سلايدر

ننشر كلمة أبو الغيط فى اجتماع الدورة الـ (47) للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك

استمع

 

أشرف أبو عريف

 القى السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، كلمة أمام اجتماع الدورة الـ (47) للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك بجدة.. جاءت على النحو التالى:

السيدات والسادة الحضور الكريم،

يسعدني أن أرحب بكم في اجتماع الدورة الــ(47) للجنة التنسيق العليا للعمل العربي المشترك، والتي تنعقد للمرة الثانية بمقر المنظمة العربية للسياحة في جدة بالمملكة العربية السعودية، واسمحوا لي أن أنتهز هذه المناسبة لأتوجه بجزيل الشكر لكلٍ من صاحب السمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الرئيس الفخري للمنظمة العربية للسياحة ورئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بالمملكة العربية السعودية، والدكتور بندر بن فهد آل فهيد رئيس المنظمة على استضافتهما لأعمال هذا الاجتماع وتقديم التسهيلات اللازمة لإنجاحه.

والحق يقال أن توقيت انعقاد اللجنة هذا العام يأتي في مرحلة دقيقة وحساسة يمر بها الوطن العربي تمثل علامة فارقة فى تاريخه الطويل الممتد. فالمنطقة العربية، ولأسباب عديدة لا مجال للخوض فيها هنا، شهدت تراجعاً، بل تدهوراً ملموساً، في العديد من المجالات والقطاعات الحيوية خلال السنوات الأخيرة، وهو الأمر الذي يحتم علينا العمل بشكل جاد وقوى من أجل تعزيز التضافر والتكاتف بين مؤسسات العمل العربي وتدعيم الثقة في منظومة العمل العربي بشكل عام من أجل ضمان تجاوز التحديات والأخطار والتهديدات المحرقة بأمتنا العربية والانطلاق نحو آفاق جديدة أكثر استقراراً وأمناً وازدهاراً.

ومما لا شك فيه، أن مؤسسات ومنظمات العمل العربي المشترك، وعلى الرغم من زخم أنشطتها، تحتاج بشكل ملح إلى المزيد من التطوير لآليات عملها حتى تتمكن من مواجهة التحديات القائمة، وخاصة التحديات التنموية، وأقدر أن تحقيق التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة والمتنوعة والمتداخلة، وعلى رأسها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، هي السبيل الحقيقى للوصول إلى الأمن والاستقرار فى المجتمعات والدول العربية. وقد أكدت التجارب المختلفة، بما فيها التجارب العربية الناجحة والواعدة، بأن تحقيق التنمية والازدهار الاقتصادي والاجتماعي يزيد من مناعة المجتمعات ويحصنها إلى حد كبير من أخطار وتهديدات الإرهاب والتطرف والفوضى.

من هنا جاءت المبادرة بإدراج موضوع “دور منظمات العمل العربي المشترك في تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية” كمحور رئيسي لأعمال الدورة الحالية للجنة التنسيق العليا. فعلى مدار السنوات الأخيرة وجدنا العالم كله، شرقه وغربه، يعيد التفكير والتمحيص في النموذج التنموي الأمثل، حيث رأينا أن البحث في هذا الأمر صار عنواناً للكثير من الندوات الأكاديمية والمناقشات الفكرية والمجادلات السياسية، حتى تمخض عن الزخم الدولي توافقُ على مجموعة من الأهداف والغايات المترابطة تمثل فى مجملها أجندة أهداف التنمية المستدامة 2030.

السيدات والسادة،

إن مؤسسات العمل العربي المشترك تمثل رقماً هاماً في معادلة تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي، فتلك المؤسسات تقوم في واقع الأمر بدور محوري وهام في كافة المجالات ذات الصلات المباشرة باحتياجات وألويات المواطن العربي. فهي الأذرع الفنية والمهنية وبيوت الخبرة العربية التي تقدم التوصيات الفنية المتخصصة، كل فى مجاله، وهى تطلق المبادرات وتدعم وتنسق الروابط بين أعضائها، وتوفر البيانات والدراسات والبحوث اللازمة لبناء القدرات، وتعقد المؤتمرات والندوات وغيرها من الفعاليات التي تسهم في إثراء العمل العربي المشترك بالأفكار والمبادرات الخلاقة، وهي أيضاً التي تقدم المشورة والخبرة والنصيحة في شتى القضايا والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. إلا أنه وللأسف فإن حجم هذا الدور الكبير والهام لا يتناسب مع المردود الذى تحصل عليه.

إنني أعلم تماماً حجم الصعوبات والمشكلات التي تواجه منظومة العمل العربي المشترك، والتى أقصد بها بالطبع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والمجالس الوزارية المتخصصة، والمنظمات العربية المتخصصة، والاتحادات العربية، ومؤسسات المجتمع المدني، والأطر الخاصة بمجموعة كبيرة من الاتفاقيات والبروتوكولات والقرارات ذات الصلة التي تصدر عن هذه المنظومة. وبالتأكيد فإن المرحلة الحالية  تقتضي إزكاء منظومة العمل العربي المشترك بروح جديدة تتسم بمزيد من الإبداع والفكر الخلاق والتجديد والحيوية. فعناصر هذه المنظومة تمتلك بالفعل من الإمكانيات والقدرات ما يؤهلها للنجاح والاستمرارية، غير أن هذا يحتاج إلى تبني نموذجاً فعالاً نعيد من خلاله ترتيب العلاقة بين مكونات منظومة العمل العربي المشترك بالشكل الذي يلائم ظروفنا ويلبي حاجاتنا ولا يخاصم في الوقت ذاته المستجدات والتحديات التي تستدعيها متطلبات العصر الحالي، وهو ما لن يتحقق إلا بالتفكير خارج دائرة الأفكار التقليدية والنمطية، وبإعادة التفكير بشكل جدى في كيفية الارتقاء بشبكة التنسيق والتفاعل بين مكونات منظومة العمل العربي المشترك على المستوى الاستراتيجي، وبتحسين آليات تبادل وتدفق المعلومات والبيانات بين هذه المكونات، فضلاً عن مراجعة خطط واستراتيجيات تلك المكونات بطريقة شفافة وعملية وموضوعية لضمان عدم الازدواجية في عملها، والنظر في تكوين مجموعات وبرامج عمل مشتركة تضمن التكامل بين عمل المؤسسات بدلاً من إهدار الجهد والأموال في أنشطة مكررة أو متشابهة.

السيدات والسادة،

لدى إيمان راسخ وعميق بحتمية تطوير وتفعيل منظومة العمل العربي المشترك وآلياتها، فى ضوء التغيرات والتحولات الواسعة التى تشهدها المجتمعات العربية، ومن بينها زيادة معدلات الفقر والبطالة، وتنامي التحديات المرتبطة بالصحة والتعليم والتجارة والسياحة، بالإضافة إلى مشكلات الأمن الغذائي والأمن المائي، وغيرها من التحديات التي تواجهها دول منطقتنا العربية.

من هنا أتطلع إلى أن يخلص نقاشنا اليوم إلى بلورة مبادرات وإسهامات معتبرة وبناءة تكون لها قيمتها المضافة فى تعزيز فاعلية العمل العربي المشترك وتكامله، وأدعو فى هذا الإطار السادة أعضاء اللجنة لعقد اجتماع آخر مع نهاية هذا العام لمواصلة النقاش حول كيفية تطوير عمل اللجنة كآلية رئيسية وأساسية للتعاون والتنسيق فيما بين المنظمات ومؤسسات العمل العربي المشترك وبين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.

ختاماً، لا يفوتني الإعراب مجدداً عن الشكر والتقدير للمنظمة العربية للسياحة على استضافة هذا الاجتماع الهام، ولكل من ساهم فى الإعداد والتحضير لأعماله التى أتمنى لها كل التوفيق والنجاح والسداد.

وشكــــــــــراً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى