إقتصاد

معالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية

استمع

abo-el-gheit-1

أشرف أبوعريف

معالي الوزير المهندس معتز موسى عبدالله سالم وزير الموارد المائية والكهرباء بجمهورية السودانمعالي الدكتور عبد الحسن علي ميرزا وزير الطاقة بمملكة البحرين ورئيس الدورة السابعة للمجلس الوزاري العربي للمياهأصحاب السمو والمعالي والسعادة رؤساء الوفود العربيةالسادة ممثلو المنظمات العربية والإقليمية والدوليةالسيدات والسادة،أود أن أعبر عن سعادتي بانطلاق الدورة الثامنة للمجلس الوزاري العربي للمياه، وأهنئ معالي المهندس معتز موسى عبدالله سالم وزير الموارد المائية والكهرباء بجمهورية السودان على توليه رئاسة الدورة الحالية للمجلس، ونحن على يقين أن معاليه سوف يُدير أعمالها بكل كفاءة واقتدار.ولا يفوتني أن أتقدم بكل الشكر والتقدير لمعالي الوزير عبد الحسين بن علي ميزرا وزير الطاقة بمملكة البحرين على ما بذله من جهد في متابعة تنفيذ قرارات المجلس في دورته السابقة.لقد عُقدت الدورة الأولى لهذا المجلس في الجزائر عام 2009، ومنذ هذا التاريخ والوعي يزداد بخطورة المسألة المائية. لا أبالغ إن قُلت إن قضية المياه تُمثل أولوية وطنية وقومية لدى كل دولة من دولنا، ولدى الأمة العربية في مجموعها. لم تعد مسألة نُدرة المياه من قضايا المُستقبل، بل من هموم الحاضر المُلحة والضاغطة. ليس سِراً أن موارد المياه العذبة في العالم العربي تُعد ضمن الأقل في العالم. من بين 33 دولة تُمثل الدول الأكثر معاناة من الشُح المائي في العالم .. هناك 14 دولة عربية. الأرقام تُشير إلى أن توافر المياه تراجع بنسبة الثلثين خلال الأربعين عاماً الماضية، ومن المتوقع أن ينخفض بنسبة 50% أخرى بحلول عام 2015.أبعاد الأزمة لم تعد خافية على أحد. السُكان يتزايدون بمعدلاتٍ مُتسارعة في أغلب بلدان العالم العربي. الموارد المائية ثابتة، بل إنها تتراجع في بعض الأحيان سواء في حجمها أو نوعيتها. النتيجة هي أن نصيب الفرد من المياه يُدخل معظم بلدان المنطقة، إن لم يكن كلها في دائرة الفقر المائي. يكفي أن نعرف أن نصيب الفرد من المياه في مصر كان 2500 متر مكعب في عام 1947، واليوم هو 660 متر مكعب.السيدات والسادة..المسألة المائية صارت وثيقة الصلة بالاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي والاجتماعي في بلداننا. منذ عام 1998 تعرضت منطقة الشام لموجة حادة من الجفاف ليس لها سابقة منذ 900 عاماً تقريباً.  اليوم، هناك ما يُشبه الاجماع في الوسط العلمي على أن جفاف الأراضي الزراعية وفساد المحاصيل لعب دوراً في إشعال الحرب في سوريا. الجفاف دفع 1.5 مليون فلاح سوري للهجرة من الريف إلى المدن، مما أصاب البنية الاجتماعية باضطراب شديد. وليس هذا سوى مجرد مثلٍ على ما يُمكن أن يتسبب فيه نقص المياه من قلاقل سياسية واجتماعية.. الوضع في صنعاء لا يختلف كثيراً…حيث تُشير تقارير إلى أن العاصمة اليمنية الشامخة يُمكن أن تصير بلا ماء في عام 2019… ولا أُريد أن أعدد مكامن الخطر في الأحواض النهرية الأخرى، سواء في دجلة والفُرات (الذي يفقد ماء أكثر من أي مكان آخر في العالم، ربما باستثناء شمال الهند)، أو في نهر الأردن أو غيرها… وأنتم أعلمُ مني بدقائق هذه الملفات وخطورتها على الحاضر والمستقبل.إن الاتصال بين المياه والسياسة ليس جديداً على منطقتنا. كل من قرأ التاريخ والحديث والمعاصر للشرق الأوسط يُدرك جيداً أن المياه تُمثل وجهاً رئيسياً من أوجه الصراع العربي-الإسرائيلي.  ولا ننسى أن مؤتمر القمة العربي الأول الذي عُقد هنا في عام 1964 جاء في الأساس رداً على محاولات إسرائيلية لسرقة المياه العربية في نهر الأردن.إن هذا التاريخ القريب لا ينبغي أن يُنسى ونحن نُعد العدة لمواجهة تحديات المُستقبل. لقد أقر القادة العرب في القمة العادية التي عُقدت بالجمهورية الإسلامية الموريتانية في يوليو الماضي خطة تنفيذية لاستراتيجية الأمن المائي في المنطقة العربية، بهدف مواجهة تحديات ومتطلبات التنمية المُستدامة. وأدعو معالي وزراء المياه العمل بكل سبيل على تنفيذ ما جاء بهذه الخطة بالتعاون مع المنظمات العربية المتخصصة والدول المانحة والمنظمات الدولية والإقليمية ذات الصلة. كما أؤكد على ضرورة متابعة المشروعات الجاري تنفيذها بالفعل ضمن محاور هذه الخطة، ومنها –على سبيل المثال لا الحصر- مشروع تقييم أثر التغييرات المناخية على الموارد المائية العربية (بالتعاون مع الإسكوا)، والمبادرة الإقليمية لندرة المياه بالتعاون مع الفاو.. وغيرها كثير.السيدات والسادة..ثمة “ثلاثية” تمثل عماد التنمية في القرن الحالي… الطاقة والماء والغذاء. إنها ثلاثية متصلة مترابطة. تحتاج منّا إلى تعاطٍ حديث.. رؤية مُستقبلية لا تأخذ في الاعتبار مصالح الأجيال الحالية، وإنما حياة الأجيال المُستقبلية ورفاهتها… وكما تعلمون فهناك مُباردة إقليمية تسعى إلى الربط بين هذه العناصر الثلاثة،  وانخراط الدول العربية في هذه المبادرة سيهيئ لها التعاطي مع تحديات التنمية المُستدامة بصورة تستند إلى الأسلوب العلمي والتخطيط الدقيق… وأعتبر أن هذا الموضوع من أهم ما يُناقشه جدول أعمال هذه الدورة من أعمال المجلس، التي آمل أن تُتوج باعتماد الاتفاقية الإطارية الخاصة بالموارد المائية المُشتركة بين الدول العربية.إن كل موضوع على جدول أعمالكم جديرٌ بالاهتمام، ومحل متابعة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية… وأُشير سريعاً في هذا المقام إلى موضوعين على جانب كبير من الأهمية: الأول تعزيز القدرات التفاوضية للدول العربية بشأن الموارد المائية المُشتركة مع دول غير عربية، وهو ملفٌ لا يخفى عليكم أهميته في ضوء كون عدد من الدول العربية الرئيسية دول مصب وعبور للأنهار التي تقع منابعها خارج حدود العالم العربي. أما الموضوع الثاني فيتعلق بحماية الحقوق المائية العربية، وأود هنا أن أتوجه بالشكر والتحية لمجلسكم الموقر الذي تبنى فكرة عقد مؤتمر دولي تحت عنوان “المياه العربية تحت الاحتلال”، والذي سنشهد فاعليات انطلاقه في المساء.أتمنى لأعمال دورتكم النجاح والسداد، وأُجدد شكري وتقديري لجهدكم.,

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى