سلايدر

شاهد.. فيضان سيرداريا “يُجسِّدْ” قوة ووحدة الشعب الأوزبكى فى مواجهة الكوارث الطبيعية

استمع

أشرف أبو عريف

فى صباح يوم الأول من مايو، وبسبب هطول الأمطار الغزيرة وشدة الرياح، انهار جزء من سد سارداب الواقع فى ولاية سيرداريا. ونتيجة لتلك الكارثة الطبيعية، فقد لحقت أضرار ضخمة بالمناطق المأهولة بالسكان، وبنظم الاتصالات والأراضى الزراعية.

وعلى وجه السرعة وصل رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرضيائيف إلى موقع الكارثة، وذلك من أجل التواجد بالقرب من الناس فى هذه الأوضاع الصعبة، ودراسة الأحوال بوضوح، وإزالة آثار ذلك الوضع الطارئ. وبعد لقائه مع السكان المحليين، أشار إلى أن كل ضحية من ضحايا الكارثة سوف يصبح فى بؤرة الاهتمام الخاص.

وتحدث الرئيس شوكت ميرضيائيف قائلا: “فى هذا الوقت العصيب، نقف جميعا معكم. وبادىء ذى بدء، سوف تقوم سيارات الإطفاء بشفط المياه من كل حى. وفيما يتصل بالبناء والإصلاحات، وإقامة المنازل الجديدة، فسوف نعقد المشاورات مع الناس. وسوف يتم حل مشاكل المزارعين بالخروج معهم إلى الحقول. وأهم الأشياء أنكم على قيد الحياة وبصحة جيدة مع أطفالكم. فكونوا مطمئنين”.

وصل رئيس الدولة إلى موقع انهيار السد، وتفحص مكان الحادث، وظل هناك لمدة يومين حتى توقف التسرب. وكان على اتصال مستمر بالسكان أثناء إقامته فى المنطقة.

الشهامة والترابط ضمن تلك الصفات التى يجسدها الأوزبك خلال الأيام العصيبة والمبهجة. وهذا ما يؤكده التاريخ القديم منه والحديث. فخلال الحرب العالمية الثانية، وجد المأوى والرعاية فى أوزبكستان، آلاف الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من الأراضى المحتلة، واليوم تعد البلاد من بين أوائل الدول التى أرسلت المساعدات الإنسانية إلى شركائها وجيرانها ممن تعرضوا للآثار السلبية لوباء فيروس كورونا.

واليوم، ألقت تلك الكارثة الطبيعية غير المتوقعة بظلالها السوداء على أيام سكان منطقة سيرداريا. لكن سكان الولايات الأخرى لم يتركوهم بمفردهم فى هذه المحنة. ولم يتوقف لدقيقة واحدة تدفق المساعدات الإنسانية الواردة من كافة مناطق الجمهورية.

وقد تم إجلاء ما يقرب من 90 ألف من السكان من المنطقة المنكوبة.

فى اليوم الأول للحادث، بدأ على الفور إرسال الشحنات من الملابس الدافئة والضروريات الأساسية والمواد الغذائية، القادمة من ولايات جيزاخ وسمرقند، وطشقند وبخارى، وقشقادار وأنديجان وسورخانداريا، وغيرها من الولايات و المناطق الأخرى، حتى وصلت إلى سيرداريا.

فى الجلسة التى عقدها مجلس نواب الشعب فى ولاية سمرقند، تمت الموافقة بالإجماع، على المبادرة التى جرى طرحها لإرسال خمس مليارات سوم ($495.000)– من فائض الموازنة الإقليمية للربع الأول من عام 2020، لمساعدة سكان منطقة سارداب.
واليوم، ينصب كل اهتمام مواطنى الدولة نحو الأشخاص المتضررين جراء تلك الكارثة الطبيعية. وتقدمت طليعة مقدمى المساعدات مختلف الوزارات والهيئات والأجهزة الحكومية. وعلى وجه الخصوص قامت وزارة العدل بإرسال المواد الغذائية الضرورية إلى المنطقة، وذلك فى إطار حملة “نحن معكم!”. كما ساهمت وزارة الصحة فى توفير الأدوية اللازمة.

وبالطبع، يقوم الأوزبك بواجبهم فى تلبية النداء، ويرسلون كل المساعدات الممكنة إلى ولاية سرداريا.
فى يوم الحادث، الأول من مايو، قامت مجموعة من النشطاء بين السكان فى العاصمة، بإطلاق حملة على شبكات التواصل الاجتماعى لجمع المساعدات وإرسالها إلى منطقة سارداب المنكوبة. ووصلت أكثر من مائة سيارة الشحن إلى مكان تجميع البضائع، لتوصيل الضروريات الأساسية من الملابس، وأغطية الفراش، ولعب الأطفال والكتب.

وكتب أحد سكان سرداريا، ممن تأثروا بهذا الاهتمام والدعم، فى صفحته على شبكة التواصل الاجتماعى: “حتى وقتنا هذا، وصلت أكثر من مائة وخمسين سيارة محملة بالمساعدات، قادمة من ولايايات خوارزم وبخارى ونوائي وسمرقند وجيزاخ. ولم يتوقف تدفق وصول مركبات الإغاثة طوال الصباح”.
كما شاركت بدور نشط الهيئات غير الحكومية ورجال الأعمال، فى توفير حماية الصحة العامة، وتقديم الدعم المعنوى والمادى لضحايا الفيضانات.

وقد أرسلت شركة واحدة فقط من نامنجان، وهى”Aisha Home Textile “، بإرسال 250 مليون سوم ($25000) إلى أهالى سرداريا. كما كان فى طليعة هذه المبادرات الخيرية شركات “APK Oq oltin” و”Arnasoy Gold Tex” والعديد من الشخصيات العامة من النشطاء والصحفيين وممثلى الأوساط الإبداعية.

يقول المثل الشعبى “الأعمال الصالحة تتمتع بالأجنحة”. واليوم، يمكن إدراك جوهر هذا المثل وتجسيده عبر النموذج الحياتى الذى أظهره الأوزبك.
قبل بضع سنوات، وبمبادرة من رئيس جمهورية أوزبكستان، تم وضع برنامج “آباد قيشلاق” (“القرية المجهزة و مزودة بوسائل الراحة”) فى الجمهورية. وفى منطقة دوستليك بولاية جيزاخ، أُعيد بناء قرية ماناس بالكامل، وذلك باعتباره جزءا من تنفيذ البرنامج، حيث اكتسب سكان تلك القرية حياة جديدة وآمالا جديدة. وها هم اليوم، يقومون بأنفسهم بالمشاركة فى العمل الخيرى ويساعدون مواطنيهم.

وفى هذا الصدد، قام “أصل الدين بيكتاشيف” أحد مستخدمى شبكات التواصل الاجتماعية بالكتابة على صفحته قائلا: “اتصل بى أحد الأصدقاء من قرية ماناس بمنطقة دوستليك فى إقليم جيزاخ، وأخبرنى أن قسما من السكان المتضررين جراء الفيضانات، تم إحضارهم وتسكينهم فى مدرسة القرية. كما قام السكان المحليون بإيواء النساء والأطفال الصغار فى منازلهم ليلاً، كى لا يتعرضون للبرد القارص. فحمدا لله أن بيننا مثل أولئك الأشخاص الذين على استعداد لتقاسم المأوى والخبز مع جيراننا. ونحن ممتنون لهم إلى ما لا نهاية”.

بسبب الأحداث فى سارداب، وصل أكثر من 600 من سكان سرداب إلى ولاية طشقند. وقد استقبلهم بأذرع مفتوحة ممثلو السلطات المحلية فى مدن تشيناز، وبوكا، وأقورغان، وبك آباد،. وقاموا بتوفير كل الظروف اللازمة لهم. كما تم تزويد سكان سرداريا بمساكن الإقامة والغذاء والطعام. ويقدم لهم الأطباء الرعاية الطبية التى يحتاجونها، ويتابعون حالتهم الصحية.

الأوزبك المعاصرون هم أبناء أولئك الشجعان الذين استطاعوا بجسارتهم تحويل سهول سرداريا إلى حدائق مزهرة. واليوم، عندما وقعت هذه الكارثة الطبيعية، فهم يضربون مثالاً على المثابرة والإقدام. ويقومون معا، بتوحيد جهودهم، ويتبعون بدقة النهج المحدد للمتطلبات الواجبة. ويعنى كل هذا، اليقين فى التغلب على نتائج تلك الكارثة الطبيعية، وتجاوز آثارها فى المستقبل القريب بلا أدنى شك.

و في 28 من أبريل تعرضت ولاية بخارى للعاصفة الرملية و الأمطار الغزيرة. و جرفت السيول و الفيضانات 38000 منزل و 847 مشروعا إجتمتعيا و زراعيا. و الحقت الأضرار بالزراعة و المؤسسات الإنتاجية و البنية التحتية. و خلال مدة قصيرة قد تمت إعادة بناء الطرق و المحطات الكهربائية و شبكات الكهرباء و المياه و تجري الأعمال لإعادة بناء المساكن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى