رأى

المملكة 2030.. النفط..الإسلام..كرة القدم..والرد على دبي

استمع

يعود الفضل في هذا التصريح المثير للجدل إلى مستخدم اليوتيوب الروسي الشهير، السيد/ إيليا فارلاموف، الذي أصدر مؤخرًا فيلمًا وثائقيًا ناجحًا للغاية عن المملكة العربية السعودية. لقد حصد هذا الفيلم الوثائقي أكثر من مليون مشاهد على موقع يوتيوب، كما اكتسب نسبة مشاهدة ومتابعة كبيرة عبر القنوات التلفزيونية الروسية – وهذا ما أخبرني به أصدقائي الروس عندما شاهدوني يوم انطلاق الفيلم يوم 21 ديسمبر على احد القنوات الروسية الكبرى وكذلك عبر يوتيوب.

وما يجعل الأمر أكثر إثارة للاهتمام هو أنه أتيحت لي الفرصة للمشاركة في هذا المشروع الناجح كخبير اقتصادي من مصر. في نوفمبر الماضي، تلقيت اتصالاً من مساعدة السيد/ فارالموف الذي استفسر عن اهتمامي بأن أكون جزءًا من هذه التجربة الثرية بناءا على ظهوري القوي والمعلوماتي على شاشة روسيا اليوم الدولية. عند قبول العرض، قدمت أفكاري حول دور النفط في اقتصاد المملكة العربية السعودية. بالإضافة إلى ذلك، سلطت الضوء على الصناديق السيادية السعودية وكيفية استخدام النظام لها، وكذلك ما إذا كانت مصادر الدخل الأخرى تتوافق مع الرؤية السعودية 2030.

عزيزي القارئ، من المهم أن نلاحظ أن الأفلام الوثائقية أصبحت شكلاً قويًا ومؤثرًا من وسائل الإعلام، ويفوق تأثيرها أحيانًا تأثير الأفلام الروائية. إنهم يحصلون الآن على اعتراف دولي من خلال المهرجانات السينمائية المرموقة وقد أثاروا اهتمام الجماهير على مختلف القنوات والمنصات التلفزيونية.

وبالتالي، فقد اجتذب هذا العديد من الرعاة والمنتجين للاستثمار في إنتاج الأفلام الوثائقية. ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان أن يتم التعامل مع الأفلام الوثائقية باعتبارها مشاريع علمية وليس مجرد مساعي فنية. وينبغي أن تتمحور حول سؤال موضوعي مركزي يكون بمثابة الأساس لإثارة المناقشات والمناقشات.

إجابات على الأسئلة التي تناولها المنتج:

أولاً، فيما يتعلق بدور صناعة النفط في الاقتصاد السعودي، فلا يمكن إنكار أن النفط والغاز ومشتقاتهما تساهم بما لا يقل عن 50% من اقتصاد المملكة العربية السعودية، وهي السبب الرئيسي لازدهاره. يصنف العالم الغربي الدول الغنية بالنفط على أنها “اقتصادات ريعية” بسبب اعتمادها الكبير على الموارد الطبيعية. ومع ذلك، فإننا نعتقد أن هذا ليس بالضرورة جانبا سلبيا، إذ تلعب الطاقة دورا حاسما في النمو الاقتصادي والتنمية العالمية، كما أن لها تأثيرا كبيرا في الحروب والصراعات العالمية باعتبارها سلعة استراتيجية. ويتجلى ذلك في موقف روسيا القوي والمهيمن خلال مواجهتها مع حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا. علاوة على ذلك، كان للاتفاق التاريخي الذي أبرمته روسيا مع المملكة العربية السعودية من خلال أوبك بلس قبل خمس سنوات تأثير عميق على العالم أجمع. بالإضافة إلى ذلك، يوفر قطاع النفط في المملكة العربية السعودية فرص عمل لعشرات الآلاف من الأفراد، محليًا ودوليًا.

ثانياً، فيما يتعلق بالصناديق السيادية السعودية، من المهم الإشارة إلى أن هذه الصناديق تأسست منذ حوالي 50 عاماً. لكن في عام 2015، تم تعديل النظام الأساسي لهذه الصناديق ليعين معالي محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيساً لها. وتبلغ القيمة الإجمالية للصناديق السيادية 2.23 تريليون ريال، ويتم استخدامها لتعزيز قطاعات مختلفة من اقتصاد المملكة، بما في ذلك البنية التحتية، والعقارات، والتصنيع، والبحث العلمي، ودعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، تمكين التعليم والشباب والنساء على وجه الخصوص.

ثالثا، بصرف النظر عن النفط، تعتمد المملكة العربية السعودية على مصادر دخل أخرى. ومن المهم تسليط الضوء على أن السياحة في البلاد لا تتمحور فقط حول رحلات الحج الإسلامية ولكنها تشمل أيضًا الأنشطة الترفيهية والترويحية، مثل مهرجان الرياض. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت المملكة العربية السعودية في كرة القدم من خلال توظيف لاعبين محترفين ذوي مهارات عالية للدوري السعودي، الذي اكتسب اعترافًا عالميًا من خلال القنوات السعودية المحلية. علاوة على ذلك، تشارك المملكة العربية السعودية في مشاريع طموحة مثل نيوم، وتستثمر بنشاط في البحث العلمي، الأمر الذي سيحدث نقلة كبيرة في مختلف الجوانب.

وأخيرا، كانت حقا فرصة استثنائية للمشاركة في مناقشة شاملة بشأن الأسس الاقتصادية الأساسية لدولة مجاورة وحليفة مثل المملكة العربية السعودية. ومن الأهمية بمكان أن نعترف بأن المملكة العربية السعودية تحتل مكانة هامة باعتبارها واحدة من أقوى حلفاء مصر. علاوة على ذلك، من الجدير بالذكر أن كلاً من مصر والمملكة العربية السعودية من المقرر أن تصبحا عضوين كاملين في تحالف البريكس بلس بحلول يناير 2024، وبالتالي المساهمة في استقرار النظام العالمي.

تعتبر الأفلام الوثائقية عنصرًا حيويًا في القوة الناعمة، حيث تلعب دورًا محوريًا في نشر المعلومات إلى الجمهور العالمي. عند استخدامه بفعالية وموضوعية، فإن هذا النوع من الوسائط يمكّن الأفراد من اكتساب فهم أعمق لموضوعات أو بلدان محددة.

هذه القضية تحديداً أعادت إلى الأذهان فيلماً وثائقياً أنتجته في إيران بعنوان “السنة في إيران”. من خلال هذا الفيلم الوثائقي، نجحنا في معالجة مسألة ما إذا كان السكان السنة في إيران يواجهون الاضطهاد أم لا. تمتلك الأفلام الوثائقية القدرة على تحدي الصور النمطية وتبديدها من خلال تسليط الضوء على الحقائق الموجودة.

وبالنظر إلى التجربة الإيجابية التي مررت بها مع السيد فارلاموف، فإنني أتطلع إلى الشروع في مشروع مماثل في المستقبل، بشرط أن يكون هناك مشروع مناسب يتناسب مع خبرتي في الاقتصاد والنظام العالمي الجديد والعلاقات الاقتصادية الدولية.

الاسترشاد وفقا لذلك.

أحمد مصطفى

رئيس مركز آسيا للدراسات والترجمة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى