رأىسلايدر

أوروبا إلى أين ..؟

استمع

بقلم- المصطفى العسري

كاتب وصحفي مغربي

من يتابع ما يجري في أوروبا اليوم.. يتأكد أن ذلك ليس طبيعيا .. وانه نتيجة مخططات/مؤامرات أجنبية في حق القارة العجوز التي كانت أولى حلقاتها الدفع بالأحزاب اليمينية المتشددة إلى الواجهة، والتخلي عن الأحزاب التقليدية التي كانت أبرز إنجازاتها، تحقيق الوحدة الأوربية، وتجاوز تبعات الحرب العالمية الثانية، وما تلاها من حرب باردة على الصعد الاقتصادية والسياسية .. وكذا العسكرية/الأمنية..
من صور هذا الوضع:
01- الصدامات العنيفة التي وصلت إلى باريس ثاني اقوى العواصم الأوربية بعد برلين.. والتي تشبه ما شهدته سابقا العاصمة اليونانية أثينا (العاصمة الأرثوذكسية الوحيدة في الاتحاد الاوربي) خلال أزمتها الاقتصادية..
02- انبعاث الروح القومية الانفصالية التي توجت بنجاح استفتاء انفصال بريطانيا عن باقي الاتحاد الأوربي.. وباستفتاء انفصال كتالونية عن اسبانيا..
03- المفاوضات الأوربية- البريطانية حول (البريكسيت) والتي لم تأخذ بعين الاعتبار المواقف والمطالب الاسبانية بشأن مقاطعة جبل طارق..
04- صياغة الحكومة الشعبوية في ايطاليا، لميزانيتها المقبلة دون الاستجابة للسقف الموضوع من قبل الاتحاد الأوربي..
05- ازدياد التهديدات الخارجية للاتحاد، خاصة بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم الأوكرانية سابقا، وارتفاع حدة المطالب الأمريكية ، بشأن تمويل حلف شمال الأطلسي..
06- معاناة أوربا حاليا من قنابل موقوتة وضعت بين أقدامها، والممثلة أولا في عودة الجهاديين من بؤر النزاع في الشرق الأوسط(العراق،سورية) وهو ما ترجم في الهجمات الإرهابية في باريس ونيس وبروكسيل وبرشلونة.. وثانيا قوافل المهاجرين التي باتت تهدد النسيج الاجتماعي للبلدان الأوربية القوية قبل الضعيفة منها .. وفي مقدمتها ألمانيا، وهو ما ترجم قبل سنوات في العملية الإرهابية التي قادها اليميني النرويجي المتطرف “اندرس بهرنغ بريفيك”، في العاصمة أوسلو والجزيرة المجاورة لها (أوتايا) في 22 يوليو 2011 ..
كل هذا يجعل ما يجري في أوربا تحت المجهر .. خاصة أن ما يحدث.. يصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية التي يجب أن تبقى الملاذ الأخير للأوربيين خلال ضعفهم..
وكذا في مصلحة الصهيونية العالمية بالنظر إلى ارتفاع الأصوات الأوربية الداعية إلى الاعتراف بدولة فلسطين قبل أي حل نهائي، وهو ما يتمثل في الاعتراف الفعلي لبلدان السويد وبلغاريا ورومانيا وبولندا ومالطا بدولة فلسطين.. وهو دعوات الاعتراف الصادرة عن برلمانات فرنسا وإسبانيا وبريطانيا والبرتغال وإيرلندا ..
دون إغفال روسيا التي ترغب في تحييد أوربا من صراعها الأبدي مع الولايات المتحدة الأمريكية.. وهو ما لن يتحقق إلا بانشغال أوروبا بأوضاعها الداخلية ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى