إقتصاد

التجربة السياسية العمانية.. العدالة الاجتماعية في دولة المؤسسات

استمع

م ألسلطان قابوس بن سعيد                

مهند أبو عريف

المتابع السياسي للمراحل المختلفة التي مرت بها التجربة السياسية العمانية خلال نحو نصف قرن، يمكن أن يميز بين بعدين مهمين ضمن رؤية شاملة للدولة العمانية الحديثة، الأول هو تحقيق العدالة الاجتماعية: من خلال إطلاق المرحلة الأولى للتحولات الاقتصادية والاجتماعية عبر خطط خمسية شكلت النواة الرئيسية التي قام عليها الاقتصاد العماني.

أما البعد الثاني هو بناء دولة المؤسسات وإعطاء دفعة قوية للتجربة السياسية العمانية، الجناح الآخر في الدولة الحديثة: حيث تصدر النظام الأساسي للدولة المشهد منذ عام 1996 ليكفل للمواطن العماني كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية والقانونية.

والواقع أنه إذا كانت التجربة التنموية العمانية قد سبقت بناء المؤسسات السياسية للدولة بخطوة عبر مجلسي الشورى والدولة ثم مجلس عمان لأسباب اهتمت بالأبعاد الاجتماعية للتنمية، فإن هناك قناعات ليست فقط على مستوى صانع القرار وإنما أيضا بالنسبة للرأي العام بأهمية التحرك الديمقراطي على مراحل وتحقيق التناغم بين مختلف الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وذلك في مفهوم الدولة الحديثة التي حافظت على قوة الدفع طوال العقود الماضية في مناخ اتسم بالخصوصية للتجربة السياسية العمانية.

وفي إطار الرؤية السياسية العمانية لبناء الدولة الحديثة سواء على صعيد التنمية الشاملة أو التجربة السياسية ما زالت متواصلة حتى وإن تغيرت الأدوات، حيث تمثل دولة المؤسسات سياجًا قويًا يرتبط بدرجة كبيرة بأهمية توفير المناخ الملائم لإنجاح التنمية الشاملة.

والحقيقة أنه في التجربة السياسية العمانية كلما حققت عمان إنجازًا تنمويًا كلما واكبه نقلة نوعية في الممارسة السياسية بدأت بالمجالس المتخصصة وانتهت بمجلس عمان بما يتمتع به من حزمة الصلاحيات المهمة، ثم أيضا لا نغفل رئة سياسية جديدة تتمثل في المجالس البلدية التي يتم الاستعداد لانتخابات الفترة الثانية لها في 25 ديسمبر القادم.

فالإشارات القوية التي يعمل من خلالها مجلس عمان بكل أبعادها السياسية والتنموية هي إشارات واضحة وجلية ومباشرة وتتسم بالشفافية وتعبر عن واقع المرحلة القادمة التي تمتد إلى ما بعد 2020 وهو ما يضع مسؤولية على مختلف مؤسسات الدولة للبحث في الاقتصاد البديل.

وفي هذا الإطار فإن عمان وضعت قدمها مع رؤية مستقبلية جديدة (عمان 2040) تأخذها إلى أبعد من نهاية الخطة الخمسية التاسعة إلى منتصف القرن الحالي عبر جيل جديد، ومختلف من المشاريع التنموية في قطاعات السياحة والاتصالات والطرق والمطارات والموانئ بأبعاد وأدوات جديدة تستوعب الواقع الاقتصادي والاجتماعي وتستشرف المستقبل بموضوعية.

الأمر الذي يضع مسؤولية كبيرة على مجلس عمان كهمزة وصل بين الشورى بغرفتيها مجلس الشورى ومجلس الدولة والحكومة فيما يتصل بخطط التنمية والتشريعات، وهو ما يعني أن مسيرة النهضة تتواصل بفضل تكاتف الجهود وتكاملها عبر شراكة بين السياسة والاقتصاد والتنمية.

وهي شراكة ترسخ وتؤكد العمل المؤسسي في دولة المؤسسات وسيادة القانون وهو تطور سياسي بالغ الدلالة يكشف عن دور المؤسسة السياسية التشريعية (مجلس عمان بغرفتيه الشورى والدولة) كما يكشف أيضا عن شراكة المواطن في صنع القرار مع الحكومة ومجلس عمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى