رأى

بين فرنسا ولبنان.. “أمٌ حنون” ؟!

استمع

بقلم: د. حذامى محجوب

تحوّل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى لبنان ، سافر بسرعة البرق دون تفكير او تردد الى بيروت حيث الانفجار الضخم الذي هزّ نصف العاصمة .
حلّ ماكرون في موقع الكارثة قبل اَي شخصية سياسية اخرى.

وقبل ماكرون،  زار لبنان العديد من الرؤساء الفرنسيين بما يعكس تاريخا ثريا من الروابط و العلاقات العميقة بين البلدين.

“لبنان ليس وحدك ” هذا رد الفعل الاول والسريع لإيمانويل ماكرون. فور الانفجار المزدوج الذي عصف بالمرفا و بجزء من العاصمة اللبنانية.

عبّر الرئيس الفرنسي على موقع ” تويتر ” عن تعاطفه مع الضحايا ، أعلن مساعدة عاجلة من قبل بلاده ، قائلا : “فرنسا تقف إلى جانب لبنان دائما ، سيتم نقل المساعدات الفرنسية الى لبنان “.

بعض المسؤولين الفرنسيبن مثل وزير الخارجية ” جان إيف لودريان ” ، لا يتردد في وصف لبنان بأنه “أكثر من بلد صديق ، انه وطن شقيق “.

* علاقة تاريخية

في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، انهارت الإمبراطورية العثمانية ، ليتم إعلان قيام عدة دول جديدة على أنقاضها بما في ذلك لبنان .

  • سنة 1920 حصلت فرنسا على “تفويض” من قبل عصبة الأمم ، التي سبقت الأمم المتحدة اَي بمعنى آخر ، أصبحت لبنان محمية فرنسية ، مثل سوريا.
    استقرت الجيوش الفرنسية في المنطقة.

اقام الجنرال شارل ديغول هناك بين سنتي 1929 و 1931.

سنة 1941 ، عاشت فرنسا فترة صعبة و عسيرة من تاريخها الحديث ، عندما قاتل الفرنسيون بعضهم البعض.

خلال الحرب العالمية الثانية، كانت منطقة الشرق الأدنى بأكملها محلّ اطماع الدّول الاستعمارية. لم يكن لبنان استثناءا ، بقي بين أيدي حكومة فيشي ، لكن فرنسا الحرة للجنرال ديغول كان لها راي و موقف آخر، كانت تريد استعادة هذه المنطقة ذات الموقع الإستراتيجي المهمّ . لم تكن هنالك من طريق اخرى لتحقيق ذلك غير استعمال القوة.

لكن لبنان فاز باستقلاله سنة 1943 ، منذ ذلك التاريخ، ضعفت العلاقة بين فرنسا ومحميتها سوريا، لكنها اختلفت مع لبنان.

لا تزال العلاقات بين البلدين ، الحضارية و الثقافية والسياسية والإنسانية ، قوية للغاية. اذ توجد بفرنسا جالية لبنانية كبيرة يقدر عدد افرادها بأكثر من 35 ألف مقيم.

* رؤساء في لبنان

قبل إيمانويل ماكرون ، الذي كان أول رئيس دولة أجنبي يزور بيروت الخميس الماضي ، بعد يومين فقط من التفجيرات التي دمرت المدينة ، كان قبله توجه عدد من رؤساء الدولة الفرنسية إلى لبنان بعد هجمات أو أزمات قاتلة عرفها بلد الارز.

في كل مرة تحصل محنة في لبنان الا و يسارع رئيس فرنسي الى زيارته.أ ول زيارة منذ استقلال البلاد تمّت سنة 1943 .

زيارة فرانسوا ميتران إلى لبنان في 23 أكتوبر 1983، في الساعات التي أعقبت الهجوم الانتحاري على “دراكار” ، مقر الكتيبة الفرنسية للقوة المتعددة الجنسيات ، الذي خلّف مقتل 58 مظليًا فرنسيًا.

في لبنان، بقيت فرنسا وستبقى وفية لتاريخها والتزاماتها “. الغرض من هذه الزيارة الخاطفة: تكريم الضحايا والتعبير عن التضامن مع جنود القوة المتعددة الجنسيات.

في 16 فبراير 2005 ، قام جاك شيراك بزيارة خاصة للبنان استمرت قرابة ثماني ساعات لتقديم تعازيه لأسرة رئيس الوزراء اللبناني الاسبق ، صديقه الشخصي رفيق الحريري ، الذي اغتيل قبل يومين من موعد زيارته في هجوم إرهابي احدث انفجارا ضخما بوسط العاصمة.

في يونيو 2008 ، جاء دور نيكولا ساركوزي للقيام بزيارة قصيرة إلى بيروت ، حيث دعا اللبنانيين إلى المصالحة والحوار بعد أزمة سياسية بين الأغلبية المناهضة لسوريا والمدعومة من قبل الدول الغربية والمعارضة التي يقودها حزب الله ، ازمة تحولت إلى أعمال عنف مميتة في شهر مايو من نفس السنة.

بالإضافة إلى لقاء مع الرئيس ميشال سليمان ، التقى نيكولا ساركوزي أيضًا بزعماء 14 حزباً لبنانياً ، بما في ذلك حزب الله.

الزيارة الأخيرة قبل زيارة ماكرون ، في أبريل 2016 ، قام فرانسوا هولاند بـ “زيارة عمل” ، حيث أشاد بـ “التضامن الاستثنائي” للبنانيين تجاه اللاجئين السوريين الذين فروا من الصراع الدموي في بلادهم منذ سنة 2011.

زار هولاند مخيما للاجئين السوريين وتعهد بدفع “100 مليون يورو على مدى السنوات الثلاث ” لمساعدة لبنان على مواجهة تدفق اللاجئين.

لهذا لا غرابة اليوم ان يستدير بعض اللبنانيين إلى “الأم الحنون” وهو لقب اعطي لفرنسا، التي أعلنت قيام كانت “لبنان الكبير” منذ نحو قرن من الزمن.

الم يُقل انّ : ” التاريخ ليس ما تصنعه الصدف و لا مكائد الاستعمار، لكن ما تصنعه الشعوب ذاتها في أوطانها “.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى