مكافحة التدخين … عام على تأسيس المرصد المصرى
أميرة عبد الحكيم
مثل اصدار التقرير الاول للمرصد المصرى لمكافحة التبغ والذى تم تأسيسه عام 2019، الخطوة الاولى في مسيرة عمل المرصد الذى يعد الاول من نوعها في مصر والشرق الاوسط، حيث يتولى المرصد مراقبة صناعة التبغ ورصد كل تحركات وانتهاكات شركات السجائر، سواء ما يتعلق بعدم منع البيع المباشر للقصر أو الأقل من 18 عاما، او ما يتعلق بما نشر مؤخرا بشأن دور التدخين في الحماية من الاصابة بفيروس كورونا دون الاستناد على أى شىء علمى في حين أن ما هو ثابت علميا أن التبغ سببًا رئيسيًا للوفاة كونه احد المخاطر الصحية الرئيسية في العالم، كما يمثل أحد العوامل الرئيسية المسببة للأمراض غير السارية؛ والتى منها أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان، والسكري، وأمراض الجهاز التنفسى المزمنة.
وما يلفت الانتباه إلى مدى خطورة هذه القضية واهمية مواجهتها ما اشار إليه صراحة رئيس جمعية مكافحة التدخين الدكتور عصام المغازى في تأكيده على حجم الكارثة التى لا تزال ترتكب بحق المصريين وخاصة الاطفال والمراهقين والشباب، إذ كشف عن أن استهلاك المصريين من السجائر سنويا بلغ 400 مليارات علبة سجائر وذلك إلى جانب انواع أخرى لم يتم حصرها منها السيجار والبايب. ولا تقتصر الخسائر المالية نتيجة هذا الاستهلاك على الفرد فحسب، بل تتحملها موازنة الدولة أيضا، فقد قدرت تكلفة استهلاك 50 ألف طن معسل في العام ما قيمته 3 مليارات جنيه، كما كشفت أحدث الدراسات عن أن الكلفة الاقتصادية لتعاطي التبغ في مصر تقدر بـ90 مليار جنيه مصري سنويًا، وهو ما يمثل عبئا إضافيا بما يعادل نسبة 1,2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017.
في ضوء كل هذه المخاطر والتداعيات المترتبة على التدخين وانتشاره، لا يمكن ان تنجح وزارة الصحة بمفردها في مواجهة هذا الخطر، بل ثمة حاجة ماسة إلى مزيد من التفعيل لدور مؤسسات الدولة المعنية بالتربية والثقافة والاعلام للتوعية بخطورة التدخين وتأثيراته المدمرة، إلى جانب مؤسسات المجتمع المدنى المعنية بقضايا الصحة والتنمية بصفة عامة والطفولة على وجه الخصوص، فمكافحة التدخين قضية وطنية تستوجب مشاركة جميع الجهود وتكاتف مختلف المؤسسات وتضامن جميع الافراد حفاظا على حياة أبناءنا، وصونا لمقدراتنا، وتنمية لقدراتنا، وحماية لأمننا القومى بمفهومه الواسع كما كشف لنا التاريخ عن توظيف هذه الادوات في المعارك الدولية على غرار ما عرف بحرب الافيون (الصين وبريطانيا)، فمواجهة التدخين بكافة انواعه يصب مباشرة في حماية أمننا القومى بالمفهوم الشامل.
نهاية القول إن تأسيس مرصد لمكافحة التبغ يعد انجازا مهما للدولة المصرية كواحدة من الدول الرائدة في مجال مكافحة التبغ، حيث يأتى هذا المرصد تطبيقا لالتزامات الدولة المصرية بتنفيذ الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ والموقعة عليها مصر عام 2003. فضلا عن ذلك يعد هذا المرصد تطبيقا عمليا لأهداف رؤية مصر 2030 والمتعلقة بمكافحة التبغ وخفض معدل الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية بمقدار الثلث بحلول عام 2030.