رأى

لمصلحة من شيطنة إيران ؟!

استمع
hqdefault
د. سعيد اللاوندى – كاتب صحفي بالأهرام.. خبير العلاقات السياسية.. أستاذ محاضر في جامعات مصر وسويسرا وبلجيكا.

د‏.‏ سعيد اللاوندي

لم يعد خافيا على أحد أن الولايات المتحدة الأمريكية والغرب عموما يحاول جاهدا أن «يشيطن» إيران، ولا يستحيى «كيري» وزير الخارجية أن يتحدث مصعدا الخلاف العربى الايرانى بقوله إن الولايات المتحدة لن تصمت فى حال مهاجمة إيران لدول الخليج..

وسعى الى الشيء نفسه الرئيس الأمريكى أوباما عندما قال مؤكدا أن واشنطن متأكدة من أن إيران تساعد الحوثيين!

الهدف الخفى والمعلن فى آن هو أن الرجلين يشعلان النار عن عمد بين العرب وإيران. مع أنهما حرصا على توقيع اتفاق اطارى مع إيران عرف باسم الاتفاق النووى حين اعترف المجتمع الدولى بحق إيران فى امتلاك الطاقة النووية واستخدامها استخداما سلميا ولا حتى عسكري!

وهو ما يتأكد للقاصى والدانى أن أمريكا تكيل بمكيالين.. تعترف لإيران بحقها فى الاستخدام السلمى للطاقة النووية.. والشيء الثانى أنها تؤلب عن عمد الخليجيين على إيران.. ولم تنس فى غمار ذلك أن تمارس هوايتها القديمة وهى أن تدفع الخليج إلى الحرب بالوكالة عن أمريكا واشعال منطقة الشرق الأوسط بنيران الحرب التى لا نريدها.. لكن ما الحل وأمريكا تشعلها ليل نهار لأن لوبى صناعة السلاح فى أمريكا يريد ذلك.. لأن تجارة السلاح الأمريكى التى كادت تشهد «كسادا» فى الأيام الأخيرة عادت مرة أخرى لتنتعش.. فإذا بأمريكا تبيع السلاح للحوثيين وللخليجيين معا.. ولذلك فالحرب على إيران يجب أن يقوم بها العرب نيابة عن أمريكا! والمؤسف أننا فى الشرق الأوسط لا نتعلم من دروسنا الحديثة والقديمة.. فالشيء نفسه حدث فى العراق ولم نتعلم.. وها هو يتكرر فى سوريا.. وللمرة الثالثة يحدث فى اليمن التى تشهد حاليا حربا أهلية والمستفيد ـ أولا وأخيرا ـ هو أمريكا والغرب الذى يكاد يفرك يديه طربا لأن مخططاته تنجح بحذافيرها!! ويبدو لنا أن أوزار الحرب سوف يشتعل والحديث عن حل سلمى أو حوار ـ كما تقول مصر والسعودية ـ سوف يذهب أدراج الرياح.. والحق أن الشواهد تؤكد أننا مقبلون على حرب الثلاثين عاما وربما الأربعين.. والمؤسف أن مقدرات الشعب العربى اليمنى هى التى تهدم وتحرق وتضيع هباء تحت طلقات الرصاص الأمريكي! يا قوم إن اليمن تضيع كالماء من بين أصابعنا كما ضاعت العراق وذابت سوريا.. والطريق إلى باقى الدول العربية لايزال مفتوحا وأكاذيب أمريكا والغرب عموما لم تنته! ونحن للأسف لا نتعلم الدرس.. فكولن باول وزير الخارجية الأمريكى الأسبق أقسم فى الأمم المتحدة بأن العراق يمتلك أسلحة دمار شامل.. وحنث فى وعوده تونى بلير رئيس وزراء بريطانيا.. بشأن العراق والشرق الأوسط.. وكلنا شهود على ذلك.. فضاعت العراق على مرأى ومسمع من العرب.. وها هو نفس الشيء يحدث بالنسبة لسوريا.. وها هو اليوم يتكرر بالنسبة لليمن.. ونحن شهود على ذلك..!

وادعت أمريكا قديما ما ليس فى العراق وقامت بأبلسة نظام صدام حسين.. فضاعت العراق بمباركة عربية! وهى اليوم تشعل النيران فى إقليم الشرق الأوسط وتملأ وجه إيران بالبثور المفزعة وتضرم النيران بين أهل الخليج وإيران.. بنفس طريقة العراق.. لتضيع ليس فقط إيران ولكن دول الخليج أيضا.

سؤالى الآن: أين أصحاب العقول العربية الراجحة.. وأين الأصوات العاقلة ونحن نتعرض لأكاذيب وافتراءات سياسية من أكبر دولة فى العالم. ونسينا أن رئيسها ـ أوباما ـ جاء إلى جامعة القاهرة قبل خمس سنوات وقال بالحرف الواحد: أن إيران دولة إسلامية كبري، ودولة شرق أوسطية كبري..ولابد أن يكون لها دور فى اعادة ترتيب الشرق الأوسط؟

إننا يا قوم أمام وجهين متناقضين لأمريكا.. لكننا ننسى ذلك؟ فأمريكا هى التى سمحت لإيران بأن تكون عضوا فى النادى النووي.. وأمريكا ذاتها هى التى تؤلب العرب على إيران.. لإشعال المنطقة بحرب تستفيد منها ببيع السلاح للخصم والخصم المضاد. إن إيران بريئة من كل التهم التى يحاول الغرب ـ وأمريكا على رأسه الصاقها بها.. وإلا أين الدليل الذى يفقأ العيون على تورطها فى حرب اليمن مع الحوثيين.. نريد دليلا واحدا وليس كأدلة العراق الواهية على امتلاكها سلاحا نوويا..!

إن مصلحة الشعوب العربية جميعا يجب أن تكون أمام أعيننا ومن ثم فالعلاقة الودودة والطيبة مع إيران هى طريقتنا ومن ثم فإننا لا نريد شراكة أو تعاونا مع إيران لكن هذا لا يمنع من أن يكون هناك تعامل طيب معها.. ولا ننسى أن إيران أصبحت وباعتراف أمريكا ذاتها دولة نووية مثل إسرائيل سواء بسواء وإذا كان البعض يرى أن مصلحتنا مع إسرائيل ـ العدو الكلاسيكى للأمة العربية تقضى بعدم استفزازها.. فالشيء نفسه يجب أن يكون مع إيران الاسلامية. فالخطر من إسرائيل لايزال قائما لأنها دولة حدودية لنا وتحتل فلسطين العربية وتخرج لسانها استهانة بالقمم العربية.. ولم تتحول لتصبح بردا وسلاما علينا.. ولن يفيدنا كثيرا أن نترك العدو القديم لنبحث عن عدو جديد.. فإسرائيل لا تزال الخطر الكلاسيكى والنووى علينا.. أما إيران فالحوار لايزال يجمعنا فى كل شيء.. ولقد أبدت استعدادها لذلك. أما إسرائيل فلا حوار ولا مفاوضات وهى سادرة فى غيها حتى اليوم.

والغرب الذى تسبب فى كل أوجاعنا وألب الشباب علينا بالتحول فجأة إلى صديق.. فكل ما ينصحنا به لا هدف له سوى مصلحته الشخصية.. أما مصلحتنا فلا تهمه لا من قريب أو بعيد. إن أبلسة إيران هى خطة غربية مدروسة ولا ينبغى أن نبتلع الطعم.. فمصالحنا هى الأبقي.. ومطامع الغرب معروفة قديما.. والتاريخ يقول لنا إنه لا يضمر إلا الشر لنا فكيف نصدقه.

يا قوم.. ما يجمعنا بإيران «الدولة» أكبر مما يفرقنا فلنستمع إلى لغة العقل والمصلحة.. ولنبدأ فى الحوار إذا كنا نريد حلا نهائيا لأزمة سوريا أو اليمن.. وكل المكونات السياسية مدعوة للحوار.. وعدم الاستماع إلى الخارج أو الاستقواء به.. فأمريكا إلى زوال.. والعرب باقون!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى