رأى

‘عواطف الثنيان’ قيثارة السلام والتسامح

استمع

جلال نصر

يبدو بأن ثورة قاسم أمين التي نادى فيها بضرورة كسر تلك القيود التي كبلت المرأة العربية لسنين هي ثورة ذات رسالة خالدة حيث أن رسالته قد اخترقت فكر الأجنة من الاناث وهن بطون أمهاتهن لتتوارثها الأجيال عبر السنين ، فها هي اليوم السعودية عواطف الثنيان تطل على العالم وتحمل في يمناها شعلة السلام التي طالما تحدث عنها الإغريق في أشعارهم.

والسعودية عواطف الثنيان ، هي الكبرى بين شقيقاتها ،ولدت لأب أمضى حياته المهنية في القطاع العسكري وسخر لها كل الإمكانيات المادية لكنها اعتمدت على نفسها ، ومن أم كانت قد حملت على عاتقها مهمة إظهار فلذات أكبادها في أرقى صورة للمجتمع ، وقبيلة محبة للثقافة والأدب ومحفزة للمواهب تهتم بتنمية وتدريب وتكريم المبدعين من أفرادها هيئتها للقيادة الحكيمة ، وما أن استجاب لها القدر، حتى راحت عواطف تشق طريقها نحو إثبات الذات ورد الجميل لأسرتها كانت ملاذ للرأي السديد في الأزمات الطارئة ، قررت ألا يكون ذلك الجميل على حدود الأسرة وإنما تجاوزته لخدمة بنات جنسها بالمجتمع موظفه خبراتها العلمية والعملية للنهوض بهن ليصبحن قياديات فاعله لبناء الوطن ،وتابعت الثنيان مسيرة نجاحها بالتأثير خارج حدود الوطن حتى أمست رمزا يقتدى بها لكل بنات الوطن.

بداياتها ليست بسيطة فهي امرأة تؤمن بقضيتها ولا توجد كلمة المستحيل في قاموسها ، يصعب على الآخرين احباطها ولا تحتاج لتحفيز ،ولن تستسلم، فبعد أن حصلت على بكالوريوس علم الأحياء، وجدت بأنه من الظلم بأن تحصر طاقتها في حدود المدرسة والطالبات ، فراحت تبحث عن ذاتها في أكثر من موقع و جازفت بالعمل في صحف دولية منها الصحيفة الاقتصادية والشرق الأوسط ومجلة سيدتي ،شعرت مع الصحافة بألفة شديدة فما أن بدأت بخوض التجربة حتى بدأت موهبة الكتابة التي رافقتها منذ طفولتها بالظهور لتسحر بها المعجبين.

ولا عجب فقد كانت كثيرا ما تحصد المراكز الأولى في كتابة الشعر والقصة على مستوى جامعات المملكة وهاهي تعود للكتابة مجددًا لتدخل غمار المنافسة مع من سبقوها في مهنة الصحافة وتتبوأ بعدها أعلى المناصب حيث تم تعيينها كمسؤولة للجنة الإعلامية في الملتقى العقاري النسائي الأول برعاية الأميرة حصة بالرياض عام 2006 ثم بعد ذلك تم تعيينها كمسؤولة للجنة الإعلامية للمهرجان الوطني بمكتب الأمير نواف بن عبد العزيز بجدة عام 2007 ، مسؤولة اللجنة الإعلامية لليوم الوطني بهيئة الإعلام المرئي والمسموع فرع الشرقية 2017 ، وما أن ذاع صيتها بين المهتمين حتى انهالت عليها العروض من كل جانب، وبالرغم من المسؤوليات العائلية الملقاة على عاتقها إلا إنها تمكنت من التنسيق بين حياتها الأسرية وحياتها المهنية ، لتصبح مسؤولة تحرير لأكثر من مجلة مثل مجلة صناعة السياحة ومجلة النقل ومجلة الشركات السعودية المساهمة ولم يمنعها ذلك من المبادرات التطوعية فلها إسهامات في حصول بعض اللاجئات الفلسطينيات على منح دراسية في المملكة العربية السعودية، وأسهمت في علاج العديد من القضايا المتعلقة بالمرأة كمقتحمة حائل بالرشاش ،وكزواج القاصرات ،ومشاكل الابتزاز وذوي الاحتياجات الخاصة ، والمكفوفين ، وعلاج بعض الحالات المرضية ممن يعانين السمنة والحرق والسرطان، وذلك العطاء أسهم في تبوؤها من جديد إلى أن تكون المشرف الإقليمي لقناة المرأة الفضائية بالسعودية و المشرف التنفيذي ونائبة رئيس اللجنة العليا بالمنتدى الإعلاميات عام (2016).

وما أن بدأت عتبات النجاح تنحني لها حتى أصبحت رئيسة هيئة المرأة والتنمية والسلام بالشرق الأوسط بأوهايو في الولايات المتحدة الأمريكية، وإيمانا منها بإيصال رسالتها نحو العالم فيما يخص تنمية السلام فقد أقامت منتدى التحولات النفسية للمرأة في الإعلام بسلطنة عمان 2017 وأطلقت حملة السلام والتسامح بين شعوب العالم بالخرطوم ،والذي لاقى تأييدا وانتشارا واسعا في المجتمع الدولي ، نظرا لكون السودان بلد محاصر وتنتشر فيه الجماعات الإرهابية ، فتلقفها السفير السعودي هناك وأقام على شرفها مأدبة عشاء وتم تكريمها فيه ذلك نظير شجاعتها وإصرارها في إيصال رسالتها.

والمتتبع لمسيرة السيدة عواطف سوف يشعر بالفخر كونها سيدة سعودية كسرت الحواجز المجتمعية ،وراحت تحلق في أعالي السماء رافعة راية الوطن لترفرف بها في عواصم البلدان.

وإذا كان هناك سيدة تستحق التكريم فهي عواطف قيثارة السلام والتسامح بكونها نموذج للكفاح والإصرار في تحقيق الأهداف ومبعث أمل للكثير من الشعوب حول العالم ،حيث نأمل بأن يحذو حذوها السعوديات والسيدات العربيات ، ليستنسخن تجربتها الرائعة ويصبحن فخرا لاوطانهن كما السيدة عواطف الثنيان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى