رأىسلايدر

قراءة في لقاء بوتين وأردوغان اليوم في سوتشي

استمع

بقلم: أحمد مصطفى

رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة

سيعقد لقاء هذا الصباح الاثنين الموافق 4 سبتمبر 2023 بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في سوتشي، روسيا، ، وهذا بعد تأجيل طال لهذا اللقاء والذي كان مقرر عقده منذ أكثر من شهر.

ربما أراد الرئيس بوتين لوم الرئيس أردوغان بشكل غير مباشر من خلال تأجيل هذا اللقاء نظرا لعدم وفاء الرئيس أردوغان ببعض وعوده الانتخابية، وعليه ربما لم تقبل عضوية تركيا في مجموعة بريكس بقمة جنوب أفريقيا بسبب الخذلان التركي لروسيا في بعض الموضوعات التي سنتناولها هنا، وتم قبول عضوية إيران ومصر بالمقابل.

ومن أهم الموضوعات المطروحة للنقاش خلال هذا اللقاء هو الوضع المتصاعد في سوريا، حيث هناك حاجة ملحة إلى تسوية سياسية وتعاون لإنهاء الصراع الذي طال أمده، وتتكامل هذه القصة مع زيارة وزير الخارجية التركي الجديد ورئيس المخابرات السابق (فًيضان) الى طهران لمقابلة نظيره المخضرم عبد اللهيان.

حيث شدد الأخير في المؤتمر الصحفي على ضرورة الحل السياسي السلمي للمشكلة السورية واحترام الحدود البينية بين البلدين وضرورة محاربة الإرهاب حتى تستقر الأمور، وينعكس هذا على رفع مستوى التنمية واعادة اعمار سوريا.

ومن القضايا المهمة الأخرى التي تم تناولها هي العلاقات التجارية الثنائية بين روسيا وتركيا. ومنها طبعا اتفاقية الحبوب وحسب آخر التقارير وتحليلات من رويترز تحاول تركيا الضغط على روسيا للرجوع إلى الاتفاقية، والتي خرجت منها في أواخر يوليو الماضي، حتى تكسب بعض الكروت في مواجهة دول الاتحاد الاوروبي وايضا امريكا.

ولكي تستفيد خطوط الشحن التركية، كما كانت، من اتفاقية حبوب كان يشحن من خلالها مليون طن حبوب روسية إلى العالم. ولكن روسيا بوتين تشترط عدة شروط تجارية مهمة ومنها تنفيذ إزالة العقوبات البنكية واللوجستية والتأمينية على البواخر الروسية والشحنات الروسية.

كذلك ربما يطلب بوتين أيضا من أردوغان عدم قبول أو تعطيل قبول عضوية السويد في الناتو حتى يثبت ولاءه في بعض التصرفات التي استغربتها روسيا ما بعد انتخاب أردوغان لفترة ثالثة، بالرغم من دعم روسيا وإيران والصين له في هذه الانتخابات.

كما سيتم تناول الوضع في أوكرانيا خلال اجتماع سوتشي بشأن الصراع الدائر، وتقييم مدى التوافق أو الاختلاف في توجهاتهم لتحقيق الاستقرار في المنطقة.

ويحظى موضوع الاستقرار الإقليمي، وخاصة في القوقاز، باهتمام كبير خلال الاجتماع. نظرًا للصراعات الأخيرة والنزاعات التي لم يتم حلها في المنطقة، بما في ذلك ناجورنو كاراباخ. بما يؤثر على الاستقرار الاستراتيجي ومحاولة الغرب استغلال هذا النزاع لصالحه من خلال تشجيع المتطرفين من الجيل الأصغر من الجانبين كما ورد في عدة تقارير.

وبرز قطاع الطاقة كنقطة محورية أخرى في المناقشات، حيث أكد الزعيمان على أهمية التعاون في مجال الطاقة بين بلديهما. وخصوصا استكمال مشروع محور الطاقة الروسي والسيل الروسي في تركيا كبديل لخطي (نورد استريم 1 و2) اللذان دمرا على يد الناتو ليقطع العلاقة الروسية الالمانية.

وايضا لتشتري ألمانيا وغيرها من دول غرب أوروبا الغاز من أمريكا بالغصب، وهذا ما جاء في نتائج التقرير الاستقصائي للصحفي الكبير (سايمون هيرش) عن هذا الحادث. والفوائد المحتملة لهذه الشراكة من حيث أمن الطاقة والتنويع الاقتصادي والتأثير الجيوسياسي، مع الأخذ في الاعتبار التحولات الأخيرة في ديناميكيات الطاقة العالمية.

وكانت جهود مكافحة الإرهاب موضوعا رئيسيا في الاجتماع حيث تواصل روسيا وتركيا مواجهة التحديات المتعلقة بالإرهاب وخصوصا المتعلق بالجماعات الارهابية داخل سوريا والعراق وافغانستان ومحاولة التعاون والتنسيق مع ايران في هذا الصدد.

وسيعرب الزعيمان الروسي والتركي عن التزامهما بمواصلة تعزيز التعاون الدفاعي بينهما فضلاً عن تأثيره على الديناميكيات الأمنية الحالية في منطقة البحر الأسود.

كما سيتم خلال اللقاء التطرق إلى الصراعات الجارية في ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط، وينبغي أن يتم التركيز على دور روسيا وتركيا في هذه الصراعات والعواقب المحتملة لتعاونهم أو تنافسها.

جدير بالذكر أن تركيا تعد من أكبر الشركاء الاقتصاديين لـ روسيا، وحجم التجارة بين تركيا وروسيا ارتفع العام الماضي بنسبة 57%، محققا 33 مليار دولار.. وهناك مساع حقيقية لرفع التبادل التجاري بينهما”.

وأن البلدين يبحثان مجالات إضافية لتطوير التعاون، منها استخدام تركيا مركزا لوجيستيا لنقل وتسلم وتسليم البضائع بين تركيا وروسيا، كما يتطلع البلدان من خلال رزمة اتفاقيات، إلى رفع حجم التبادل التجاري بينهما إلى 100 مليار دولار سنويا، في الأعوام القادمة.

ربما سيتم مناقشة إعادة تشغيل نظام السداد بـ (الكروت الروسية مير) مرة أخرى بعد أن توقف منذ ما يقرب من عام مضى، بسبب التهديد بعقوبات اقتصادية ضد تركيا في هذا الصدد وأيضا أن الغرب كان داعما لمنافسي أردوغان في الانتخابات التركية. لأن من حسنات هذا النظام زيادة الأفواج السياحية الروسية الى تركيا عما هي عليه حاليا ورفع مستوى التجارة البينية بينهما.

وللتذكير تتحصل تركيا من روسيا على ما قيمته (ربع وارداتها من الغاز الطبيعي الروسي) بالروبل الروسي للعجز في الدولار الذي تعانيه الدولة التركية وفقا للاتفاق الذي وقع بين البلدين منذ عام تقريبا في نفس المدينة التي سيلتقيا فيها صباحا (سوتشي).

وهذا بدوره يقلل الاعتماد على الدولار، ويحسن من شروط التجارة ما بين البلدين، وهو ما يتفق وما توصل إليه خلال اجتماعات قمة البريكس مؤخرا منذ أقل من أسبوعين في جوهانسبرج جنوب إفريقيا، أي محاولة التخلص من الهيمنة الدولارية ما بين الدول الأعضاء والصديقة.

وفي النهاية – نحن فعلا في نظام عالمي جديد سياسيا واقتصاديا يتشكل امامنا وشرق صاعد بقوة وغرب في حالة يرثى لها..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى