رئيس التحرير

لمن له ظل.. هكذا أضحت إيران !

استمع

أشرف أبو عريف

ثمانية  و ثلاثون عاما، عمر الثورة الاسلامية الايرانية بقيادة الامام الخميني رحمه الله، حين قاد هذا الرجل الكبير ملايين الشباب و النخب الايرانية بوجه ديكتاتور وقفت في ظهره أمريكا بكل ما أوتيت من قوة للحفاظ عليه.. الا أنه هوى. ثمانية و ثلاثون عاما، حافظ الشعب الايراني على ثورة كانت أشبه بالمعجزة من حيث الزمان و المكان، في ظل حصار لم يمنع الجمهورية الاسلامية الفتية أن تتقدم و تتطور لتصبح الدولة الاقليمية الأقوى باعتراف أعدائها.

لم تكن الظروف التي أحاطت بالثورة الايرانية طبيعية و بالحسابات المادية لم يكن لهذه الثورة أمل بالحياة، الا أن وعي القيادة الحكيمة المتمثلة بالامام الخميني قدس سره آن ذاك و تصميم الشعب المؤمن الذي ضاق ذرعا بالاضطهاد جعل الثورة تنتصر، و تصمد في حرب ثمان سنوات غير متكافئة مع العراق و حروبها غير المعلنة مع كافة قوى الاستكبار في العالم حتى يومنا هذا.

 في أوج القطبية الثنائية المتمثلة بالاتحاد السوفياتي السابق و أمريكا، أطلق الامام الخميني شعار “لا شرقية و لا غربية”، فكانت المنهاج و الحجر الأساس للسياسة الايرانية خارجيا و داخليا، أن شعار “لا شرقية ولا غربية” قد تجسد وتحقق في الجمهورية الاسلامية، وايران اليوم لم ولن تعتمد لا على الشرق ولا على الغرب، وهي تواجه جميع الافكار غير الاسلامية في العمل السياسي، وهكذا تكون الثورة الاسلامية قد أسست حكومة لا مثيل لها مقارنة بباقي الحكومات في العالم.

تصرفت الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ نشأتها حسب ما يملي عليها الشرع الاسلامي و البعد العقائدي بعيدا عن المصالح الانية لايمانها بالثوابت التي تمشي عليها. فعلى سبيل المثال:

  1. قام الشباب الثوري باحتلال السفارة الامريكية والتي سماها بوكر التجسس فقطعت امريكا علاقاتها مع الثورة الاسلامية وحينها سمّی الامام الخميني هذا الأمر بالثورة الثانية.
  2. قطعت ايران  كافة العلاقات الدبلوماسية والسياسية مع العدو الصهيوني.
  3. طردت السفير الصهيوني وطاقمه فوراً.
  4. حولت السفارة الإسرائيلية إلى سفارة فلسطينية، وهي الأولى في العالم.
  5. قطعت النفط والغاز عن الكيان الصهيوني ولو بالسعر العالمي.
  6. دعمت المقاومة الفلسطينية منذ ذاك الوقت وحتى تاريخنا بكل أشكال الدعم المادي والعسكري واللوجستي، وبكل فصائلها و أطيافها وأجازت عبر مراجعها دفع أموال الزكاة والخمس لتلك الفصائل. “وهذا دليل على أن هذا الدعم ديني وليس سياسي”.
  7. خصصت اخر جمعة من شهر رمضان المبارك لتحرير مسجد الاقصى ايمانا منها بتحرير فلسطين على يد المسلمين المؤمنين حيث يخرج الايرانيون و المسلمون في کل أنحاء العالم في اخر جمعة من شهر رمضان ينادون بتحرير فلسطين من الاحتلال وبدات هذه الحركة الثورية تعم جميع العالم حيث بدأ المسلمون في كل البلدان الاسلامية يشاركون الايرانيين في مسياراتهم المليونية.

وقامت الدنيا ولم تقعد، وبدأت الحرب على إيران من عسكرية إلى دبلوماسية إلى اقتصادية إلى تقنية. وشارك العرب إلا القليل منهم في تلك الحروب وبحقد كبير وضغينة. وسعى الغرب والصهيونية وممالك وإمارات المال العربي إلى إسقاط النظام الإسلامي في إيران. وبدأ النفث بالمذهبية والشعوبية وأن إيران تريد أن تسيطر على الخليج الفارسي  وأن تضع يدها على القضية الفلسطينية و …

وتحملت إيران كل ذلك بصبر وصلابة وتماسك وثبات على المبادئ التي طرحتها منذ بداية الثورة وحتى تاريخنا هذا، هي العقيدة السياسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، ولو كانت الأمور بمنظار أن الوصول للسلطة هو الأولوية وأن الحفاظ على السلطة هو الأولوية لاستطاعت إيران وما تزال بمقدورها ساعة تشاء أن تقايض دعمها للمقاومة في فلسطين بمئات القنابل النووية وبالسيطرة التامة على الخليج الفارسي  وممالكه وإماراته بل وعلى الشرق الأوسط كله، وتصبح هي السيدة المطاعة، لكن بأي ثمن؟ ثمن أن تكون عبدا للإدارة الأمريكية – الصهيونية.

وقوف العالم في الجبهة المعادية لايران لم يمنعها من التطور على كافة المستويات، فاستطاعت ايران على رغم الحظر المفروض عليها و الذي يحول دون وصول المعدات اللازمة للبحوث و التصنيع لداخل ايران، بجهود النخب العلمية المحلية أن تنهض بالوضع القائم و تحقق انجازات تاريخية فباتت تنافس في الكثير من المجالات دولا كبرى و متطورة و احتلت بذلك مراتب مشرفة في مجالات  شتى على سبيل المثال:

  1. تعتبر ايران من بين الدول الثمانية الأكثر تطورا في التقنية النووية
  2. ايران من بين الدول الثمانية القادرة على صناعة صواريخ يفوق مداها 2000 كلم شهاب 3، قاهر، سجيل و وغيرها
  3. حازت ايران على المرتبة التاسعة بين البلدان المتطورة في مجال علم النانو.
  4. حازت المرتبة الثانية في زراعة الخلايا الجذعية.
  5. كسبت المرتبة العالمية الأولى في سرعة التقدم العلمي و التقني في العالم.
  6. الدخول في عداد القوى البحرية السبعة القادرة على تصنيع و تصميم سفن عابرة للمحيطات ؟
  7. حصدت المرتبة العالمية الأولى في اجتثاث أنواع الأمراض المعدية .

وغيرها الكثير من الانجازات المتنوعة التي جاءت نتيجة جهود حثيثة و تصميم على الوصول و تحقيق الانجازات لرفع مستوى الجمهورية الاسلامية على كافة الأصعدة.

كما حافظت ايران على ثبات اقتصادها و تحصينه عبر سياسات اتبعتها الحكومات المتعاقبة لمواجهة الحصار، فكان الاقتصاد المقاوم الذي دعا اليه الامام الخامنئي في أكثر من مناسبة، نموذجا  يحتذى به في الصمود و الثبات، حيث حول التهديدات الى فرص.

منذ انتصار الثورة أطلق الامام الخميني شعارا واضحا ما زال حتى الان، بأنه أينما كان هناك مظلوم يستغيث يجب أن نلبي ندائه، و بعد أكثر من ثلاثين عاما، يبقى هذا الشعار كقانون ساري المفعول. فدعم ايران الاقتصادي و المالي و العسكري و الأمني و غيره كان واضحا في فلسطين و لبنان و العراق و سوريا و البوسنة وأفغانستان و غيرها، دون التمييز بين شيعي و سني أو أبيض و أسود. و قد دفعت ايران لقاء هذه المساعدات أثمانا كبيرة صبت في سبيل رفع الظلم عن شعوب المنطقة دون مقابل مادي أو حسابات دنيوية.

قرأ الغرب و معه أمريكا الرسالة جيدا، ايران أصبحت اللاعب الأقوى اقليميا و لا يمكن تجاهل دورها، في مفاصل السياسة الاقليمية للمنطقة و اقتنع كذلك بعدم جدوى الحصار المفروض عليها حيث حولته عبر الاقتصاد المقاوم من تهديد الى فرصة، و ما المفاوضات الأخيرة حول البرنامج النووي الا دليل على ذلك حيث اجتمع العالم كله و لم يستطع ان يثني الارادة الايرانية لتتخلى عن حقها النووي مقابل أي ثمن.

لايران كما لأمريكا و غيرها من الدول الكبرى، مشروعها في المنطقة، انه مشروع اقامة دولة اسلامية جامعة، و طرد كل أعداء الأمة من بلادنا، حتى تحرير فلسطين من رجس اليهود، و حتى ذلك الحين موعد عسى أن لا يكون بعيد..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى