رأىسلايدر

قمة تونس.. هِمَّة أم غُمَّة؟!

استمع

د. حذامى محجوب

كل الشعوب العربية تقريبا لاتتابع القمم العربية ولاتنتظر شيئا منها وتعتبرها اجتماعات شكلية بروتوكولية تنفق فيها أموالا طائلة لتنتهي ببيانات شكلية وقرارات سرعان ما تسقط من ذاكرة من أصدرها أو صادق عليها بمجرد عودته الى بلده الأصلي.

فهل ستكون القمة العادية الثلاثون التي ستنعقد بتونس في أواخر هذا الشهر مثل كل القمم السابقة ؟ أي مجرد رقم في السجل التاريخي لجامعة الدول العربية ؟ أم ننتظر أن تصدر عنها مخرجات عملية نرى انعكاساتها وننتظر تفعيلها على أرض الواقع خاصة في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الحالية ؟

هل ستساهم تونس في حلحلة هذا الانطباع السلبي وهذا التصور السكوني للقمم العربية من أذهان الشعوب العربية؟

لايخفى على أحد أن المشهد العربي الراهن لايدعو إلى التفاؤل بل لعله أسوأ مشهد منذ نشأة جامعة الدول العربية في مارس 1945. فواشنطن تهيمن على العالم العربي وهي تقريبا صاحبة كل القرارات الصادرة فيه ويحصل ذلك بدون أي تحفظ ومع المراعاة التامة لمصلحة إسرائيل.

فمعظم الدول العربية قد تصالحت مع اسرائيل في العلن وفِي أفضل الحالات ربما خوفا من ردة فعل شعوبها لا احتراما لمشاعرها في السر .وهذا الحرص على التطبيع ناتج أساسا عن أن الهاجس الأساسي لبعض حكام الدول العربية هو البقاء في السلطة والحفاظ على أنظمتهم رغم ما فيها من التصدع ورفض الشعوب لها.

المشهد قاتم.. العراق تعاني من ويلات الطائفية ومخلفات الاحتلال العسكري الأمريكي ولم تعد لها وحدة ولا لحمة وطنية، أما سوريا فقد دمرتها الحرب بعد أن استقرت بأرضها ” لعنة الربيع العربي” لمدة ثمانية سنوات متتالية دون هوادة.

وأصبح مصيرها مرتبط بتوافقات القوى الإقليمية والدولية، أما لبنان فهي تعيش كذلك تجاذبات طائفية داخلية زادت تعقيدا بحكم توتر العلاقة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية، أما اليمن فهو يعاني من حرب حولته الى كارثة انسانية بأتم معنى الكلمة لما أصبح يعانيه من أوبئة ودمار للأطفال والحياة.

وإذا كانت ليبيا تعيش الفوضى منذ فيفري 2011 والسلطة فيها مشتتة بين جماعات عسكرية وسياسية متناحرة ومدعومة من قوى إقليمية ودولية تتصارع على ثروات ليبيا البترولية والغازية المتميزة.

فما المرجو إذا كانت هذه هي حالة العالم العربي ؟ ما المأمول ، إذا كانت الجزائر تتخبط بين نارين ، هل تطمئن إلى وعود النظام والتزاماته؟ أم تفتك السلطة ، ولعلها بذلك تفتح البلاد على المجهول مثل الجيران؟

هل تدرك تونس صعوبة الجهر بمواقفها والتحرك في ظل أوضاعها الاقتصادية العصيبة والحراك الاجتماعي المتواصل؟

وهل ستحظى القضية الفلسطينية بنصيب في هذه القمة الثلاثون؟ هل يمكن للقادة العرب الذين سيحضرون هذه القمة أن يدعوا الى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس والبعض فيهم يتلقى تعليماته من دونالد ترامب ومتطبع مع الكيان الصهيوني؟

هل ستنجح قمة تونس في تقريب الرؤى بين الدول العربية وبعث الأمل للشعوب العربية وإعادة الأولوية والاعتبار للقضية الفلسطينية؟

فياتُرى.. هل ستكون القمة العربية فى تونس همة كما تتمناها الشعوب أم غمة كالمعتاد؟!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى