض الحكام المستبدين أو لمخطط خارجى يريد تفكيك هذه المنطقة.
ومنذ سنوات، فإن وسائل التواصل الاجتماعى تشتعل ليل نهار بهذا الصراع، والمأساة أن الجميع لا يدرك أن مثل هذه الصراعات ليس بينها رابحون، بل الجميع خاسرون بالثلث.
الصراعات العقائدية مختلفة، ولا يمكن لأى شخص أو جماعة إكراه شخص أو جماعة أخرى على تغيير عقائدها الدينية، حتى لو كانت قائمة على الدجل والخرافة.
هل نتصور أن ما فشل فيه الجميع منذ موقعة صفين عام ٣٦ هجرية، ثم موقعة الجمل عام ٣٧ هجرية، سينجح فيه بعض المتطرفين الآن؟!.
جوهر الصراع فى المنطقة سياسى اقتصادى اجتماعى، ويدور فى مرات كثيرة على أسس قومية، إيران كانت ُسنية حتى حاربت تركيا السُنية فيما عرف بالحروب الصفوية العثمانية «1532ــ1555«ثم انقلبت شيعية، وحاربت العراق ثمانى سنوات «١٩٨٠ ـ ١٩٨٨» رغم أن أكثر من نصف سكان العراق تقريبا من الشيعة، وبالتالى فالهدف الحقيقى هو صراعات قومية ترتدى مسوحا مختلفة خصوصا الطائفية، وتمارس إيران هذه اللعبة بمنتهى الذكاء حتى الآن.
عندما ننجرف نحن العرب ـ المغلوبين على أمرهم ـ إلى هذه اللعبة الجهنمية، فإننا نعطى الفرصة لكل أعداء الأمة أن يحققوا كل أهدافهم، لأننا ببساطة نقوم بقتل أنفسنا نيابة عنهم.
ثم إننا ننسى القضايا الرئيسية المتمثلة فى الحرية والديمقراطية والإصلاح والعدالة الاجتماعية لمصلحة قضايا نظرية جدلية لن يتم حسمها تقريبا حتى يوم القيامة.
المستفيد الأكبر من هذا العبث الطائفى بين السُنة والشيعة هو إسرائيل، لأن هذا هو السبب الوحيد الذى سيبرر رغبة الكيان الصهيونى العارمة فى حكاية «يهودية الدولة».
أيها اللاعبون بالورقة الطائفية: انتبهوا واتقوا الله.
* نقلا عن جريدة الشروق..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى