سلايدر

رئيس حكومة الوفاق الوطني يوجه كلمة للشعب الليبى

استمع

5672d753d2b43

مهند أبو عريف

عقب جولاتٍ طويلةٍ ومضنيةٍ من الحوار والمفاوضات، دفع الوطن خلالها ثمنا باهظا من سيادته واستقراره ووحدة ترابه، ودفع المواطنُ ثمنا باهظا أيضا من أرواح أبنائه وممتلكاته وأمنه ولقمة عيشه، وجه رئيسٍ حكومة التوافق الوطني الليبى كلمة للشعب الليبى على النحو التالى:

إننا نؤمن بأن ليبيا وطنٌ لليبيين جميعا بمختلفِ أطيافِهم وتنوعِ مكوناتهم ولن يُبنى هذا الوطنُ إلا عبر الحوارِ والتوافق، إننا بحاجة ماسة إلى ترسيخ ثقافة الحوار كثقافةٍ مجتمعيةٍ قوامها “نحن” لا “أنا ” والعملُ بكل جديةٍ لدعم هذا التوافق وتعزيزه، وما تشكيلُ هذه الحكومةِ إلا أولى لبناتِه وأولِ مراحله .

أيها المواطنون أيتها المواطنات

إننا على يقين بأن حجمَ المشتركِ بيننا نحن الليبيين كبير، وإن ما يجمعنا أكبرُ بكثير مما يفرقُنا، ماضيا وحاضرا، ومستقبلا بإذن لله تمثل هذا المشترك، ماضيا فى نضالِ الأباءِ والأجدادِ ضد المستعمرِ، وخوضِهم معركة نيلِ الاستقلالِ وبناءِ دولتِه، والذى يصادف اليوم ذكراه الرابعة والستين.

وبهذه المناسبة المجيدة أتوجه بالتهنئةِ الحارة لكل الليبين والليبيات داعيا المولى عز وجل أن يعيد هذه الذكرى على وطننا بالأمن والخير والاستقرار، ويمثل هذا المشتركُ حاضرا فى نضالِ الأبناءِ والأحفادِ ضد الاستبدادِ والدكتاتورية، ويتمثل مستقبلا فى معركتنا جميعا لإنقاذ الوطن من براثنِ الإرهاب ووضع أسسِ بناءِ دولتِنا الحديثةِ على قيمِ العدلِ والديمقراطيةِ والتداولِ السلمي على السلطةِ .. تلك القيم التي كانت عنوانا لثورة السابع عشر من فبراير .

إن هذه المعركة هى مسؤولية تضامنية بين الليبيين جميعا دون استثناء؛ وسائل إعلام، مؤسسات مجتمع مدني، رجال أعمال، سياسيون ومثقفون، مشائخ القبائل والأعيان، والشباب الذى نؤمن بأنهم أساس مرحلة البناء، وعلى رأس كل أولئك هذه الحكومة هذه الحكومة من أبنائكم، بكم، ولكم، ومعكم.

نواجه تحدياتٍ كبيرة، رصيدنا الأساسي ليس عصا سحرية، ولكنه دعمكم وتأييدكم لنا، إننا نثق في وعيكم بالأخطار المحدقة بوطننا، ونعوُّل كثيرا على إدراككم بأن هذه المرحلة تتطلب قدرا كبيرا من الإحساسِ بالمسئوليةِ الوطنيةِ والصبرِ على مرحلة يتوجب فيها القيام بالواجبات قبل المطالبة بالحقوق .

أيها المواطنون أيتها المواطنات

إن أولَ هذه التحديات سيكون الملف الأمني وفوضى انتشار السلاح الذى يتعارض مع مفهوم احتكار الدولة لاستخدام القوة، إن احتكارَ الدولةِ لاستخدامِ القوة هو ما يحقق فرض سيادتها على كامل التراب الوطني ويمكنها من بسط الأمن وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، وكل ذلك لا يتأتى إلا عبر مؤسسات فاعلة على رأسها مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء.

ثاني هذه التحديات هو الملف الاقتصادي والخدمي والذى يتطلب معالجات وإجراءات حاسمة وعاجلة تضمن توفير الضرورات المعيشية للمواطنين وانسياب الخدمات الأساسية لهم لرفع المعاناة عنهم لاسيما أولئك المتضررين فى مناطق الصراع .

ثالث هذه التحديات هو ملف المصالحة الوطنية الذى يتطلب بذل الجهود وتكثيف المساعي من الجميع لإصلاح ذات البين ورأبِ الصدع وصولا لإنهاء الأزمات الإنسانية ورفع المعاناة عن أطياف عديدة من نسيجنا الاجتماعي تحولوا بسبب الصراع إلى لاجئين ونازحين ومهجرين داخل وخارج الوطن.

إننا سنسعى للعمل على هذه الملفات دون كلل أو ملل، عبر رؤية واضحة للأهداف وبآليات مدروسة لتحقيقها في أقصر زمن ممكن، غير غافلين في الوقت ذاته عن غيرِها من الملفات الساخنة حريصين فى كل ذلك على تحقيق طموحات الشعب الليبي في شفافيةِ ونزاهةِ أجهزة الدولة وإرساء مبدأ المساءلة والمحاسبة .

ونؤكد فى هذا السياق على إيماننا بأن المسؤولية العامة تكليفٌ لا تشريف، وأن الكفاءة والقدرة على الإنجاز هى معيارُنا الأساسي في الاختيار والتعيين مراعين تحقيق الشمول والتوازن الجغرافي بما يحقق مصالح المواطنين بعيدا عن المركزية المقيتة والتهميش.

أيها المواطنون أيتها المواطنات

نؤكد لكم بأننا عازمون على مواجهة الجماعات الإرهابية والمتطرفة التى تسعى لتقويض وحدة ليبيا وسلامة أراضيها وتستهدف أرواح مواطنيها وأمنهم واستقرارهم سواء في بنغازي أو سرت أو درنة أوغيرها من المناطق المهددة .

إن مهمة التصدي لهذا الخطر الداهم هو مسؤولية الليبيين جميعا وعلى رأسهم الحكومة، كما ستبذل هذه الحكومة قصارى جهدها فى الحفاظ على سيادة ليبيا، وترسيخ دورها كدولة داعمةٍ للأمنِ والسلام والتنمية والتطور الإقتصادي إقليميا ودوليا من خلال التنسيق مع دولِ الجوار والدول الصديقة فى الأسرة الدولية بما يضمن علاقاتها المتميزة من حسن الجوار والاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة، كما سنسعى للاستفادة من الزخمِ الدولي الداعمِ لليبيا وتوظيفه لما يحقق بالدرجة الأولى مصالَحَنا الوطنية وأمنَ بلادِنا وحماية حدودها واستقرارِها ونهضِتها..

حفظ الله ليبيا وحفظ أهلها
والسلام عليكم ورحمة لله وبركاته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى