رأى

حقوق الإنسان وازدواجية المعايير !

استمع

سهير يونسسهير حسين يونس

المستشار الاعلامى للهيئة العامة للاستعلامات سابقا

طالعتنا الصحف ووكالات الأنباء منذ يومين بأخبار تعرض محكوم بالإعدام فى اوكلاهوما” كلايتون لوكيت”   لعملية تعذيب أليمه اثناء تنفيذ حكم الإعدام عليه بواسطه الحقن ، وسط خرس مطبق لمنظمات حقوق الإنسان وهيومان رايتس ووتش من مقرها فى نيويورك التى صدعتنا لمجرد تحويل أوراق عدد من المحكومين الإرهابيين فى مصر لفضيلة المفتى وطالبت العالم بمقاطعة مصر ووقف للمساعدات.

وتشير التقارير الصحفية إلى أن عملية القتل هذه إستغرقت 43 دقيقة توفي السجين بعدها جراء أزمة قلبية بعد فشل عملية إعدامه بالحقن المميت وبعد معاناة من قصور في الشرايين مما أعاق الأدوية التى تحمل السم القاتل عن العمل بفاعلية، وقد أوقفت عملية الإعدام بعد عشرين دقيقة ، حيث كان القائمون على إعدامه يجربون  طريقه جديدة للحقن القاتلة ، وقد أمر قائد السجن بإغلاق الستائر لحجب الرؤية عن الشهود، ومن ثم طلب وقف عملية الإعدام بسبب فشلها. لكن السم كان قد خالط دم المحكوم، فقضى بعد 43 دقيقة رهيبة إنتفض خلالها وإنفجرت شرايينة من هذا العمل الوحشى الاإنسانى الذى يتعارض مع كل الشرائع السماوية والدنيوية.

 التنديد الوحيد لهذا الإنتهاك الصارخ لحقوق الإنسان والذى يتعارض مع نصوص الدستور الأمريكى صدر عن المفوضية العليا للأمم المتحدة وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان “إن معاناة كلايتون لوكيت خلال إعدامه تعد عملاً وحشياً ومهيناً وغير إنساني، وفقاً للتشريعات الدولية في ما يتصل بحقوق الإنسان”.وأضاف “أنها كذلك مخالفة للمادة الثامنة من دستور الولايات المتحدة”، الذي يحظر أي نوع من العقوبات القاسية.وندد المتحدث أيضا بكون عملية الإعدام تلك هي الثانية منذ مطلع العام الحالي التي يعذب فيها المحكوم بسبب خلل في نظام الحقن في الولايات المتحدة.

وقد وقعت حادثه مشابهه فى  ولاية أوهايو الشمالية، للمحكوم دنيس ماكغيرالذى عانى الأمرين أيضا أثناء عملية إعدامه في السادس عشر من يناير2015، استغرق الوقت بين حقنه ووفاته أكثر من المعتاد، بدا فيها يختنق ويتألم، وفق شهود.

 وتعاني الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة من صعوبات في الحصول على أدوية لاستخدامها في عمليات الإعدام في ظل حظر تصديرها من جانب شركات الأدوية الأوربية.ولذا لجأت السلطات الأمريكية أحيانا إلى استخدام أدوية لم يتم اختبارها، أو السعي للحصول على الأدوية من الصيدليات التي تعمل على تركيبها خصيصا لهذا الغرض. وهذا يفسر لنا اسباب غضب قادة دول الإتحاد الأوروبى من أحكام الإعدام التى تم حظرها فى جميع دولها.

هذا لا يعنى بالتأكيد ان سجلات حقوق الإنسان فى هذه الدول ناصعة البياض لكن منظمات حقوق الإنسان تغض الطرف تماما عن ذكرها أو التلميح إليها ، ومنها على سبيل المثال استعمال القوة المفرطة مع المتظاهرين السلميين ، وهناك أرشيف كامل الصور والتقارير يندى لها الجبين فى سحل الطلاب داخل الجامعات وتكسير عظامهم وأسنانهم والزج بهم فى السجن فى جامعة لندن عام 2012  ، وفى مظاهرات السود فى الولايات المتحدة الأمريكية مؤخرا فى ولاية أريزونا  وبالتيمور ومدن الشرق الأمريكى بسبب عنصرية الشرطة فى التعامل مع السود.

تذكرنى هنا قصة مؤثرة للغاية نشرتها الأسوشيتدبرس فى 5 فبراير 2014عن  أب  بريطانى “تيم هاريس” صدر عليه حكم بالسجن لمدة 6 أشهر بسبب قيامة  بلفت الأنظار لمعاناتة بكتابة كلمه )ساعدونى ) (Help) بالإسبراى الأحمر على صورة للملكة إلزابيث الثانية الموجودة فى  فى  منطقة ويستمنستر آبى التاريخية بالقرب من الكاتدرائية الشهيرة هناك. وقد كان هذا الأب المكلوم يعانى مثله مثل العديد من الأباء من أعضاء  جمعيه تطلق على نفسها إسم “جمعية العدالة للأباء ”  Father’s 4 justice فى بريطانيا الذين صدر ضدهم حكم بعدم رؤية أبناءهم بعد الطلاق ،  وكان يرتدى زى سوبرمان عندما قام بفعلته،  وشرح للقاضى أنه جاء بالنيابة عن عدد من الأباء ، الذين يشعرون بمعاناة شديده من فراق أبناءهم،إلا أنه لم يلتفت لمعاناته ، وجاء فى حيثيات الحكم أن تيم هاريس خطط وقام عمدا بتشويه عمل فنى جمالى لتزيين الأماكن العامة . ولم تشر الصحافة البريطانية  بجلالة قدرها من قريب أو بعيد للخبر، كما بلعت السيدة حسيبة حاج صحراوى نائبة مدير الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في برنامج منظمة العفو الدولية من مقرها فى لندن لسانها ولم تنطق بكلمه واحدة لصالح هذا الأب المسكين وأمثاله، وهى التى تتحدث لمصر بكل جبروت وتوجه لنا تصريحات بصيغة الأمر متناسية أن مصر دولة ذات سيادة ولا يليق بها مخاطبتنا بهذا الأسلوب.

والأمثله كثيرة ومؤلمه عن إزدواجية المعايير من كثرة ما شاهدنا عدد من ممثلى منظمات حقوق الإنسان فى مصر يقبلون الزيارات مدفوعة الأجر ،والإقامة من وزارات للخارجية فى دول أوروبية عريقة ومراكز أبحاث تابعة لها  لتوصيل تقارير  مشوهة عن مصر خلال السنوات الثلاثة الماضية ، كما يتم توظيف المراسلين الأجانب بالقاهرة – الذين يستقون معلوماتهم فى الغالب من قهوة البورصة – لجمع معلومات غير موثقه مجهولة المصدر عن سجون سرية وعمليات تعذيب وإختفاء قسرى ، ويتم تداول مقالاتهم على أنها وثائق إدانة لسجل مصر فى حقوق الإنسان، المستفيد الأول منها التنظيم الدولى للإخوان ووزارات الخارجية لدول لإتحاد الأوروبى التى تنتهج سياسات غير وديه مع مصر حتى الآن إستنادا لهذه التقارير!

لاأنفى وجود إنتهاكات لحقوق الإنسان فى مصر وهى قضية تستوجب بذل مزيد من الجهد لمواجهتها من جذورها، إلا أن مصرليست وحدها فى هذا المضمار إنظروا فى المرآه أولا قبل أن تحاسبوا مصر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى