رأى

الى حكومة بريطانيا مع لعنات التاريخ

استمع

بقلم : حميد حلمي زادة

 عبّرت تصريحات رئيسة وزراء بريطانيا “تيريزا ماي”  في اجتماع ” المنامة ” لدول مجلس التعاون عن مواقف هزيلة لايمكن وضعها إلا في خانة الإستخفاف بالقوانين الدولية والأمن العالمي وحقوق الإنسان ، والتملص من مسؤولية انتاج ” لندن ” للإرهاب التكفيري ودعمه ، وهي استمرار للغة الوصاية الإستعمارية على البلدان العربية البترولية في منطقة الخليج الفارسي.

 من الواضح  ان “ماي ” ، لم تكن لتتجرأ على اطلاق وقاحاتها واكاذيبها وتزييفها للحقائق يوم الأربعاء 7 ديسمبر 2016، لو لم تكن واثقة بأنها تتحدث في “مجتمع دولي” يتعامى عن مثل هذا النوع من الخطاب الغربي الملغوم الراعي للجرائم الارهابية التفخيخية والتدميرية التكفيرية في الشرق الاوسط والمنطقة العربية ، والداعم للأنظمة القبلية القمعية في الخليج الفارسي ، وذلك للأسباب الآتية:

  ـ  انّ مشاركة “تيريزا ماي” في قمة دول مجلس التعاون الخليجي في المنامة أكدت بلا شك ، على ان بريطانيا ضالعة في قمع تطلعات الشعب البحريني الذي يواصل ثورته وتضحياته وصموده احتجاجا على الدكتاتورية الخليفية الدموية والإحتلال السعودي الطائفي منذ شباط 2011  وحتى وقتنا الحاضر ، وقد زف الكثير من ابنائه الخيرين  شهداء للدفاع عن الحقوق والعدالة والديمقراطية والدستور والمواطنة الناجزة ، فضلا عن تقديمه المئات الآخرين جرحى ومعوقين وسجناء وهم من أشرف ابناء هذا الوطن المضطهد المليء بالقواعد العسكرية ومقرات الاستخبارات البريطانية والاميركية والاسرائيلية.

ـ من المضحك والسخيف معا ان رئيسة حكومة بريطانيا  تحدثت في المنامة ، وكأنها ما فتئت ” صاحبة الحل والعقد ” في منطقة الخليج الفارسي ، متناسية ان عهد الاستعمار لم ينته فحسب ، بل انه سيلاحق القوى الغازية سيما انجلترا ، بتبعاته الباهظة ، حتى تذوق وبال امرها وتسدد ثمن تمزيقها للأمة الاسلامية وسرقاتها لثرواتها وخيراتها ، وزرعها للكيان الصهيوني القاتل في قلب العالم الاسلامي وتشريدها ملايين الشعب الفلسطيني اصحاب الوطن والمقدسات في ارض الاسراء والمعراج الى المنافي والشتات.

ـ يحاول زعماء النفط العرب الخليجيون ومعهم المسؤولة البريطانية “ماي” (عبثاً)  التملص من اوزار انتاج الجماعات المسلحة التكفيرية ومساندتها بالاموال والاسلحة والاعلام والمعلومات الجاسوسية في العراق وسوريا وليبيا ومصر . انهم يعتقدون بان التصريحات الزائفة التي لا تتطابق ابدا مع المفضوح والملموس من ممارساتهم وتحركاتهم الراعية لداعش والقاعدة وطالبان والإرهابيين الدمويين الاخرين ، قادرة على اسدال الستار على مسؤولياتهم الخطيرة او التغطية على آثامهم الكبرى في اغراق العالم الاسلامي بالدماء والتدمير والحروب الطائفية المحرقة.  

في هذا المجال لم يتردد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في تصريح تلفزيوني لقناة الـ (بي بي سي ) البريطانية  يوم الجمعة 9 ديسمبر 2016 عن (إدانة دعم اميركا وبريطانيا للإرهاب ـ قائلا ـ انهما صنعتا القاعدة وداعش وامدتهما بالأسلحة بأموال خليجية). 

 

ـ لقد ارتكبت رئيسة الحكومية البريطانية خطأ استراتيجيا فادحا عندما ردّدت من جديد معزوفة  ” الخطر الايراني ” على دول الخليج الفارسي والشرق الاوسط الكبير وهي ” البروباغندا الشهيرة” ، لاشاعة الخوف والهواجس بين ابناء الدين الواحد والمصير المشترك.  

واقع الأمر إننا ومعنا الشعوب الاسلامية والعربية واحرار العالم خبراء بسلوكيات بريطانيا واميركا والغرب المتصهين  وسياساتها الغادرة ومخططاتها التوسعية ، والتي بلغت ذروتها عقب تفعيل ما سمي بـ ” نظرية الفوضى الخلاقة ” تحقيقا لمشروع الشرق الاوسط الكبير، وذلك في ضوء ما عصفت بالمنطقة من مذابح كبرى وابادات جماعية ضخمة وتشريد للملايين من ابناء الامة ، وهي جرائم لا إنسانية بشعة  قامت الانظمة القبلية البترولية وعلى راسها السعودية وقطر والبحرين بتمويلها و مساندتها في جميع الابعاد والمحافل في اعقاب سقوط الطاغية صدام التكريتي ، ونتيجة لتغيّر خارطة العملية السياسية الجديدة في ارض الرافدين لصالح عموم الشعب العراقي وبالضد من السياسات الشوفينية والطائفية التي سادت في ما مضى.

من الثابت ان تصريحات “تيريزا ماي ” هي عديمة المصداقية شأن بريطانيا التي جرّت الفقر والفرقة والارهاب والاحتراب الى العرب والمسلمين منذ الحرب العالمية الاولى وحتى يومنا هذا . فهي التي زرعت “اسرائيل” في فلسطين . وجاءت بآل سعود العملاء الى الحكم في بلاد الحرمين الشريفين ، وحوّلت البلدان العربية الخليجية الى محميات وقواعد عسكرية ، وقادت الانقلابات الدامية في دول المنطقة مثل ايران والعراق لفائدة شركات النفط الاحتكارية ، وكانت صاحبة الفضل في تسليط نظام البعث الدموي في بغداد مدة 35 عاما ،  ليوفّر بممارسته المروعة ذريعة عملية غزوالكويت عام 1990 وتحطيم العراق واحتلاله من جديد عام 2003 بواسطة اميركا وبريطانيا والحلف الاطلسي وبدعم من آل سعود وحلفائهم . 

صفوة القول: ان بريطانيا وحكومتها هي آخر من يحق له التحدث عن الخطر على الأمن والاستقرار الإقليميين ، لأنها ـ ببساطة ـ المسبب الحقيقي للأزمات والخلافات والتفرقة وانتشار المجموعات الأرهابية في المنطقة منذ نشوء العصابات الصهيونية في فلسطين حتى داعش في العراق وسوريا واليمن وليبيا .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى