سلايدر

العلاقات السعودية التونسية ضاربة بجذورها عمق التاريخ

استمع

د. حذامى محجوب

إن العلاقات بين تونس والسعودية من الملك عبد العزيز الى الملك سلمان وتحمس ولي العهد محمد بن سلمان لدعمها بعد رئاسة المملكة العربية السعودية للقمة العربية في دورتها العادية التاسعة والعشرين والتي عقدت في مدينة الظهران والتي سمّاها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود «قمة القدس” معلنا بذلك تأييد المملكة المطلق للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني ودعمها لها معنويا وماديا لإقامة الدولة الفلسطينية.

تنتقل رئاسة القمة هذه السنة في دورتها الثلاثين يوم 31 مارس 2019 إلى الجمهورية التونسية وعلى رأسها فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي.

ويجدر بنا بمناسبة هذا التداول على رئاسة القمة العربية بين الأشقاء المسلمين والعرب أن نذكر بالعلاقات التونسية السعودية التي هي ضاربة في عمق تاريخ البلدين .فلقد قام الزعيم الحبيب بورقيبة بجولات دولية بين سنة 1948 و 1951كان الهدف منها تدويل القضية التونسية وجمع المال للكفاح ضد الاستعمار الفرنسي، وقد استقبل جلالة الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية عبد العزيز بن عبد الرحمان آل سعود الملقب بملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها في سنة 1951 أي قبل وفاته بسنتين زعيم الحركة الوطنية التونسية الحبيب بورقيبة برفقة المرحوم محمد المصمودي الذي أصبح وزير خارجية تونس بعد الاستقلال تحديدا سنة 1970 بعد أن تقلد مناصب عدة في الدولة التونسية.

وقد قدم الملك عبد العزيز آل سعود للحبيب بورقيبة أثناء هذه الزيارة دعما معنويا وكذلك ماليا لابأس به كان منطلقا لتسليح الكفاح ضد الاستعمار الفرنسي ودعم جيش التحرير.

وفور استقلال البلاد التونسية سنة 1956، بدأ التبادل الدبلوماسي بين الرياض وتونس وكان أول سفير تونسي لدى المملكة هو الأديب والسياسي محمد العروسي المطوي وكان الدبلوماسي عبد الرحمان البسام أول سفير للمملكة العربية السعودية لدى تونس، وقد زار تونس الملك فيصل بن عبد العزيز سنة 1957 حين كان أميرا، وشارك في احتفالات الذكرى السنوية الأولى لاستقلال تونس عام 1957 والتقى في زيارته بالحبيب بورقيبة وتوطدت العلاقة بينهما وأصبحا صديقين مقربين قبل أن يصبح ملكا وتتم مبايعته في سنة 1964، ويبدو أن الملك فيصل والملك خالد حينما كان أميرين قد كانت لهما زيارة قبل ذلك الى جامع الزيتونة بتونس سنة 1943 وزار الحبيب بورقيبة المملكة أول مرة بصفته رئيسا للجمهورية التونسية سنة 1965 أي بعد مبايعة الملك فيصل بن عبد العزيز واستغرقت هذه الزيارة عدة أيام تنقل فيها الحبيب بورقيبة بين جدة والمدينة ومكة وأدى عمرة وبعدها بعام فقط استقبل الحبيب بورقيبة الملك فيصل بن عبد العزيز في تونس في جولة افريقية شملت عدة دول وكان هدفها الأساسي تدعيم وتعميق الروابط بين الدول الإسلامية.

وقد رحب بورقيبة بهذه المبادرة وأولاها عناية كبرى. وكانت أبرز المحطات في العلاقات التونسية السعودية فيما بعد زيارة الملك فهد بن عبد العزيز تونس سنة 1979حين كان وليا للعهد وبعدها زارها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز عام 1988حين كان أميرا ثم كانت زيارة الملك عبد الله الى تونس حين كان وليا للعهد وذلك عام 1988 ومنذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود مقاليد السلطة وهو يواصل ما سارت عليه المملكة من سعي لتعزيز أطر التعاون في مختلف المجالات والوقوف مع تونس والتونسيين في كل الأحداث الأليمة التي عاشتها تونس من فيضانات في عدة ولايات تونسية أودت بأرواح كثيرة وأحداث إرهابية.

وشهدت سنة 2016 لقاء بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وفخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية وذلك خلال الزيارة التي قام بها فخامته الى الرياض، كما شهدت السنوات الأخيرة عدة لقاءات بين القائدين على هامش أعمال القمم العربية والإسلامية مثل اللقاء الذي جمعهما في سنة 2017 على هامش القمة التي عقدت في منطقة البحر الميت والذي كان مناسبة لإثارة مجالات التعاون بين البلدين الشقيقين.

وعلى صعيد العلاقات السياسية والعسكرية بين البلدين فقد التقى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع المستشار الأول للأمن القومي لدى رئيس الجمهورية التونسية الأميرال كمال العكروت، وذلك على هامش الاجتماع الأول لمجلس وزراء دفاع التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب الذي انعقد في الرياض سنة 2017 وتبعه في سنة 2018 تنفيذ مناورات جوية مشتركة بين القوات الجوية الملكية السعودية وسلاح طيران الجيش التونسي بهدف دعم أواصر التعاون والعلاقات بين القوات الجوية في البلدين وتبادل الخبرات في مجال الامداد والاسناد الفني وتأهيل الأطقم الجوية ،وتوج ختام هذا التمرين برعاية صاحب السمو الملكي الفريق الركن تركي بن بندر بن عبد العزيز قائد القوات الجوية الملكية السعودية.

هذا يعني أن الزيارة ألأخيرة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الى تونس في 28 نوفمبر 2018 ليست سوى امتدادا لجسور طويلة من التواصل بين البلدين وتعميقا للعلاقات بين الجمهورية التونسية والمملكة العربية السعودية وايمانا من سموه الملكي بمواصلة هذا الطريق الذي افتتحه أجداده ويرعاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالرغم من كل التجاذبات السياسية و التحولات الإقليمية والدولية التي تعيشها المنطقة والعالم اليوم.

وقد حرص فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي على استقبال سمو ولي العهد في المطار الرئاسي في العاصمة تونس رفقة الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة التونسية وعقب ذلك عقد سمو ولي العهد ورئيس تونس اجتماعا موسعا بحضور وفدي البلدين حيث جرى خلاله استعراض علاقات التعاون التونسي السعودي ، في شتى المجالات ، والفرص الواعدة لتطويرها ، بالإضافة الى بحث تطورات الأحداث الإقليمية والدولية ، وقد منح فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي الصنف الأكبر من وسام الجمهورية لسمو ولي العهد تقديرا لجهود سموه في دعم وتعزيز العلاقات بين البلدين.

وقد كان لتصريح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قوله بأنه يعتبر رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي-بمثابة والده-مضيفا أن الشعب التونسي هو شعب عزيز جدا لدى السعودية ومنوها بمتانة العلاقة بين البلدين الشقيقين وقعا خاصا لدى الشعب التونسي وقيادته. فهنيئا للبلدين بهذه الصداقة والأخوة وتمنياتنا أن تكون اللقاءات بين قادة البلدين على هامش هذه القمة العربية بتونس في الأسبوع القادم دفعا متجددا لهذه العلاقات وولادة لمشاريع جديدة تعود بالفائدة على البلدين الشقيقين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى