رأى

هزيمة واحدة .. لا تكفي

استمع

بقلم: محمد محسوب السنباطي

سألتني نفسي: لما هو إصرارك على الاستمرار؟ ألم تكتفي بما أصابك من عثرات وانكسارات؟ أنظر حولك جيدا لقد أصبحت نفوس الناس ضيقة ، وغبار الباطل أرتفع عاليًا كاد أنه يغطي ضوء الشمس!. من الأفضل لك أن تستسلم!!!

عادة ما تظهر تلك التساؤلات في الظهور مع كل مرة أفشل بها قي تحفيز نفسي لفعل أي شيء هام، وهو أمر قليل الحدوث بالنسبة إلي، لقد شعرت بالانكسار واليأس والهزيمة ،بدأت أشكك في نفسي، وأتساءل عما إذا كان أي شيء أفعله جديراً بالاهتمام. جلست متسائلاً كيف يمكنني تجاوز هذه الحالة، هل يجب أن أنسى واستسلم؟ هل يجب علي أن أتخلى عن تلك الأفكار فقط لأنني لست جيداً فيه كما كنت أظن؟

حسنًا .. إنني أكتب هذا المقال لكي أخبر نفسي المنهكة أن الانكسار هو الرضا بالانكسار ..أن الهزيمة لا تعني السقوط أو التعثر وإنما تعني الاستمرارية في السقوط والاقتناع أنك قد هزمت، إن الهزيمة هى أن تعيش بداخل دوامة مستمرة من الأخطاء المتكررة المتشابهة، الهزيمة هي أنك لا تتعلم من أخطاء الماضي، هذا ما كنت أفكر فيه، على الأقل لبعض الوقت، لكن كنت أعلم في داخلي أن حالة الاكتئاب البسيطة هذه مؤقتة؛ لذلك بدأت أبحث عن حلول لها تأثير حقيقي في الواقع.

1. صباحا وبدلا من القلق كثيرا على نفسي حاولت أن أفكر في أشخاص آخرين قد أستطيع مساعدتهم، فقد يساعدني ذلك على التخلص من تفكيري الأناني في حالتي، بدأت أفكر فيما قد يحتاجه الآخرون؛ فالسؤال عما إذا كنت جيداً بما يكفي أم لا لم يعد هو السؤال الأساسي؛ بل أصبح السؤال الآن هو ما يحتاجه الآخرون، ومن ثم فإن التفكير في الآخرين بدلا من التفكير في الذات يساعد على التخفيف من مشاعر الإحباط والهزيمة.

2. اكتشفت أن عقلي أصبح مشغول بالعيش في زمان آخر بخلاف الزمن الحاضر الذي أنا فيه، فحاولت أن أعود به من جديد لزماننا الحاضر وقمت بتدريبه على تقبل الحاضر بدلا من مقاومته؛ فقبول الحاضر هو قبول للواقع ، فكر عزيزي القارئ معى ستجد أنك لا تستطيع التحكم بكل ما يحدث لك لكنك تستطيع فقط التحكم بالطريقة التي تستجيب بها لما يحدث، حيث تكمن قوتك في استجابتك، وفي قوتك يكمن وجودك.

3. كان من الصعب هذا الصباح أن أكون شخصا متحمسا منتجا لديه أفكار رائعة؛ في واقع الأمر عندما لا أكون منتجا أشعر بالهزيمة؛ لذا كان الحل هو إدراك وتقبل أنني قد أكون غير منتج في بعض الأوقات؛ أحيانا أكون كذلك، وأحيانا أخرى لا أكون وأنا لست متحمساً دائما في بعض الأوقات أشعر بالكسل، أقتنعت أنه ليس لدي دائما أفكار رائعة وتقبلت تلك الفكرة؛ أصبحت على يقين أنه لا يهم إذا ظن شخص ما أنني لم أقم بعمل جيد؛ لأنني أرتكب الأخطاء، ولست مثاليا ولا بأس بذلك.

4. أنا على يقين أننى أعيش أيام محدودة في هذه الحياة ، لا أعرف كم هو عددها ؛ لكنني أعرف أنه رقم محدود للغاية وإن كان كبير، وأعلم أن كل يوم من تلك الأيام المحدودة هو هدية ونعمة، وأن إهدار هذه الهدية جريمة وقلة تقدير لما أملك من نعم، وهكذا ذكرت نفسي هذا الصباح أن هذا اليوم هام وثمين، وأنني ما زلت بحاجة إلى تحقيق أقصى استفادة منه؛ لكن هذا لا يعني العمل بجد حتى الإرهاق، ولكن يجب أن أفعل شيئاً ذا قيمة.

5. في بعض الأحيان يكون مجرد أخذ قسط من الراحة لاستعادة النشاط هو أمر مفيد؛ لأن القيام بذلك يسمح لك بإعادة تجميع أفكارك والقيام بأشياء أخرى جديرة بالاهتمام، أما مجرد الجلوس والشفقة على الذات فهو أمر غير مفيد أبدا.

6. أيقنت أنني لن أصل أبدا إلى حيث أريد أن أكون بالشكوى من المكان الذي أنا فيه الآن ولا من العقبات التى أواجهها، إن كل خطوة في حياتنا تصل بنا إلى الخطوة التي تليها، والشكوى لا تنفع أن تكون استراتيجية؛ فلدينا جميعا وقت وطاقة محدودان، والوقت الذي نقضيه في الشكوى والنحيب لن يقدم لنا أية فائدة، ولن يجعلنا أكثر سعادة، فإذا وفرت الطاقة التي أهدرها على شكواي واستثمرتها بدلاً من ذلك في حل مشكلتى الحالية، فربما أتفاجئ بالسرعة التي تحسنت بها أحوالى.

7. عندما نشعر بالإحباط والهزيمة عادة ما يكون رد فعلنا الأول هو النظر خارج أنفسنا بحثا عن شخص ما أو شيء ما نلقي عليه اللوم، لكن في الواقع يجب أن ننظر إلى ما نشعر به أولا، وما نفكر فيه، وكيف نخطط للاستجابة، حياتك مسؤوليتك؛ ففي حين لا يمكنك دائماً تغيير ظروفك أو ما هو خارج عن سيطرتك يمكنك بالتأكيد تغيير نظرتك إليه، والشيء الغريب هو أنَّك عندما تغير الطريقة التي تنظر بها إلى الأشياء فإنَّ الأشياء نفسها تتغير؛ ممَّا يمهد الطريق للعمل الإيجابي.

نعم .. ما زلت أفقد حماستي بين الحين والآخر؛ لكنني لست مهزوما، نحن لسنا آلات مشحونة باستمرار وجاهزة لتقديم أفضل أداء، نحن بشر؛ مما يعني أننا نتعثر، ونشكّ، ونشعر بالألم أحيانا؛ لكننا دائما ما نعاود النهوض من عثراتنا كما تنهض العنقاء من الرماد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى